التبويبات الأساسية

إعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الانساني: السلام يبدأ من العقول

صدر "اعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الانساني"، المنبثق من المؤتمر الدولي "الاعلام وثقافة الحوار الانساني" الذي عقد في جنيف في 24 و25 تشرين الأول 2015، من تنظيم المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والاعلام.

وجاء فيه: "بناء على المبادئ الجوهرية التي توافقت عليها المجتمعات البشرية حول تساوي جميع البشر في الكرامة والحرية والقيم الانسانية دون تمييز، وانطلاقا من أن القيم الانسانية التي تجمع كل البشر هي أكثر أهمية مما يفرقهم، ولما كانت المجتمعات البشرية هي ذات طبيعة تعددية مما يقتضي احترام القيم الديمقراطية المبنية على الحق في الاختلاف في اطار الحق في التنوع، ولما كانت التعددية ليست مدعاةً للتقوقع على الذات بقدر ما هي حافز قوي للتنافس المبدع في سبيل انسانية افضل ، ولما كان العيش المشترك هو الميثاق الأساسي في المجتمعات البشرية بحيث يتوقف عليه السلم الانساني لأن عوامل التسلط والقمع تؤدي إلى استدراج العنف، وحيث أن التعايش الإنساني يستوجب الإحترام المتبادل بين الشعوب ويدعوها الى ان تتعارف لتتقارب، وحيث أن التسامح هو نقيض التعصب وهو القدرة على تفهم ظروف المجتمعات البشرية وخصوصياتها وحضاراتها، وحيث ان اللجوء الى العنف من اجل فرض فكر او مذهب او دين واحد على المجتمعات البشرية يعارض جميع الاديان والشرائع والنظم والقوانين، وحيث ان "القيم الانسانية" هي التي تنظم علاقة الإنسان بالحياة وأن هذه القيم تؤثر على التفكير الانساني وبالتالي على صيرورة ثقافة الحوار، وحيث أن الرب خلق جميع البشر مختلفين ومنحهم حق رفض الظلم والقهر وحق المطالبة بالحياة الانسانية الكريمة، ولما كانت كل الرسالات السماوية قد جاءت لتأمر بالعدل والخير والحق وتدعو الى المحبة والرحمة والامن والسلام والتعايش والتعارف والحوار، وحيث أن التعايش بين الاديان والثقافات والحضارات هو مطلب ضروري لفتح مساحات الحوار بين المجتمعات البشرية انطلاقا من أن الأنبياء قد أكملوا رسالات بعضهم، وحيث ان ظهور الأيديولوجيات التعصبية يتسبب اليوم في صراعات أفضت الى نتائج كارثية انسانية، وبما ان السلام في العالم لن يكون إلا بالسلام بين الاديان، والسلام بين الاديان لا يكون الا بالحوار الانساني والقيم الانسانية المشتركة.

