يواجه الحرس الثوري الإسلامي الإيراني أزمات تهدد مستقبله وعلى جبهات متعددة في الوقت الذي يصارع فيه لتجاوز مقتل كبير استراتيجييه العسكريين، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، وردود الفعل المحلية الغاضبة بسبب إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية، بحسب تقرير نشرته "العربية".
فبحسب المحللين، فإن مقتل سليماني في غارة شنتها طائرة أميركية من دون طيار الشهر الماضي أجبر الحرس الثوري على إعادة تقويم استراتيجيته ووزن خطر المزيد من التصعيد في الصراع مع الولايات المتحدة.
وفقاً لما أوردته الواشنطن بوست الأميركية في تقرير لها، فإنه يتعين على الحرس الثوري، أن يعيد بناء المكانة المحلية التي فقدها بسبب دوره في كارثة إسقاط الطائرة وفي حملة القمع ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة في تشرين الثاني والتي خلفت مئات القتلى من المتظاهرين، بحسب تقرير "العربية".
وعلناً، يبدو قادة الجماعة غير منحنين من النكسات الأخيرة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، كشفوا النقاب عن تكنولوجيا أسلحة جديدة قالوا إنها ستسمح لهم بتطوير ترسانة أكثر تقدماً من الصواريخ الباليستية. وفي الأسبوع الماضي، ذكرت القيادة المركزية الأميركية أن البحرية الأميركية اعترضت سفينة تحمل أسلحة إيرانية الصنع، وهي شحنة قالت إنها كانت موجهة إلى المتمردين الحوثيين الموالين لإيران في اليمن، وفقاً لتقرير الصحيفة الأميركية.
وبحسب التقرير، يبدو أن الحرس الثوري حصل على دعم في الانتخابات البرلمانية الإيرانية، يوم الجمعة، مما أدى إلى انتصار المرشحين المتشددين الذين تدعمهم الجماعة بعد منع العديد من السياسيين المعتدلين من الترشح. لكن المحللين والمسؤولين في المنطقة يقولون إن الحرس الثوري في الواقع يجد نفسه الآن مستلقياً على ظهره، وهي وضعية السقوط بعد نجاحه في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة.
ونقلت الصحيفة عن سعيد غولكار، الخبير في قوات الأمن الإيرانية وأستاذ العلوم السياسية في جامعة تينيسي في تشاتانوغا قولها إن "اغتيال قاسم سليماني وإسقاط الطائرة كانا صدمة للحرس الثوري. لقد كان سليماني خسارة كبيرة لإيران، كما أن إسقاط الطائرة، فجر مصداقية الحرس بالكامل".
وأضاف غولكار أن "الحرس الثوري الذي تم إنشاؤه لحماية الجمهورية يحتاج أن يعيد بناء سمعته التي قد تستغرق وقتاً خصوصاً مع تزايد عدد السكان المنتقدين". وتابع: "والآن الاستراتيجية ليست الدخول في حرب مع الولايات المتحدة، ولكن اختبار حدودها خطوة بخطوة - وليس تجاوزها".
وسيقع هذا التحدي جزئياً على عاتق العميد إسماعيل قاني، الذي حل محل سليماني كقائد لـ"فيلق القدس" وسيتعين عليه الحفاظ على النفوذ الإقليمي لإيران ورعاية الجماعات والميليشيات العميلة التي طورها سلفه - ولكن من دون إثارة رد فعل أميركي قوي".
بدورها، علّقت أريان طبطائي، وهي باحثة سياسية في شركة راند كورب في واشنطن بالقول: "بالتراجع عن الصراع، سيكون لدى قوة القدس فرصة لإعادة تقييم استراتيجيتها والتكيف مع القيادة الجديدة تحت قيادة قاني، 62 عاماً، الذي كان نائباً لسليماني وسبق له أن تولى الشؤون الإدارية اليومية للقوة".
وأردفت: "هذه منظمة تتطور وتتكيف وتتعلم الدروس". وقالت إن قاني "سيكون أقل تأثيراً من سليماني، الذي فاز بمكانة شهيرة من خلال تصميم وتنفيذ استراتيجية عسكرية ساعدت في تأمين دور إيران كقوة إقليمية".
وشملت مسؤليات قاني السابقة عمليات فيلق القدس على الحدود الشرقية لإيران، بما في ذلك في أفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى. وهذا يعني أن قاني يمكن أن يكون أكثر راحة باستخدام أفغانستان كمكان لشن هجمات على القوات الأميركية، بحسب الصحيفة.
ومع ذلك، يقول المحللون والمسؤولون إنه يفتقر إلى الطموح والكاريزما والروابط القوية لسلفه. نتيجة لذلك، وفقاً لمسؤول في المنطقة على دراية بالأمر، فإن قوة القدس تمتنع بشكل كبير من الانتقام من الولايات المتحدة، على الأقل حتى الآن.
وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المسائل الاستخباراتية، إن قاني لا يتمتع بعد بسلطة العمل الحر كما فعل سليماني، وتنسيق المعارك والهجمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط والاجتماع مباشرة مع القادة الأجانب، مضيفاً أن "قوة القدس" تعاني من الناحية العاطفية والعملية وسيتم ضبطها حتى يصبح القاني أكثر ثقة واستقلالية.
ويشير التقرير حالياً إلى أن هناك صراعاً داخل جهاز الأمن الإيراني، قد يكون هناك صراع يجري بالفعل لقص أجنحة قوة القدس. ووفقًا لجولكار، من المحتمل أن تحقق إدارة الاستخبارات السرية التابعة للحرس الثوري في الخروقات الأمنية التي ساهمت في مقتل سليماني في بغداد الشهر الماضي.
المصدر: العربية - واشنطن بوست