اقام رئيس الرابطة المارونية النقيب انطوان قليموس وأعضاء المجلس التنفيذي للرابطة عشاء تكريماً للصحافة والاعلام في صالة " المارتينغال" بكازينو لبنان حضره المستشار الاعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، ممثلة وزير الاعلام ملحم رياشي ماري رين جعجع، نقيب الصحافة عوني الكعكي، نقيب المحررين جوزف القصيفي، مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان صعب ، وحشد من الصحافيين والاعلاميين من ختلف وسائل الاعلام المكتوب ، المرئي والمسموع ، والالكتروني ، إضافة الى أعضاء المجلس التنفيذي في الرابطة وأعضاء لجنة العلاقات العامة فيها التي تولت تنظيم العشاء .
وجرى خلال العشاء تكريم شلالا وقصيفي ومنحهما النقيب قليموس درعي الرابطة تقديراً لعطاءاتهما ودورهما الوطني والماروني. الاول من خلال موقعه الاول كمستشار اعلامي في رئاسة الجمهورية ، والثاني من خلال عمله كمستشار اعلامي للرابطة المارونية ، ورئاسته لنقابة المحررين.
كلمة قليموس
بعد النشيد الوطني ونشيد الرابطة المارونية، القى رئيس الرابطة النقيب انطوان قليموس
″ نلتقي الليلة هذه الضمّة المختارة من أهل الصحافة والإعلام، لنؤكد إحترامنا لهذه المهنة – الرسالة. فإذا كان الصحافي هو من يكتب مسودّة التاريخ، حسب فيليب غراهام ناشر الواشنطن بوست، ويضيء على الخبيء من الحقائق، ويوفّر للأحرار المنابر، ويعكس آلام الناس وآمالهم، فإنه غالباً ما يكون الشاهد والشهيد. والصحافين اللبناني سطّر بدمه ملحمة وطن، وكفاح شعب من أجل التخلّص من نير الإستعمار، والإنتداب، فالوصاية. فمنذ العام 1916 عندما نصبت أعواد المشانق في ساحة البرج – ساحة الشهداء- بدأت الحكاية، وتناسلت الخيوط الحمراء، وانسابت قانيّة فوق تراب لبنان، فأزهرت شجرة الحرية وروداً طالعة من أوردة الإباء.
نلتقيكم الليلة لنقول لكم كلمة شكر تعبيراً عن تقدير دوركم الطليعي في الحفاظ على القيم التي جسّدها أسلافكم في مواكبة القضايا الوطنية والسياسية على السواء، ولمواكبتكم نشاطات الرابطة المارونية خلال السنوات الثلاث المنصرمة من ولاية مجلسها التنفيذي الذي كان لي شرف رئاسته.
فبعد شهر ونصف تنتهي ولاية مجلسنا بعد أن أدينا قسطنا من الواجب تجاه طائفتنا والوطن وينتقل المشعل إلى منضوين جدد في ورشة العمل الدائم.
لن أكرر أو أعدد الأعمال التي أنجزناها، والتي كنتم شهوداً عليها أكان تصدينا لمسألة النزوح السوري في المؤتمر الذي عقدناه لهذه الغاية والذي كنّا به طليعيين في الإضاءة على تداعيات هذه المشكلة ووضع أطر معالجة لها، أم لجهة رصدنا للخلل الذي يعاني منه المسيحيون في الدولة بكافة إداراتها، أم لجهة تصدينا للإنتقاص من دور وأداء موظفين مسيحيين كفوئين وذلك من منطلق ميثاقي ووطني غير فئوي ومواجهتنا للظلامة التي تعرّض لها البعض منهم.
إضافة لما هو أعلاه، لم تتوان الرابطة عن اتخاذ المواقف الداعمة والمؤيدة للبطريركية المارونية بمعرض تأديتها لدورها الجامع على الصعيدين المسيحي والوطني، كما ودعمها لموقع ودور رئاسة الجمهورية وتحصينه وتعزيزه باعتباره المرجعية الوطنية الأولى.
أيها الأحبة،
لقد سئم اللبنانيون المراوحة والمراوغة واللامسؤولية التي مُورِسَت بمعرض تأليف الحكومة المنتظرة والتي ينتظرها الكثير وأول هذه الإنتظارات إحداث صدمة إيجابية لدى الرأي العام الداخلي والدولي وصولاً إلى البدء بوضع أسس الإستنهاض الإقتصادي والإجتماعي التي قد توقف نزف هجرة الشباب اللبناني والأدمغة.
إن إجتماعنا الليلة كان فأل خير على الوضع الضبابي الذي ساد حتى اللحظة، فأبصر المولود الحكومي النور بعد مخاضٍ عسير وغير مبرر.
إننا ندعو كافة الأفرقاء اللبنانيين إلى الإلتقاء سوية وإجراء الحوار البنّاء فيما بينهم وصولاً لإنجاز خطة النهوض بالوطن وتحويل اتجاهه الإنحداري إلى وجهة مؤمّلة وواعدة ومستقبلية.