ولما كان مفهوم التربية والتعليم يرتبط ارتباطا وثيقا ببناء شخصية الانسان الحوارية وان الاعلام هو الناقل الأساسي لهذا المفهوم الى الانسان منذ الطفولة، وحيث ان الاعلام يلعب دورا محوريا في التنمية المستدامة من خلال ارتباطه الوثيق بالاقتصاد في شراكة دائمة، ولما كان مفهوم العدالة الاجتماعية يرتبط ارتباطا وثيقا في صحة نظام الحكم وان معظم الصراعات ينشأ بسبب التنازع على الأرض ومواردها ، وأن العداء بين الثقافات ينتج عن تحريض اعلامي يربط غياب العدالة الاجتماعية بالعقد الاجتماعي القائم مما يلغي فرص الحوار الإنساني، ولما كان الاعلام يلعب دورا بالغ الأهمية في بناء الانسان وتعزيز انتمائه في ثقافة المواطنة والانصهار في روح الجماعة الوطنية، وحيث أن الإعلام يقوم أحياناً بدور تحريضي لزرع الفتن بين المجتمعات البشرية بعد نبش أفكار وموروثات دفينة، متحولا من وسيلة للتواصل المعرفي الإنساني إلى أداة تهدم الحضارات والثقافات والأديان، ولما كان التنميط الإعلامي للعنف المجهول يستدرج المجتمعات البشرية إلى مناخات الخوف من بعضها والإنزلاق إلى الثأر والإنتقام، ولما كان الشحن الإعلامي التعصبي تحت ستار القداسة المزيفة قد أفضى إلى صناعة شخصية لاإنسانية مشحونة بالكراهية والعدوانية وثقافة العنف، وحيث أن الحوار اصبح اكثر صعوبة وتعقيدا بسبب تأثير عوامل جيوسياسية ذات صلة بظواهر العنف والارهاب والتطرف والفساد، وحيث أن المجتمعات البشرية تحتاج اليوم إلى وضع ميثاق يضبط حرية التعبير ويمنع الإعلام المح رض على العنف والكراهية، وبعد رصد تحولات في السلوك البشري تثير المخاوف من أن القيم الانسانية مهددة بالزوال، ومن أن ثقافة الكراهية ستحل مكان ثقافة التسامح، وان ثقافة الحرب ستحل مكان ثقافة السلام، الأمر الذي هدد ويهدد السلم الدولي، ولما كان الواقع المأساوي الراهن يشهد تفجر نزاعات وأزمات نتيجة نشر أفكار تؤجج الكراهية والعنف وتزرع أحقاد تضرب الارث الحضاري البشري والضمير الإنساني، وايمانا من المشاركين أن الحوار الانساني هو أن قبول الآخر يكون كما هو في البعد الانساني وليس كما يريده البعض في البعد السياسي، وحيث أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان ضمن لكل انسان الحق في حرية التفكير والضمير والدين، وحيث أنه يقتضي على النخب الفكرية في العالم أن تواجه حالة (الدمار الانساني الشامل) التي تتهدد البشرية جمعاء،

ولما كان الحوار الانساني هو من ارفع وسائل وقف المعاناة الانسانية، وأنه عندما يستحيل الحوار السياسي يأتي دوره ليفتح قنوات التواصل بين المجتمعات، انعقد في جنيف، عاصمة العمل الانساني الدولي ومدينة السلام، بتاريخ 24 أكتوبر 2014 مؤتمر علمي دولي بعنوان (الاعلام وثقافة الحوار الانساني) وأطلق مبادرة ثقافية علمية انسانية دولية عنوانها: "اعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الانساني 2015"، ونادى به على أنه مساحة مشتركة لكل الأمم والشعوب والمجتمعات، وأن احترامه هو ضرورة جوهرية لبقاء الحضارة الانسانية.

