اعتبر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري انه "يجب ألا يكون هناك تدخل سياسي في النظام القضائي، وعلينا كمسؤولين سياسيين ان نؤمن العدالة الحقيقية لشعبنا".
وقال خلال حضوره جانبا من اعمال المؤتمر الرابع لرؤساء المحاكم العليا في الدول الفرنكوفونية حول موضوع "نشر اجتهاد المحاكم العليا في زمن الانترنت"، الذي عقد برعايته في السراي: "أنا سعيد جدا واتشرف بوجودكم في السراي الكبير هذا الصرح الذي قال فيه القاضي فهد اننا نقوم به بكل الأعمال منذ العام 1840. انا سعيد بأن لبنان احد الأعضاء الفرنكوفونيين. والدي كان يؤمن جدا بالفرنكوفونية وانا كذلك، واعتقد ان هناك الكثير من الأمور التي علينا العمل والقيام بها معا. والمواضيع التي تبحثونها مهمة جدا بالنسبة الى لبنان والعالم، خصوصا مع الإنفتاح الحاصل عبر الإنترنت، وكل ما يحصل عبر المعلوماتية. الكل لديه اولاد وعائلات، ونريد ان يكون اولادنا وعائلاتنا مثقفين على غرار ما تعلمنا، وأفضل. ولكن المشكلة اليوم ان الإنترنت يتم استخدامه بأساليب مختلفة تماما، خصوصا بالنسبة الى المتطرفين الذين يتكاثرون في كل العالم، واذا تمكنت الدول الفرنكوفونية من ايجاد حل لهذه المسألة فقد نستطيع ان نتفاعل باتجاه هذه المشكلة".
أضاف: "أما الموضوع الثاني فهو التدخل السياسي في النظام القضائي. وبالنسبة الي يجب الا يكون هناك تدخل سياسي في النظام القضائي، وهذه مشكلة يواجهها العالم العربي ودول أخرى تعاني ذلك، وفي نهاية المطاف نحن كمسؤولين سياسيين علينا ان نؤمن العدالة الحقيقية لشعبنا ولأولادنا وللمستقبل. وأتمنى النجاح في كل ما تقومون به، وأنتم مرحب بكم دوما في لبنان. ربما هذه المرة الأولى يأتي البعض منكم في لبنان، وآمل أن تكتشفوا لبنان كما هو، هذا البلد الذي يتمتع بالحضارات ويضم 19 طائفة تعيش معا بطريقة جيدة. وأعتقد أن قوتنا في لبنان هي قدرتنا على حماية كل الطوائف من خلال دستورنا، وهذا ليس موجودا في العالم العربي، ولدينا قانون يحمي هذا الموضوع. ليس هناك أقليات. كلنا أقليات وكلنا لبنانيون، أعتقد أن بإمكان لبنان أن يكون رسالة، وهو كذلك، وعلينا الاستفادة من ذلك".
وكان المؤتمر افتتح أعماله عند العاشرة قبل ظهر اليوم في السراي الحكومي بجلسة افتتاحية تحدث فيها وزير العدل البيرت سرحان ممثلا الحريري، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، رئيس مجلس القضاء الأعلى في بنين عثمان باتوكو، وممثل الأمينة العامة للمنظمة الفرنكوفونية ميشال كاريه والأمين العام لجمعية المحاكم العليا في الدول الفرنكوفونية جان بول جان.
فهد
بداية، ألقى فهد كلمة قال فيها: "اهلا وسهلا بكم مرة ثانية في لبنان، ونحن في هذا القصر الرائع الذي يعود تاريخه لسنة 1840 والذي يخبر عن جزء مهم من تاريخ لبنان، وفيه يتم اتخاذ الجزء الأكبر من القرارات التي تدير الشأن العام في البلد، ونحن ممتنون لرئيس الوزراء سعد الحريري لاستقبالنا هنا، وننقل اليه شكرنا. الموضوع الذي نناقشه آني، وهو نشر الأحكام القضائية في زمن الإنترنت ومنافعه، وهي عديدة، اذكر منها الشفافية التي تساعد على استعادة ثقة المتقاضين في السلطة القضائية بسبب النشر الفوري للأحكام، اضافة الى البعد التربوي في عمليه النشر هذه التي ستمكن القضاة من معرفة القرارات بشكل افضل، والاطلاع على قرارات مجلس القضاء الأعلى بشكل افضل، وهذا سيمكن المجلس ايضا من ممارسة دروه الموحد والجامع".
