ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة وأبرز ما جاء فيها:"مع أكبر المراسم الإيمانية التي نستقبل فيها شهر رمضان، ندعو أبناء هذه الأمة كي تعود إلى الله، فتمنع يدها عن سفك الدم المحرم، والفتنة المحرمة، والعدوان المحرم، ومشاريع التمزيق لبلاد الإسلام، لأن أعمق معاني الصوم الحقيقي هو عودة هذه الأمة إلى وحدتها وإلى ضيافة ربها، وأولى شروط هذه الضيافة أن نهجر كل فتنة وكل خصومة، لنؤوب إلى الله. فشهر رمضان شهر كف السيف، وتجاوز العداوات، لذلك ندعو كل الزعامات والقيادات العربية والإسلامية إلى وعي حرمة هذا الشهر على الله، فتبادر إلى إصلاح ذات البين بالتسامح والتصالح ومنع سيف الفتنة عن رقاب العرب، وفتح صفحة المصالحات إسلاميا وعربيا وبالأخص لبنانيا، بعدما ثبت أن الانتخابات البلدية والاختيارية كانت محطة مهمة أكد فيها اللبنانيون قدرتهم على صياغة حياة سياسية تليق بهم، وتخدم تطلعاتهم الوطنية والمؤسساتية، فمصلحة لبنان الوطنية السياسية العليا لا تتحقق إلا بالتنافس الحر لخدمة الوطن".
وحث قبلان "القيادات السياسية على قراءة الانتخابات البلدية التي جرت والبناء عليها في إنهاء الجدل البيزنطي حول قانون الانتخاب، والإسراع في التوافق على قانون النسبية الذي وحده جدير بإنتاج ندوة برلمانية تنطق باسم الشعب، وتشرع باسم الشعب، فتكون عينه تراقب وتحاسب وتضع النقاط على حروف المصلحة الوطنية".
وتابع:"الوطن يغرق، والسياسيون غارقون في حساباتهم، الوطن يزدحم بالنازحين واللاجئين والعاطلين عن العمل، ومؤشر الفقر والفوضى وسيبان الأمن بلغ أرقاما قياسية، فيما المسؤولون يتزاحمون على الحصص، ويتصارعون على المناصب، ويختلفون في كل أمر يعني الوطن والمواطنين، ويدعون تمثيل الناس، متجاهلين أن من يمثل الناس هو من يخدمهم وليس من يتسلق على أكتافهم ويتسلط على أرزاقهم، إن من يمثل الناس هو من يتحسس أوجاعهم ويشاركهم أحزانهم، ليس بحضور المآتم و(الأخذ بالخاطر)، بل برفع الحيف عنهم من خلال بناء دولة عادلة ومؤسسات راعية، بعيدا عن كل الحسابات والاعتبارات الشخصانية والزبائنية والمصلحية".
وأكد قبلان: "أن مصلحة اللبنانيين تكمن في بناء الدولة، وإعادة الاعتبار للمواطنة الصحيحة، وكل حراك لا يصب في هذا الاتجاه، ولا يكون في خدمة هذه الثابتة، يعني استمرار ذهنية المزارع وعقلية الصراع ومنهجية التدمير لهذا البلد الذي بتنا نخشى على بقائه إذا ما تواصلت الخصومات والنزاعات والطائفيات والمذهبيات على هذا النحو من الحماوة والاحتدام والإخلال بالشراكة التي نعتبرها من أساسيات بقاء لبنان وثوابت وجوده".
ودعا "إلى استخلاص العبر من الماضي والحاضر، والتطلع إلى الأمام في ما سيؤول إليه مستقبل علم الحساب السياسي الذي بات ينبئ بأن المشهدية السياسية في مأزق كبير، بعدما طفح كيل الناس وباتوا مشمئزين من كل هذه الوجوه التي شوهت وجه لبنان وأدخلت دولته وشعبه في بازار الحسابات الإقليمية والدولية".
وختم قبلان بالقول:"إزاء ما جرى بالأمس في الشمال من إلقاء القبض على خلية إرهابية، وإفشال ما كانت تحضر وتدبر له من عمل إجرامي، نتوجه إلى جميع اللبنانيين مسؤولين وقادة وعامة، لنقول لهم: كونوا إلى جانب هذا الجيش، ساندوه وأيدوه وادعموه، وقدموا له كل أسباب البأس والقوة، سياسيا وماليا ومعنويا، فالجيش والقوى الأمنية والعسكرية هي ملاذنا وخشبة خلاصنا، فهنيئا لهذه المؤسسة التي نحييها ونطالبها بالمزيد من الوعي واليقظة لإفشال أي مخطط إرهابي وأي مشروع فتنوي يستهدف أمن لبنان واللبنانيين".