من المعروف أن ابتكار قوائم الطعام في المطاعم تعتمد على حيّل نفسية بارعة توظف من خلال الكتيّب الجذاب لناحية تصميمه.
أما الصفحات فتحمل جملاً قصيرة كتبت ببراعة لنجذب النظر اليها لاختيار الاصناف المتنوعة. ولكن ما الذي دعاك لاختيار ذلك الطعام الذي طلبته بالتحديد؟
لا يلاحظ الاشخاص هذا الأمر، لكن تلعب تلك القائمة دورا كبيراً في اختيارك للأطباق، حيث تعد قوائم الطعام وسائل تسويق معقدة، يمكنها أن توجه الزبائن نحو اختيارات معينة، كما أنها يمكن أيضا أن تكشف الأمور التي نفكر فيها.
يقول تشارلز سبينس، أستاذ علم النفس التجريبي بجامعة أكسفورد: "حتى الإطار المزخرف حول قائمة الطعام يمكن أن ينقل لنا رسائل مهمة جدا عن نوع التجربة التي نوشك أن نخوضها".
ويضيف: "هناك العديد من العناصر الموجودة في قوائم الطعام، والتي يمكن أن تعدل من أجل أن تؤثر على اختيار الزبائن بطريقة أو بأخرى".
وهناك الآن صناعة كاملة تعرف باسم "هندسة قوائم الطعام"، والمعنية بتصميم قوائم الطعام بطريقة تبعث رسائل محددة إلى الزبائن، لتشجعهم على إنفاق المزيد من المال، والرغبة في العودة مجددا إلى نفس المطعم.
يقول غريغ راب، وهو أحد مصممي قوائم الطعام من كاليفورنيا: "بالنسبة لسلسلة من المطاعم الكبيرة التي تخدم مليون شخص يأتون إليها يوميا في فروعها حول العالم، قد يستغرق تصميم قائمة الطعام أكثر من 18 شهرا، لأننا نختبر فيها كل شيء ثلاث مرات".
وأضاف: "يقضي العملاء دقائق قليلة فقط في النظر إلى القائمة، ولهذا نحن نريدهم أن يستفيدوا من هذا الوقت بشكل فعال. فإذا كان بإمكانهم العثور على طلب ما بسرعة، فمن الممكن أن يقضوا وقتا إضافيا في النظر إلى طلبات أخرى في القائمة قد يريدون طلبها".
هذا ويمكن لنوع الخط المستخدم في كتابة قوائم الطعام أن ينقل رسائل للزبائن، فعلى سبيل المثال، يحمل الخط المائل تصورا عن الجودة. كما يمكن لاستخدام خط معقد تصعب قراءته أن يحمل رسالة أخرى حول الطبيعة التي سيبدو عليها مذاق الطعام نفسه.
وتوصلت دراسة حديثة نشرها علماء في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا إلى أن الخضراوات التي تعطى أوصافا رنانة ومترفة في قوائم الطعام يتم اختيارها أكثر بنسبة 23 في المئة، لأنها تجعل تلك الأطعمة تبدو ذات مذاق أفضل، وأكثر تشويقا.
وأشارت دراسة أخرى أجريت في جامعة كولونيا بألمانيا إلى أن وصف أطباق الطعام بكلمات تحاكي حركة الفم أثناء الأكل، يمكن أن يساعد في زيادة الإقبال على هذا النوع من الطعام.
ويجب الحذر أيضا من قوائم الطعام التي تقدم وصفا بكلمات غير مترابطة أو متناسقة، فربما يبدو أن وراءها سببا جشعا أكثر من مجرد ملخص لوصف نوع ما من الطعام.
كما لوحظ أيضا أنه إذا قدم صنف ما في قائمة الطعام ملحقا بصورة، فسيكون لها تأثير كبير، لأن أدمغتنا ستتذوق ذلك الطعام الذي في تلك الصورة أولا.
وتستخدم المطاعم أيضا حيلا أخرى لإغراء الزبائن لشراء مزيد من الأطباق غالية الثمن. ومن أشهر تلك الحيل تخفيض ثمن الطعام سنتا واحدا، مما يجعل طبقا ثمنه خمسة دولارات و99 سنتا يبدو أرخص في نظر الزبائن من ستة دولارات كاملة. وتعد هذه الحيلة منتشرة جدا في قطاع بيع التجزئة، وأغلب الزبائن على وعي بها.
ويحذر بعض الخبراء في تصميم قوائم الطعام من أن عرض كثير من الأطباق في قائمة الطعام قد يسبب حيرة وإرباكا للزبائن. ويقولون إن وضع أكثر من سبعة أصناف رئيسية في قائمة الطعام يمكن أن يسبب ذلك. وينصحون أصحاب المطاعم بأن يقسموا قوائم الطعام إلى أقسام مختلفة، ليشمل كل قسم منها خمسة أو سبعة أصناف فقط.
وهناك وسائل أخرى يمكن أن تجذب الانتباه نحو أطباق معينة، مثل وضع علامات مميزة أو مربعات حول بعض الأصناف في قوائم الطعام، والتي يمكن أن تكون وسيلة فعالة.
وهناك بعض المطاعم التي تستخدم رموزا أو علامات يمكن أن تميز نوعا جديدا من الأطباق، أو أطباقا موسمية في فترة ما، لكي تجذب انتباه الزبائن نحو هذه الاختيارات بعينها.
(لها)