سرحان
وألقى سرحان كلمة قال فيها إن "لبنان يستقبل باهتمام كبير المؤتمر الرابع لجمعية المحاكم العليا في الدول الفرنكوفونية. اهلا وسهلا بكم في لبنان في السراي الحكومي، مقر الحكم الذي يجسد منذ العام 1840 سلطة الدولة. وعلى غرار الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر التي قلبت أسس النظام الإقتصادي في اوروبا ووجهها السياسي، فإن الثورة الرقمية زعزعت النماذج الإقتصادية التكنولوجية والإجتماعية وحتى السياسية في يومنا هذا". واعتبر ان "العالم الرقمي يرتكز بشكل اساسي على البيانات الشخصية. وان المقدرة في جمع البيانات الجيدة ومقارنتها هي اساس لظهور الإبتكارات والخدمات الرقمية الجديدة. وبفضل الحلول الحسابية الأكثر تطورا المعتمدة في معالجة البيانات الشهيرة أصبح بالأمكان الوصول الى نماذج عدالة الانتقائية".
وأضاف: "الميدان القضائي لم يسلم من هذه الخوارزميات. فقد أصبحت شركات ناشئة عاملة في مجال القانوني منتشرة في سوق ما يسمى العدالة التنبؤية. وهي في الوقت الحاضر تقدم خدمات تتمثل بتقدير العطل والضرر أو النفقة وتوفير احصاءات حول حظوظ الفوز بدعوى معينة أو الافادة عن وضع خلاف محدد أو الحجج الأكثر استخداما. واذا كانت العدالة لا تزال انسانية لغاية الآن فالسؤال المطروح هو هل ستظل كذلك في المستقبل؟. وان القانون هو محرك هذه الآلة، وان جمع ومعالجة هذا الجزء الكبير من البيانات والمعطيات الرقمية يمكن ايضا من التعرض للحياة الخاصة للأشخاص".
واعتبر أن "حق حماية المعلومات والبيانات الشخصية هو حق أساسي وبنيوي، بمعنى انه يمكن في البيئة الرقمية من ممارسة الحقوق الأخرى. ويعود اليكم انتم العاملين الأساسيين في العدالة ان تحددوا ملامح واطر نشر الأحكام التي تخدم القانون من دون التعرض للبيانات الخاصة وللحريات الشخصية".
باتوكو
أما باتوكو فاعتبر أن "أحد أبرز متطلبات المواطنين من المؤسسات القضائية هو الأمن القضائي والقانوني، وليس غريبا في افريقيا ان يكون هناك تفسير مختلف لقاعدة قانونية بين غرفتين او بين محكمتي استئناف. وإن احكام وقرارات مجالس القضاء الأعلى لا يمكن ان تأخذ كامل ابعادها في الديموقراطيات من دون ان توضع في متناول الجميع من قضاة ومشرعين وحقوقيين وباحثين ومحامين".
ورأى أن "مستلزمات الأمان القانوني تفرض على العدالة ان تكون واضحة ومفهومة وقادرة على الاستشراف". واعتبر أن "الإنترنت وسيلة تحتم علينا نشر الأحكام للوصول الى أكبر عدد ممكن من المواطنين.
كاريه
ونقل ميشال كاريه تحيات الأمينة العامة للمنظمة الفرنكوفونية لويز ميشيكوابو "التي تتابع باهتمام كل المبادرات التي تهدف الى توطيد دولة القانون ومحاربة التفلت من العقاب ونشر عدالة قوية ومستقلة في الدول الأعضاء للمنظمة الفرنكوفونية، وتفعيل التبادل والتفكير القانوني في المساحة الفرنكوفونية، ونقل التصميم على انحراظ المنظمة الفرنكوفونية بقوة الى جانب الدول الاعضاء وحكوماتها ومؤسساتها ومواطنيها للعمل على تقوية الوصول الى العدالة، العدالة الموثوقة والمستقلة ضامنة لدولة القانون وللحقوق وللحريات".
وأعلن أن "المنظمة تتمنى ان يشكل مؤتمر بيروت مساحة للتبادل بين القضاة والمشرعين والحقوقين للوصول الى مقاربة واحدة لكيفية نشر الأحكام القضائية على الأنترنت". وشدد على اهمية انعقاد المؤتمر في بيروت "عاصمة الثقافة والتنوع المتطابقة مع الإبداع الفرنكوفوني".
جان
وشدد الأمين العام لجمعية رؤساء المحاكم العليا في الدول الفرنكوفونية جان بول جان على "تجدد العلاقات بين لبنان وفرنسا من خلال الطلاب الفرنكوفونيين"، وقال: "عندما اقترح علينا القاضي جان فهد عقد مؤتمرنا في بيروت قبلنا فورا، لأن لبنان مختلف بالنسبة الينا، وهناك منظومة قيم تجمعنا ونحن فخورون بذلك وبالعمل معكم".
واعتبر أن "أبرز نقاط قوة هذا المؤتمر هو المشاركة الكبيرة للقضاة، وهذا ما لمسناه في افتتاح المئوية الأولى لمحكمة التمييز بالأمس. إن القضاة في كل العالم يساهمون في بناء دولة القانون، ونشر الأحكام القضائية الذي هو عنوان مؤتمرنا يبرز الدور المميز للقاضي الذي يطبق القانون الذي يضعه المشرعون والسياسيون، بالاستناد الى قيم اساسية مشتركة للإتفاقيات الدولية التي أبرمتها الدول".