مادة 0: التشديد على الدور الأساس لوسائل الاعلام في الترويج لمبادئ الاديان النبيلة وقيم الثقافات والحضارات المشتركة والسلام .
مادة 5: على الإعلام أن يلعب دورا حيويا في التوعية الدينية والايمان الحقيقي بهدف منع العصبية التاريخية المتحجرة من نبش مكامن الخوف من الآخر الذي يدفع المجتمعات البشرية إلى ان تبتعد عن بعضها وتحرك امكاناتها لحماية نفسها من الآخر.
مادة 3: على الاعلام ان يمارس دوره التوعوي في مواجهة الاستغلال السياسي للدين وممارسة العنف بإسمه والتزام وسائل الاعلام عدم استثارة الصفحات الماضية للعنف المتبادل بين المجتمعات البشرية تجنبا لتعميق الكراهية بينها.
مادة 4: دعوة وسائل الاعلام الى ترسيخ القيم والمثل الأخلاقية في منهجية عملها لضبط الانفعالات النفسية والاجتماعية التي تدمر الحياة المشتركة للمجتمعات، وبالتالي التزام وسائل الاعلام تخصيص مساحة ملائمة لترسيخ القيم الانسانية في المجتمعات البشرية وتحقيق حياة كريمة لكل الشعوب.
مادة 2: دعوة المجتمعات البشرية الى الاخذ بعين الاعتبار ان عناصر التنوع والاختلاف لا تقف عائقا امام مفهوم التسامح في كل الاديان والاعراف والعقود الاجتماعية التي اوجبت جميعها الحوار الانساني وقبول الآخر.
مادة 6: التزام الحكومات وسلطات القرار الخطاب الاعلامي الذي يحترم كرامة وحقوق الانسان وحرية معتقده ، وقبول الاختلاف في الرأي والثقافة واحترام كل القيم الانسانية بإعتبار أنها ثوابت في بناء ثقافة الحوار الانساني.
مادة 7: على الاعلام ترسيخ القيمة الانسانية لمفهوم الرحمة بأنها قيمة جوهرية في المنظومة الاخلاقية البشرية لمواجهة الكراهية والعداء ولتحقيق السلام.
مادة 8: دعوة الاعلام الى أن يؤدي دورا ايجابيا في تعزيز قيم التسامح والتعايش، ومساعدة الأقليات في ايصال صوتها الانساني بهدف تعزيز اللحمة الوطنية بين مكونات المجتمع الواحد ، وتعزيز التواصل الانساني بين كافة مجتمعات العالم.
مادة 9: التأكيد على قيام الاعلام بدوره في نشر ثقافة الديمقراطية، الأمر الذي يؤدي الى تعزيز ثقافة الحوار بعيدا عن العصبيات الموروثة، فتتعزز قيم السلام الوطني والسلم الدولي.
مادة 10: التشديد على الدور المحوري للاعلام في بناء ثقافة عنوانها ( مواطنة يحميها قضاء عادل ) في اطار احترام المبادئ الأساسية لقانون حقوق الانسان.
مادة 11: دعوة وسائل الاعلام الى تنفيذ سياسة إعلامية تراكمية تترافق مع العملية التربوية لترسيخ ثقافة الحوار في البيت والمدرسة والمجتمع، بالمقابل تعمل الأنظمة التربوية على ترسيخ تربية تكسب الفرد الوعي الإعلامي وثقافة التواصل الحضاري.
مادة 50: دعوة الجامعات والمعاهد الاكاديمية الى انشاء مؤسسات تعليمية متخصصة بتدريس ثقافة المواطنة والعلوم الانسانية ذات الصلة.

