التبويبات الأساسية

بدل أن تشكّل استشارات الاثنين محطة ينطلق منها مسار إخراج لبنان من الازمة السياسية والاقتصادية التي يتخبط فيها منذ أشهر، يبدو أنها ستؤسّس لمأزق جديد أشد تعقيدا ستُرمى البلاد في أتونه، مُغرِقة لبنان المنازع، اكثر، في دوامة الشلل والاستنزاف التي من الصعب التكهن في حدودها الزمنية، وفي سبل كسرها.

السبب الجوهري غير المباشر للواقع السلبي هذا، هو الامعان في خرق الدستور والتنكيل بقواعده، واللعب بأصول التكليف والتأليف. اما الاسباب المباشرة، فتتمثل في تطورات اليومين الماضيين. فغداة ابلاغ "التيار الوطني الحر"، الرئيس سعد الحريري انه لا يمكنه تجاوز الميثاقية في التكليف والتأليف، وتشديد بعبدا على أنها تريد حكومة تكنوسياسية، استكمل الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عملية تطويق زعيم "الازرق"، قائلا له ما معناه "بعد تكليفك لكل حادث حديث، وأن تشكيل الحكومة لن يكون سهلا"، قبل ان يؤكد له تمسكه بتركيبة تجمع المكونات كلها. لكن الاهم أنه ذكّره بالغالبية النيابية التي يملك فريقُه ورقتها، في رسالة واضحة بأن أي تركيبة يضعها لا تلاقي شروطه، سيكون مصيرها السقوط.
امام هذه المعطيات التي زرعت دربه سلفا بالعوائق والمطبات، العيونُ شاخصة على "بيت الوسط". فهل يبقى سيّدها، مصرا على خوض المغامرة، أم يقرر الانكفاء؟ ام يطرح اسم مرشح سواه؟ الاحتمالات كلها واردة، علما أن معلومات، وفق "وكالة الأنباء المركزية"، تفيد أن الرجل اذا كُلّف، سيقوم سريعا، أي في غضون ايام لا أكثر، بحمل صيغة وزارية الى بعبدا. فاذا رُفِضت، لن يتردد في رد التكليف الى أصحابه، والاعتذار عن التأليف.
تحفل نهاية الاسبوع بحركة اتصالات سياسية ناشطة ستدور بقوّة، في العلن وخلف الكواليس، ستحدد مصير الاستشارات اولا- والتي يُرجح ان تبقى قائمة في موعدها "الا اذا" - وثانيا، هوية الرئيس المكلف الذي ستفرزه نتائجها. فالكتل والاحزاب كلّها ستجتمع قبل الاثنين لحسم خياراتها.
ونقلت "المركزية" عن مصادر مطلعة قولها إن اتصالات الحريري ستستمر، وتشمل عين التينة في شكل خاص، اضافة الى القوى السياسية الاساسية كلها، لبلورة افضل الخيارات للمرحلة المقبلة. فهو بطبيعة الحال، لا يطلب تعقيد الازمة بل يريد ايجاد حلّ لها. فهل "سيُحلحلها" ويليّن شروطه كما طلب منه نصرالله؟ ام هل سيسمي شخصية أخرى للتأليف؟ الصورة ضبابية حتى الساعة. لكن سجلت على هذا الخط، مواقف لافتة لكوادر "المستقبل"، دلت الى ان لا شيء محسوما بعد واتسمت ببعض المرونة.
في المقابل، بدا أهل فريق 8 آذار على مواقفهم الحكومية. فقد اعتبر نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ان "كل حديث عن شكل الحكومة ومضمونها سابق لأوانه، قائلاً "كل ما تسمعونه عبر وسائل الإعلام أن شكل الحكومة سيكون كذا أو كذا ليس صحيحا، ولم نتفق بعد لا على الشكل ولا على المضمون، نحن ننتظر أن يكلف رئيس للحكومة وبعد ذلك تجري مشاورات معه من قبل الكتل النيابية المختلفة لتحديد شكل الحكومة ومضمونها، بما ينسجم مع خيار المجلس النيابي والكتل النيابية فيه، لأن الحكومة ليست شخصا، الحكومة مجموعة تأخذ قرارا وهي مجتمعة، وبالتالي لا يمكن أن يتم اختيارها على مزاج أحد، وإنما يجب اختيارها على قاعدة التفاهم مع الكتل المختلفة والسياسات المطلوبة". وفي وقت تتجه التنمية والتحرير برئاسة الرئيس بري نحو تسمية الحريري او من يختاره الاخير، قال عضوالكتلة النائب هاني قبيسي"لا اعتراض لدينا على أي اسم يشكل الحكومة العتيدة"، مضيفا "لن نقبل بتقويض المقاومة وعدم ذكر اسمها ببيان وزاري في حكومة تكنوقراط، ولا بحكومة تقصي السياسيين من أحزاب وطنية مقاومة".

المصدر: وكالة الأنباء المركزية

صورة editor14

editor14