فلكي يكون الحوار منتجاً فلا بد من توافر شروط ثلاثة لدى كل المحاورين وإلا فإنه لا جدوى من دق الماء في الجرن ولا فائدة من طاحونة تسمعك ضجيجها ولا تُريك طحيناً.
أما الشرط الأول : فهو التمتّع بالخيال والأستشراق والبصيرة التي تستطيع التوقّع وقديماّ قيل : "الحكم حسن التوقع". Gouverner c’est prévoir.
وهذا الشرط سيغنيك عن التخندق والعناد وفقدان المرونة، لأن من يتمكن من قراءة حركة المستقبل وفقاً لمعطيات الحاضر، سيجد أن التكيّف أمر يستوجبه النظر أوسع من الإحداق وأبعد من حقول العيون.
أما الشرط الثاني : فهو أن يكون المحاور ذا ذاكرة حيّة وله قدرة على استنباط العبر من الماضي لاسيما القريب منه، حيث جرّب كل فريق أن يفرض سيطرته وهيمنته على سائر الفرقاء من خلال الحروب الأهلية أو الإقليمية والإستعانة بالخارج، ظناً منه أن "الخط العسكري" يقرّب المسافات ويوصل إلى الهدف بسرعة، ولكنه كان يفاجأ في كل مرة أن الثمن البخس الذي امتنع عن تأديته لشقيقه في الداخل للخروج من التقاتل، قد دفعه باهظاً ومضاعفاً للشريك الخارجي، سواءاً كان عدواً أم شقيقاً، الأمر الذي كان يغرقه في أعماق وحول الذّل والدم والدمار من دون جدوى.
أما الشرط الثالث : هو وجود الشجاعة الكافية لدى المتحاورين للتخفيف من ثقل موازين القوى الراهنة، ذلك أنك إذا ذهبت إلى الطاولة وأنت مدجج بمشاعر القوة الفائضة، فلن ترى أمامك محاورين بل صاغرين ومقهورين، تفرض عليهم آرائك، وإذا كنت مثقلاً بشعور الوهن فلست محاوراً بل كيساً من رمل يتدرّب عليه الفريق الآخر لكماً وركلاً وصراخاً.
فتاريخ المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً أثبت أنهم كانوا دوماً طلاب حوار، لذا لم يكونوا يوماً قاهرين لشركائهم ولا أكياس رمل.
إن موازين القوى لا تبقى على حالها، والفطن هو الذي يجري التسوية قبل أن يُفرض ميزان جديد لتسوية غير ملائمة، والتسوية المطلوبة دوماً هي تنحية الوطن عن صراعات الغير والعبور به إلى برّ الأمان والتطور.
إخواني،
إنها صرخة نطلقها سوية هذه العشية علّها تكون مدوية تصل لآذان المعنيين كي يتخلّوا عن أنانيتهم لمصلحة الوطن وأبنائه. لقد فقدنا بهجة ورونق انتظار المولود الموعود. فالمواطن اللبناني فقد الثقة والأمل بالوطن وأولياء الأمر فيه. وهنا يحضرني قول مارتن لوثر كينغ: "بأنه لم يعد يخيفه ظلم الأشرار بل لامبالاة الناس الصالحين". أي أنه فقد الرهان، اللهم لا توصلنا إلى هذه المرحلة.
أما أنتم يا سيوف الحق، فندائي إليكم أن تبقوا على مهابتكم، لا تخافون ظالماً بل تخافون عليه من حكم رب العالمين فأنتم القوة الدائمة طالما أنكم على وفائكم للقيم والحقيقة والوطن. فالأمبراطور نابوليون قال إنني أخشى ثلاث جرائد أكثر من خشيتي من مائة ألف من الحراب. وفي الولايات المتحدة يحكم الرئيس لأربع سنوات بينما تحكم الصحافة إلى الأبد حسب أوسكار وايد.
وختاماً إسمحوا لي أيها الأخيار أن أعبّر بإسم المجلس التنفيذي للرابطة وبإسمي الشخصي عن شكرنا لحضوركم الليلة، واسمحوا لي أيضاً أن أخصّ بالتقدير شخصين مميزين مخلصسن عصاميين أديا قسطهما من الواجب تجاه الرابطة والوطن عنيت بهما الاستاذ جوزف قصيفي الذي واكب الرابطة كمستشار إعلامي لها طوال عدة عهود والذي حمله زملاؤه إلى سدّة نقيب المحررين والأستاذ رفيق شلالا المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية الذي أدّى ويؤدي جهوداً مستمرة للرابطة بمعرض دورها الوطني المنتج والجامع وللوطن من خلال مسيرته المهنية المشرفة التي كان فيها موظفاً عند رب عمل واحد هو لبنان .
فتقديراً لكل ما ذكرت وعربوناً للوفاء، قرر المجلس التنفيذي تقديم درع الرابطة المارونية لكل منهما.
ألا أدخل الله لبنان دائرة تنفيذ الأعاجيب وأخرجه من محنته وألهم بنيه الصبر لتجاوز الصعاب. حمى الله لبنان.
عشتم، عاش الإعلام الحر، عاشت الرابطة المارونية ليحيا سيداً بهم لبنان.″