مادة 30: دعوة الاعلام الى اعتماد ثقافة المعرفة وتعزيز روح التعاون والوحدة بين أبناء المجتمع الواحد وبين مختلف المجتمعات البشرية.
مادة 40: دعوة المؤسسات التربوية والثقافية والعلمية في العالم الى ان تعزز في نفوس طلابها مفهوم التضامن والانفتاح على الآخر .
مادة 20: التزام وسائل الاعلام عدم الترويج - لا مجاهرةً ولا ايحا ًء - لظواهر العنف والتطرف والغاء الرأي الآخر والتي ستؤدي حكماً الى اغلاق باب الحوار الانساني وتستدرج اطراف الصراع الى نزاعات دامية.
مادة 60: مناشدة المجتمعات البشرية عدم الاحتكام الى السلاح أو استخدامه أو اللجوء الى أي شكل من أشكال العنف أو القمع عند حصول خلافات سياسية صوناَ لعدم الخروج على عقد الشراكة الوطنية.
مادة 70: دعوة الاعلام الامني الى اعتماد الموضوعية ولغة التواصل المعرفي بعيدا عن الاثارة والتضليل والتحريض, بهدف حفظ المساحات المشتركة للحوار بين المجتمعات ، وبالتالي تحقيق الأمن ( السياسي- الاجتماعي ) الذي هو المدخل الأساسي لعولمة حضارية ذات بعد انساني.
مادة 80: التأكيد على أهمية الارتباط بين الاعلام والاقتصاد، ودعوة أصحاب القرار والحكومات الى بناء اعلام اقتصادي تنموي يسهم في بناء العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد، والادراك بأن الحوار الانساني هو قيمة اقتصادية تنموية مضافة للمجتمع، وفي غيابه يشعر الفرد بالظلم فيمارس التطرف والسلوك العنفي.
مادة 90: حث الحكومات على وضع بنية تشريعية اقتصادية تعالج التحديات المعيشية للانسان منعا لوقوع اختلال طبقي حاد يهدد العدالة الاجتماعية والسلم الوطني.
مادة 51: دعوة الاعلام الى تخصيص مساحة اعلامية ملائمة لنشر ثقافة احترام حقوق المجتمعات البشرية، وخصوصا احترام حق العيش في كرامة انسانية.
مادة 50: التأكيد على الترابط الوجودي بين قيم السلام والعدالة ، وعلى الحكومات وسلطات القرار أن تعمل على تطبيق القوانين وفق مبدأ المساواة، فيتحول التناقض الى تكامل والتصادم الى تعايش والتعصب الى تسامح وحوار انساني.
مادة 55: التأكيد في كل أشكال الاعلام وأنماطه على عدم اللجوء الى أي تحريض تعصبي يتعارض مع حق المجتمعات البشرية في ان تعيش حياة اجتماعية لا يكبتها أي شكل من أشكال القمع يلغي ضميرها الخاص بأبعاده الدينية والأخلاقية والاجتماعية.
مادة 53: دعوة الاعلام الى تعزيز ثقافة السلام من خلال تخصيص مساحة اعلامية ملائمة لنشر مبادئ وقيم القانون الدولي الانساني وحقوق الانسان المناهضة للعنف المفرط الذي يق وض المساحات المشتركة للحوار الانساني.
مادة 54: الطلب الى الأمم المتحدة بأن تعمل على اعتبار المسألة الاعلامية المسببة لنشوء النزاعات كإحدى المسائل القانونية الواردة للنظر في نظام عملها.
المادة 52 : دعوة الأمم المتحدة الى صياغة وثيقة دولية حول العقوبات التي من شأنها أن تفرض على الدول الأعضاء التي تض ر بالأمن الدولي من خلال نشرها لمعلومات غير صحيحة أو غير مب ررة عبر قنوات رسمية، متسببة بتصعيد التوتر بين المجتمعات الإنسانية وانتشار الخوف أو التط رف أو إقصاء الآخر.
4
مادة 56: التأكيد على أن تعزيز ثقافة الحوار الانساني هو وجه من أوجه الدولة العصرية ، وعلى ان تلك الثقافة تجعل الحضارات والثقافات والديانات تتجاور وتتحاور بدل أن تتصارع ، وذلك من أجل المحافظة على الارث الحضاري البشري .
مادة 57: التأكيد على دعوة المجتمعات البشرية إلى القيام بالعمل الإنساني والإغاثي إبان النزاعات بهدف الإسهام غير المباشر في نشوء مساحة مشتركة للحوار بين الأطراف المتنازعة.
مادة 58: التزام الاعلام وضع استراتيجية وقائية هدفها حماية المجتمعات البشرية من الانزلاق الى الصراعات المسلحة ، وذلك من خلال الترويج للحوار الانساني ومبادرات الديبلوماسية الوقائية واحترام الموروثات الحوارية.
مادة 59: التزام الجهات المشاركة و المساهمة في الحوارات الانسانية عدم الانحياز الى الاعمال العدائية او التورط في أية تجاذبات ذات طابع تمييزي عنصري لأن من شأن ذلك أن يعمق الهوة بين اطراف الصراع ويسهل انزلاقها الى نزاع مسلح.
مادة 31: دعوة الشرعية الدولية ومؤسساتها إلى دعم جهود الحوار الإنساني في البلدان التي تشهد نزاعات داخلية، وإلى المساعدة في تنفيذ نتائج الحوار معنويا وماديا.
ويعلن المؤتمر للعالم أجمع ان هذا الإعلان العلمي الإنساني الدولي هو بخلفية علمية ، وقد كتب للتاريخ بحبر الإنسانية ليسهم في حماية المجتمعات البشرية من الكوارث الانسانية ، انه اعلان حيادي وموضوعي ومستقل ، وافق عليه المشاركون والحضور من كافة انحاء العالم.

إن نداءنا الانساني ينبغي أن تستمع اليه كل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الجماهيري لدى كل الشعوب والأمم، ليكون وثيقة انسانية دولية تستحق الاعتراف العالمي بها من قبل الأمم المتحدة، وتوثيقها من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة UNESCO ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لتكون مرجعا إنسانيا دوليا يساهم في تحقيق استراتيجية معرفية واعلامية وتربوية ترسخ ثقافة الحوار الإنساني.
فالسلام يبدأ من العقول، وفي العقول فقط يبدأ السلام".

صورة admin2

admin2