حاورته (رنا عيتاني)
أكّد رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط لـ"أيوب" أنّه لا يمكن للمشروع الصفوي الإيراني أن يخترق الساحة الإسلامية السنّية. هناك بعض الأفراد أو المجموعات تتماهى مع المشروع الإيراني بحجة أو بتوهم أنّ هذا المشروع الإيراني سيحرر فلسطين؛ الحقيقة أنّ من يحرر فلسطين هم أبناء فلسطين مسلمين ومسيحيين. وهذه المجموعات التي تتماهى مع المشروع الإيراني تمثل نفسها؛ وبالتأكيد لا تمثل الرأي العام الإسلامي السُنّي في لبنان.
كلام القاضي عريمط جاء في حوار خاص مع "أيوب" حيث قال عن زيارة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتي المناطق اللبنانية إلى مكة المكرمة أنّها:
"أولاً: دعوة رسمية كريمة لتأدية مناسك العمرة وزيارة المدينة المنورة للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: تندرج ضمن إطار العلاقات الأخوية بين لبنان والمملكة العربية السعودية بصورة عامة، وبين دار الفتوى وعلاقتها التاريخية مع المملكة العربية السعودية وقيادتها سواء كان ذلك اللقاء مع كبار المسؤولين، أو مع المؤسسات الإسلامية العاملة كدار الإفتاء والدعوة والإرشاد والبحوث العلمية، وهيئة كبار العلماء، وكوزارة الشؤون الإسلامية، ووزارة الحج، ورابطة العالم الإسلامي والمجمّع الفقهي وغيرها. وقال: "هذه الزيارة المباركة تأتي ضمن هذه العلاقة الأخوية التاريخية بين لبنان والمملكة العربية السعودية بصورة عامة، ودار الفتوى والمؤسسات الدينية الإسلامية العاملة في المملكة العربية السعودية بصورة خاصة. وهذه العلاقة محتضنة دائماً من خادم الحرمين الشريفين ومن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان".
وتابع: "كان اللقاء بين سماحة المفتي والوفد المرافق له مع وزير الشؤون الإسلامية معالي الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ، ودياً وأخوياً كالعادة حيث جرى التباحث في القضايا والشؤون الإسلامية والوطنية التي تهم لبنان وشعبه وتساعد على النهوض بلبنان الدولة ومؤسساتها، والتي عودتنا دائماً المملكة العربية السعودية وقيادتها بأنها تحتضن الشعب اللبناني وتدعم لبنان الدولة والمؤسسات والشعب، ثم كانت بعد ذلك مشاركة فاعلة من سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بمؤتمر وزارء الأوقاف والشؤون الاسلامية المنعقد بمكة المكرمة".
وعن موقف سماحة المفتي دريان خلال مشاركته في المؤتمر التاسع لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية بدول العالم الإسلامي في مكة المكرمة حين قال: "سُنّة لبنان لا يخضعون للاستتباع أو للاختراق". قال القاضي عريمط: "صحيح تماماً كلام سماحة مفتي الجمهورية أنّ المسلمين السُنّة في لبنان كانوا ولا زالوا وسيبقون الركن الأساسي في بناء لبنان العربي القوي والنهوض به. والقيادات الإسلامية التاريخية هي التي نهضت بلبنان بالتوافق والتعاون مع شركائنا في الوطن أي المسيحيين، من الرئيس الشهيد رياض الصلح إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما بينهما من الرليس الشهيد رشيد كرامي والرؤوساء صائب سلام وتقي الدين الصلح وسليم الحص ومن جاء بعدهما من سعد الحريري وفؤاد السنيوره وتمام سلام الى الرئيس نجيب ميقاتي؛ ومرجعيتهم الدينية الكبرى المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد. كل هذه القيادات الاسلامية كانت حريصة جداً على تنمية العلاقات اللبنانية السعودية، واللبنانية العربية؛ ولذلك أقول تأكيداً لكلام سماحة مفتي الجمهورية أنّ المسلمين السُنّة تاريخياً هم الاصلاء الأقحاح كبقية اللبنانيين الحريصين على لبنان وحريته وعروبته وسيادته، ولا يمكن للمشروع الصفوي الايراني أن يخترق خاصة الساحة الاسلامية السنّية. هذا لا يعني أنّه لا يوجد هناك بعض الافراد أو المجموعات القليلة التي تتماهى مع المشروع الايراني بحجة أو بتوهم أنّ هذا المشروع الايراني سيحرّر فلسطين وقدسها. الحقيقة الاكيده أنّ من سيحرّر فلسطين هم أبناء فلسطين مسلمين ومسيحيين معاً وجنباً الى جنب. المسيحيون تاريخياً شاركوا بتحرير فلسطين مع القائد المؤمن صلاح الدين الايوبي؛ والعرب بمسلميهم ومسيحييهم سيشاركون بتحرير فلسطين واقامة الدولة الفلسطينية العربية الحره وعاصمتها القدس الشريف، بمساجدها وكنائسها. هذه المجموعات التي تتماهى مع المشروع الايراني بالتأكيد هي لا تمثل الرأي العام الاسلامي السُنّي في لبنان، وإنما تمثل نفسها، ولذلك عندما يقول سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان أنّ المسلمين لا يمكن اختراقهم؛ هذا صحيح تماماً، نعم لا يمكن اختراقهم لا من المشروع الصهيوني المعادي تاريخياً للعرب والمسلمين، ولا من المشروع الصفوي الإيراني الذي عبث بالوحدة الوطنية بلبنان وبسوريا والعراق واليمن".
