التبويبات الأساسية

أزمة جديدة دخلت على خط تأليف الحكومة، سيكون لها ارتداداتها السلبية حتماً في هذا الاطار، وهي أزمة العلاقة اللبنانية – السورية، وامكانية التطبيع مع النظام السوري، لا سيّما بعد الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله.

مصادر الحريري: للتركيز على النأي بالنفس

وفي هذا الاطار، قالت أوساط معنية بالأزمة لـ"النهار" ان التعقيدات الاصلية التي اعترضت انجاز تأليف الحكومة باتت واقعياً في مستوى اقل خطورة بكثير من ربط الأزمة بتعقيد خارجي مفتعل على رغم اصرار الرئيس الحريري على نفي وجود تعقيدات خارجية بما يسهل على الآخرين حتى خصومه التعامل بمرونة مع عملية ازالة التعقيدات. لكن ما أثار القلق والتساؤلات المريبة، بحسب هذه الأوساط، ان المناخ المفتعل في الايام الاخيرة بدا كأنه زج بمجمل الاستحقاق الحكومي واحتمالاته وما قطعه من مراحل سابقة في خانة التوظيف الاقليمي وتحديداً السوري، وقت راح بعض رموز فريق 8 آذار وحلفاء النظام السوري يوجهون الاتهامات والتنبيهات الى الرئيس الحريري وبعض القوى الأخرى بربط الازمة بعوامل اقليمية أو الرهان على متغيرات اقليمية.

واستغربت مصادر الرئيس المكلف التعليق الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على كلام الرئيس الحريري حول موضوع العلاقات مع النظام السوري، بحيث لفتت المصادر إلى أنّ "موقف الرئيس المكلّف معروف من هذا الموضوع أصلاً"، وقالت لـ"المستقبل": "إنّ مسألة التطبيع مع النظام السوري هي قضية خلافية وسابقة لأوانها والرئيس الحريري يرفض أن تكون هذه المسألة على جدول أعمال التأليف، خصوصاً أنه يعتبر أنّ إعادة الاصطفاف الداخلي على قاعدة أن لبنان ينتمي إلى محور إقليمي هو أمر غير مقبول لأنه يضرّ بمصلحة البلد".

وإذ ذكّرت بأنّ الحكومة الحالية كانت قد اعتمدت خيار "النأي بالنفس"، شددت المصادر على أنّ "الرئيس الحريري لن يغطي أي خرق لهذا المبدأ، وبالتالي فإنّ عملية التأليف يجب أن تكون بمنأى عن الأجندات الخارجية للأطراف الداخلية باعتبار أنها عملية لبنانية بحتة ومرفوض القول بأنّ هناك جهة خارجية تضع شروطاً على التأليف، أما القول بوجود متغيرات إقليمية توجب تعديل سياسات الدولة اللبنانية فأيضاً هذه مسألة خلافية في البلد وربطها بتأليف الحكومة هو أمر غير منطقي ولا مصلحة وطنية فيه على الإطلاق".

مصادر بعبدا: لماذا الربط بين التأليف والتطبيع؟

في هذا الوقت، إستغربت مصادر وزارية قريبة من رئاسة الجمهورية، عبر "الجمهورية"، الربط الذي أحدثه الحريري بين مساعي التأليف ومعبر "نصيب"، ولفتت الى "انّ هذا الربط فاجأ الجميع"، معتبرة انها محاولة لم تنته قراءتها بعد لاستكشاف مراميها وأهدافها. واشارت الى ان افتعال هذا الربط سيؤدي حتماً الى تعقيد مساعي التأليف، فمن طرح هذا الموضوع ومن أدرجه على جدول اعمال المفاوضات والإتصالات الجارية لتأليف الحكومة الجديدة؟ وهل المقصود التغطية على عُقد أخرى قد تكون حديثة بغية تجميد مساعي التأليف؟

ولفتت المصادر الى ان هذا الموضوع ليس أوانه على الإطلاق ويمكن مقاربته بعد تأليف الحكومة، ولدى البحث في مضمون البيان الوزاري الذي سيتضمن العناوين والقضايا السياسية الوطنية ومستقبل العلاقة اللبنانية ـ السورية ومضمونها، كسائر العناوين التي تم التفاهم عليها في البيان الوزاري لـ"حكومة استعادة الثقة" التي تصرّف الأعمال حالياً، ويمكن اضافة كثير من العناوين الخلافية التي تمّ البت بها واعتبرها البعض في حينه عملية "ربط نزاع" كالحديث عن السلاح غير الشرعي وسلاح المقاومة والإستراتيجية الدفاعية وموضوع "النأي بالنفس" عن أزمات العالم العربي وفي المنطقة.

