التبويبات الأساسية

باسم المرعبي – ناشر موقع “رأي سياسي”:

في الوقت الذي يضع فيه اللبنانيون اليد على القلب خوفا من امكانية تدحرج المواجهات في الجنوب بين المقاومة وجيش كيان العدو الى حرب شاملة تطال العمق اللبناني، وفي الوقت الذي كانت تعقد فيه الاجتماعات للجنة الطوارئ التي شكلت لوضع آلية مواجهة لما قد يحصل على كافة المستويات، اندلعت على مواقع التواصل الاجتماعي حرباً من نوع آخر لا لزوم لها وغير مبررة بين بعض اللبنانيين على خلفية امتناع بعض البلدات او الافراد في اكثر من منطقة عن تأجير بيوت للنازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية على الرغم من عمليات الاستغلال التي حصلت في هذا المجال حيث ارتفعت اسعار بدل الايجار أضعافاً مضاعفة .
من دون شك ان ما يحصل هو عمل فردي بدليل ان بيانات كثيرة صدرت تدين وتأسف لما حصل في بعض البلدات ، لا بل انه في ذات البلدات التي رفض اصحاب البيوت تأجيرها للنازحين لأسباب سياسية أو طائفية ، أعلن البعض عن استعدادهم لفتح بيوتهم لهؤلاء النازحين وهو ما عكس نوعا من التضامن والحس الوطني الذي خفف من حدة ما جرى ، وان كان ما ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي يبعث على الريبة والاشمئزاز من الكلام الذي قيل والذي اعادنا بالأذهان الى مرحلة الحرب الأهلية حيث بلغ الصراع الطائفي والمذهبي مرحلة لا توصف نتج عنها ما نتج من مصائب وويلات لا بد من نسيانها للحفاظ على صيغة العيش المشترك وترسيخ الوحدة الوطنية التي هي في مقدمة وثيقة الوفاق الوطني.
من دون شك ان ما حصل دغدغ مشاعر اسرائيل لأنها المستفيد الوحيد من اي مشاكل داخلية وهي تراهن على مثل هذا النوع من السجال الذي يضعف مناعتنا الداخلية ، وقد جاهر اكثر من مسؤول اسرائيلي في الآونة الأخيرة بأن تل أبيب تسعى لاستغلال الضغوط الداخلية للتأثير على قرار المقاومة بشأن الرد على اغتيال القيادي في “حزب الله” فؤاد شكر .
كل ذلك يقودنا الى القول ان ما يجري من تراشق كلامي على خلفية مسألة النازحين هو مؤسف لا بل انه مخزي، لأن هذه المرحلة تطلب المزيد من الوحدة الوطنية والتكاتف لمواجهة الخطر الذي يتهدد بلدنا ، لأن محاولة البعض زرع الشقاق بين اللبناني وايقاظ الفتنة ، هو بمثابة الضربة القاضية للصيغة اللبنانية الفريدة في المنطقة ، مقابل تعزيز خطاب التطرف ، وتحقيق الهدف الاسرائيلي الذي يقوم على ضرب هذه الصيغة وتحويل لبنان الى دويلات مذهبية تتناحر في ما بينها.
من هنا نناشد جميع اللبنانيين الكف عن التراشق الكلامي الذي لا جدوى منه ، من الممكن ان يكون البعض على حق في ما يقول ، لكن الظرف الصعب والخطير الذي نمر به يفرض على الجميع وضع اي خلاف في وجهات النظر جانبا والذهاب الى القيام بأي عمل من شأنه ان يعزز مناعتنا الوطنية ويجعلنا قادرون على مواجهة اي عدوان محتمل على بلدنا ، لأن اسرائيل في حال اعتدت على لبنان فانها لن تفرق بين منطقة وأخرى أو بين طائفة وطائفة ، وهي لصالحها ان يكون بين اللبنانين خلافات، لأن اي انقسام داخلي يقويها أكثر ويمكنها من تحقيق اهدافها على حساب كل اللبناني من دون استثناء.
وفي هذا السياق لا بد وان يكون للقيادات السياسية والدينية الدور الفاعل، كل في مجاله للجم ما يحصل قبل أن “يقع الفأس في الرأس” ، وتخرج الأمور عن السيطرة لأن ما نسمعه ونشاهده من فيديوهات هو مخيف ويبعث على القلق ، ويجب الحذر من ان تكون هناك جهات معينة تعمل عن قصد لزيادة الشرخ بين اللبنانين لمآربها الخاصة ، فلنفوت الفرصة على المصطادين في الماء العكر ، وعلينا ان لا نكون كمن يطلق الرصاص على رأسه.

صورة editor2

editor2