ولدى سؤاله عن هل البيئة الإسلامية السنيّة قابلة لظهور ميليشيات مسلحة؟ أجاب القاضي عريمط: "البيئة الإسلامية أي أهل السُنّة والجماعة هم تاريخياً مع مشروع الدولة وبناء الدولة الوطنية القوية العادلة. والمرجعية السياسية والدينية للمسلمين في لبنان هي مع الدولة ومؤسساتها؛ وليس لدينا مشروع خارج إطار الدولة اللبنانية؛ وعندما يكون خيارنا سابقاً وحاضراً بناء الدولة ومؤسساتها، فهذا يعني أننا لن نكون جزءاً من أيّ ميليشيا مسلحة ممكن أن تظهر على الساحة اللبنانية خارج إطار الدولة ومؤسساتها الشرعية. وبعض المجموعات الموجودة الآن التي تتماهى مع حزب الله أو مع المشرع الإيراني تحت وهم أنّ هذا المشروع يعمل على تحرير فلسطين وقدسها، الحقيقة أنّ المشروع الإيراني له أهدافه ومصالحه الإقليمية والدولية واستراتيجيته الفارسية الحالمة بدور قورش الكبير؛ وهذه الأهداف حكماً تتناقض كثيراً مع المصلحة الوطنية والعربية للبنان أولاً وللمنطقة العربية ثاثياً".
وختم قائلاً: "المسلمون في لبنان وخاصة أهل السُنّة والجماعة، والمسيحيون بصورة عامة يتعاطفون ويدعمون المقاومة الفلسطينية في مواجهة المشروع الإسرائيلي الاستيطاني. وعلينا أن نميّز تماماً بين مقاومة الشعب الفلسطيني للاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة، وبين المشروع الإيراني الصفوي الذي له استراتيجته ومصالحه الإقليمية وتحالفاته الدولية السرية منها والعلنية؛ وهي من المؤكد تختلف وتتناقض مع المصالح اللبنانية والعربية تماماً. ونحن كمسلمين وكلبنانيين من الطبيعي أن نكون مع مقاومة الشعب الفلسطيني للعدو الإسرائيلي. لكن هذا لا يعني أننا بأيّ حال من الأحوال مع المشروع الإيراني في المنطقة، لأنّ المشروع الإيراني في المنطقة شيء، ومقاومة الشعب الفلسطيني للعدو الإسرائيلي شيء آخر ومقاومة الفلسطينيين وإخوانهم العرب مستمرة منذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917م إلى عام 1936 وعام 1948 وحتى الآن في وقتنا الحاضر الذي تسطّر فيه مقاومة الشعب الفلسطيني أروع الملاحم البطولية لتحرير الأرض والهوية والعقيدة من هذا العدو الصهيوني الإرهابي. وهذه المقاومه الفلسطينية والعربية موجودة قبل ثورة الخميني، وقبل الثورة الإيرانية، ولسنا بحاجه لأحد لأن يعلّمنا كيف نحرّر أرضنا ومقدساتنا. ومن فتح فلسطين، وحرّر بعدها القدس وما حولها بعد مئتي عام من الصراعات والحروب، قادر على تحريرها من البحر الى النهر ولو استمرت المعارك المئات من السنين؛ فصراعنا مع الحركة الصهيونية صراع أجيال وليس صراع جيل من هذه الأجيال".