وقالت: "اليوم هو أوان التشكيل، قبل الحديث عن ملفات سياسية إقليمية ومحلية ودولية، والى ان يحين زمن البحث فيها سيتّفق اللبنانيون على المخارج، فاللغة العربية مليئة بالتعابير التي يمكن ان تشكّل مخارج في حال حصول إشكال حول اي عنوان عند صوغ البيان الوزاري، وقد سبق للبنانيين ان وفّروا مثل هذه المخارج لشكل العلاقات مع سوريا في الحكومات التي تعاقبت منذ نشوء الازمة السورية، وليس هناك من جديد يمكن طرحه تحت هذا العنوان الكبير".

في المقابل، أكدت اوساط سياسية مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ"اللواء" انه من غير المستبعد ان يكون الهدف من ورإء اثارة موضوع العلاقات اللبنانية _ السورية تبرير التأخير في تشكيل الحكومة او صرف النظر او التصويب على مكان اخر.

ولفتت الى انه لا يمكن ايقاف تشكيل الحكومة كي تحدد سلفا المواضيع الواجب معالجتها لان ربط التأليف بملف ما قد يدفع الى المطالبة بإثارة ملف اخرى على مثال حزب الله وسلاحه. ومن هنا دعت الاوساط المطلعة الى قيام الحكومة الجديدة بالإنصراف الى بحث كل المواضيع مذكرة بأن جميع الاطراف معنية بها في وقت لاحق بعد اتمام عملية التأليف وليس قبلها.

وافادت ان موضوع العلاقة مع سوريا تحدده الحكومة والبيان الوزاري.

القوات: احياء العلاقات اللبنانية – السورية مفتعلة

في هذا الوقت، قالت مصادر "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية": "إحياء العلاقات اللبنانية - السورية هو افتعال مقصود من بعض القوى السياسية بغية إعادة ربط لبنان بسوريا ربطاً بحاجة النظام السوري إلى دور إقليمي يستعيد عبره شرعيته المفقودة داخل سوريا وخارجها"، واستغربت "هذا الاستعجال في تطبيع العلاقات قبل ان تكون الحرب قد انتهت ونشأ نظام جديد يحظى بمشروعية سورية وعربية ودولية".

ووضعت المصادر موقف الحريري "في إطار الرسالة التحذيرية من انّ الإمعان والإصرار على التطبيع سيقود حُكماً إلى عدم تأليف الحكومة أو شلّ الحكومة متى تألّفت، لأنّ هذا الموضوع من المواضيع الخلافية التي تمّ الاتفاق على استبعادها عن النقاش، وأي محاولة لإدخالها في صلب النقاش السياسي ستقود إلى إحياء الانقسام العمودي وليس إحياء العلاقات بين لبنان وسوريا". ودعت المصادر "إلى سحب هذا الموضوع من التداول إلّا في حال وجود توجّه لإحياء الانقسام السياسي"، وقالت: "يخطئ من يعتقد أنّ في إمكانه إمرار التطبيع، ومن يعتقد خلاف ذلك ما عليه سوى المحاولة وسيتحمّل أمام الشعب اللبناني مسؤولية الإطاحة بالانتظام المؤسساتي والاستقرار السياسي والنأي بالنفس، ورسالة الحريري هي على طريقة "أعذر من أنذر"، لأنّ هناك من يحاول تهريب التطبيع، الأمر الذي لن يتحقق".

