المرحومة "أم صدري" عقيلة الإمام الكبير، والقائد المصلح، "السيد موسى الصدر"، عاشت كبيرة ورحلت كبيرة. لقد حملت معها مأساة زوجها المغيَّب، زهاء نصف قرن من الانتظار. وكان يحدوها الأمل بعودته، وهو الذي غرس القيم في أسرته، والرَّجاء في أمَّته بمستقبل واعد ومجتمعٍ عادل، ووطنٍ نهائي راسخ. أفليس هو القائل: "لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه"!...
... "أم صدري" الصابرة الصامتة المؤمنة المحتسبة، لم تقنط من رحمةِ الله، ولم تندب ولم تنتحب، ذلك أن ما غرسه الإمام من يقظة وعنفوان وكرامة في نفوس المتعبين والمغلوبين والمحرومين، أعطى أُكُلَه وأخرجَ ثمارَه على مدى لبنان الوطن، وفتح عيونَ الأحرار على "فلسطين" السليبة، وأمةٍ عربية تمور غضباً وقهرا. فلقد قرع بابَ العدالة الاجتماعية في لبنان النظام، وانتصب مارداً في وجه التسلُّط والتحكُّم والفساد والإقطاع والإحتلال. ولمَّا استشعرت قوى الشر والظلام سِحْرَ دعوة "الإمام" في نفوس النَّاس، حيكت له مؤامرة الخطف والتغييب، وانتهت في "ليبيا"، مع رجلٍ مخبولٍ سفَّاح هو "معمَّر القذافي"!. ولكنَّ صوت "الإمام" ظلَّ صرخة تُخيفُ المرتدين، وتُرْجِفُ الحُكَّامَ والسلاطين، ومقاومةً زعزعت أركان دولة إسرائيل وحطَّمت آلتها الحربية!...
.... واليوم رحلت القديسة "أم صدري" آمنة مطمئنة، ذلك أن "الإمام السيد موسى الصدر" الذي قوَّض مفاهيم الفساد العربي، والغطرسة العالميَّة، هو زوجها الذي شرَّفها وشرَّف أسرته ووطنه وأمَّته!... ارقدي بنفس مطمئنة أيَّتها الرَّاحِلة الكبيرة. لك الإحترام كله، ولك رحمات الله وجنانه الواسعة.