الاشتراكي: مسألة العلاقات اللبنانية ـ السورية ليست محل إجماع

مصادر "الحزب التقدمي الاشتراكي" أكدت بدورها لـ"الجمهورية": "انّ محاولات التسلل المتكررة التي تقوم بها جهات رسمية او غير رسمية في لبنان لتطبيع العلاقات مع النظام السوري وإعادة إحياء حقبات قديمة مضى عليها الزمن ودفع اللبنانيون في سبيل التخلص منها الاثمان الباهظة، من شأنها أن تضع مزيداً من العراقيل امام عملية تأليف الحكومة. وواضح انّ مسألة العلاقات اللبنانية ـ السورية ليست محل إجماع وتفاهم وطني، هناك عدد من القوى التي تعترض عليها وفي مقدمها الرئيس المكلف سعد الحريري. وبالتالي، إعادة الانتظام للقنوات الرسمية في العلاقة المشتركة بين أي بلدين لا يمكن ان تتمّ من دون قبول رئيس الحكومة، فكم بالحري بالنسبة الى بلد مثل لبنان حيث القضايا الكبرى تتطلب تفاهماً وطنياً وإجماعاً داخلياً ليست ظروفه متوافرة حتى الآن. وبالتالي، ندعو الى عدم التسرّع في هذا الامر لأنه يَمسّ بتضحيات شريحة كبيرة من اللبنانيين، واذا كانت الظروف الاقليمية او الدولية توحي بأنّ نظام الاسد سيبقى في موقعه، فهذا لن يمحو ما قام به في خلال السنوات الماضية من قتل وتدمير وتهجير الملايين من أبنائه داخل سوريا وخارجها".

حزب الله: لم نشترط تفعيل العلاقة مع سوريا

في المقابل، قالت اوساط قريبة من "حزب الله" لـ"الجمهورية" إن نصرالله "لم يشترط حتى الآن تفعيل العلاقة مع سوريا أو إدراج هذا المطلب في البيان الوزاري، لتسهيل ولادة الحكومة الجديدة، على رغم انّ في إمكانه ان يفعل ذلك، من موقع الشريك في انتصارات الميدان السوري والحليف لدمشق، ولكن كل ما طلبه الحزب مع حركة "أمل" هو تمثيلهما بـ6 وزراء انسجاماً مع التوازنات اللبنانية المرهفة، إضافة الى مراعاة بعض الحلفاء مثل تيار "المردة" والمجموعة السنّية المستقلّة عن تيار "المستقبل".

وعن استعداد الحريري لعدم تأليف الحكومة إذا أصرّ البعض على التطبيع مع النظام السوري، اعتبرت الاوساط "أنّ هذا الموقف يندرج في إطار افتعال ذريعة جديدة لتبرير الاخفاق المستمر في التأليف". ورأت "انّ من مصلحة الحريري وحلفائه تأليف الحكومة أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، لأنّ ما يمكنهم تحصيله الآن قد يصبح متعذّراً لاحقاً"، مشيرة الى "انّ التطورات المتلاحقة من الجنوب السوري الى الحُدَيدة في اليمن تُبيّن بوضوح انّ موازين القوى لا تسمح بمزيد من الرهانات الخاطئة والعبثية".

لا تقدّم على خط العقد

وعلى وقع العقدة المستجدة على خط التأليف، لا تزال العقد السابقة على حالها، على عكس ما كان يشاع في الأيام الماضية، حول حلحلة على خط بعض العقد. ونفت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية اي كلام عن مهلة للتكليف وقالت لـ"اللواء" ان الدستور لم يحدد مهلة وبالتالي لا حديث ابداً في هذا الموضوع.

ورفض مصدر قريب من التيار الوطني الحر استمرار تمسك الفريق الجنبلاطي بالحصة الدرزية كاملة، في إشارة إلى نهج قديم، عندما كانت الوصاية السورية، تضع تشريعاً خاصاً لجنبلاط في قوانين الانتخابات..

وجدّد المصدر القول ان القوات لم تعد متمسكة بوزارة سيادية والمهم نوعية الوزارات التي ستكون من حصتها، وعددها أربعة.

في السياق نفسه، كشفت مصادر في التيار الوطني الحر لـ"الأخبار" أن كل ما قيل عن موافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل على أن تكون حصتهما في الحكومة الجديدة هي فقط عشرة وزراء "هو قول غير دقيق وغير واقعي ويطرح تساؤلات عن الجهة صاحبة المصلحة في تعميم معطيات كهذه غير دقيقة، خصوصاً أنه لا بعبدا ولا قيادة التيار الوطني الحر قد علّقا على هذه المعلومات"، وجدّدت القول إن التيار الوطني يترقب محصلة المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف "حتى يبنى على الشيء مقتضاه".

مصادر وزارية قواتية قالت لـ"اللواء" رداً على سؤال عن تخلي "القوات" عن مطلب الوزارة السيادية بأنه "خطأ".

صورة editor11

editor11