نظم المجلس الثقافي للبنان الشمالي وغرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي، ندوة بعنوان "مدينة الثقافة والحضور الحي"، في إطار فعاليات "أيام طرابلس الثقافية" التي يقيمها المجلس بالتعاون مع الهيئات الثقافية في طرابلس والشمال تحضيرا لإحتفالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2023 التي أقرها مؤتمر وزراء الثقافة العرب وأعلنتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو).
حضر الندوة راعي فاعليات أيام طرابلس الثقافية وزير الثقافة غطاس خوري ممثلا بالمدير العام السابق للوزارة فيصل طالب، كمال زيادة ممثلا الوزير السابق أشرف ريفي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة توفيق دبوسي، رئيس جمعية المشاريع الخيرية في الشمال طه ناجي، السفير السابق خالد زيادة، رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد، رئيس رابطة الجامعيين غسان حسامي، أمين عام المنتدى الثقافي في الضنية أحمد يوسف، رئيس بلدية بخعون زياد جمال، رئيسة تجمع سيدات الأعمال اللبنانيات ليلى سلهب، العميد الدكتور أحمد العلمي، الرئيس السابق لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية حميد حكم، وحشد من الكتاب والأدباء والشعراء والأساتذة الجامعيين ومهتمين.
منجد
البداية كانت مع النشيد الوطني ثم تحدث منجد الذي توجه بالشكر إلى دبوسي على إستضافته هذه الندوة، منوها بديناميته في الوصول بهذه المؤسسة الإقتصادية إلى مصاف المؤسسات الكبرى وتهنئته بإطلاقه مبادرته لإعتماد "طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية لما لهذا الإنجاز من توقعات إيجابية على الصعيدين الإنمائي والإقتصادي لطرابلس ولعموم لبنان".
وقال: "نحن في المجلس الثقافي للبنان الشمالي والهيئات الثقافية في طرابلس والشمال أخذنا على عاتقنا تنفيذ القرار المتخذ من قبل اللجنة العربية للتربية والثقافة والعلوم بتسمية طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2023 حيث يأتي لقاؤنا في إطار هذه التحضيرات، واليوم هو الثاني من أيام طرابلس الثقافية حيث ستتوسع هذه الفاعليات وتزداد في الموسم والأعوام القادمة وصولا إلى موعد الإحتفالية الكبرى في العام 2023".
وتابع: "إن هذه الإحتفالية ترتب علينا مسؤولية هامة في تفعيل هذه الفرصة للدفع بمدينتنا بأن تكون حقا "أم العواصم" وأن يلتقي الإقتصاد والثقافة على سكة العمل الوطني لإستنهاض المدينة على كافة الصعد، فلا ثقافة من دون إقتصاد متين وفاعل ولا إقتصاد من دون برامج ودور للقوى التي بإمكانها بل من مسؤولياتها أن تخطط وتضع الرؤى والأفكار وصياغة المشاريع فيكون المصنع بموازاة قيمة الكتاب والقصيدة والفكر الحي".
دبوسي
ثم تحدث دبوسي فقال: "ثقافة علم معرفة جزء لا يتجزأ من الرقي في المجتمع، وصحيح أن الإقتصاد هو محور الحياة بكل إتجاهاتها ولكن الثقافة جزء يرتقي بفكر الإنسان وبسلوكياته، وأن نكون معكم وإختياركم اليوم لغرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي لإحتضان هذه الندوة، فنحن مدينون لكم ولفكركم ولثقافتكم، وعندما نستعرض المراحل التي مرت بها المدينة نلمس مدى الخلل الذي أصابها على مختلف الصعد وإنعكاسه على الثقافة والفكر والأدب".
أضاف: " لكننا وظفنا قدراتنا وإمكانياتنا على مختلف الصعد من خلال طاقات أبنائنا وأفكارهم ورؤاهم ،لإنتشال المدينة من كبوتها والتطلع إلى مستقبل زاهر، وكل ذلك يستند على إبداعاتكم وعلى علومكم وثقافتكم وتغذيتكم لعقول أبنائنا وأجيالنا".
وتناول دبوسي مبادرة الغرفة في "تسمية طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية وإعتبارها وظيفة جديدة لتفعيل مقومات المدينة وتهيئتها لكي تكون ناجحة في مهامها"، وقال: "لبنان أصبح بحاجة لكي تكون طرابلس متمكنة للقيام بهذا الدور لأن اللبنانيين والطرابلسيين والشماليين يملكون مجموعة مرافق في هذه المدينة وأصبحوا حاجة لهذا الوطن، وللمحيط العربي والمجتمع الدولي بعد الدمار الذي أصاب المحيط العربي".
وتابع: "صحيح أننا أصبنا بشيء من الإحباط بنتيجة الأوضاع التي مررنا بها ولكن الطموح هو الذي يؤدي إلى نتائج إيجابية، ووضع خطة إستراتيجية لتحقيق هذه الأهداف هوالطريق الصحيح واليوم هناك إجماع لبناني وعربي ودولي حول قدرة مدينة طرابلس على أن تكون عاصمة لبنان الإقتصادية، وهذا من شأنه أن يدعم الثقافة، لذلك نحن وإياكم شركاء، فالثقافة والمعرفة يرتقيان بالإنسان ويحققان الأمن والأمان والإستقرار للمجتمعات والدول".
طالب
ثم أدار منجد الندوة التي تحدث في مستهلها طالب مشيرا إلى "أن الثقافة هي رؤية شاملة للعمل وتستهدف تحسين الوعي بقيمها ودورها وتأثيرها على مجريات الحياة وأن الحراك يجب أن يتعزز لامركزيا برؤى الإستنهاض، وطرح مجموعة من التساؤلات لتبصر السبل الايلة إلى تحقيق الغايات المرجوة من أي تفعيل ثقافي"، لافتا الى "أن طرابلس مقبلة على حدث كبير بعد إعلانها عاصمة للثقافة العربية العام 2023 وأن هذا الإستحقاق يستدعي من الجميع أن يعقدوا الخناصر وأن يقوموا لهذا الأمر قومة رجل واحد إستعدادا وتحضيرا وتخطيطا وتجهيزا للوصول إلى هذه الإحتفالية وقد أصبحت طرابلس تلك العروس التي تنتظر يوم عرسها بفرح وأمل وإستبشار بالمستقبل".
وتناول تاريخ الإحتفاء بعواصم الثقافة في أوروبا منذ العام 1983 وصولا إلى الإحتفاء بعواصم الثقافة في العالم العربي، كما عرض كيفية صدور القرار بإختيار طرابلس عاصمة للثقافة العربية من قبل مؤتمر وزراء الثقافة العرب في العام 2016 الذي وافق على توصية اللجنة الدائمة للثقافة العربية 2023.
وشدد طالب على "وجوب أن يتقدم لبنان بملف خاص عن المدينة في أسرع وقت ورفعه إلى "الألكسو" كما تقتضي الأصول، وأن تبادر وزارة الثقافة اللبنانية لتشكيل لجنة عليا لهذه الإحتفالية يكون موضوع الملف بندا أول على جدول أعمالها على ان يكون للسلطات المحلية فيها دور أساس فضلا عن الهيئات الثقافية والفعاليات التربوية والإجتماعية والإقتصادية واهل الفكر والأدب والفن والتراث، وطرح ما يجب أن يتضمنه الملف من معلومات جغرافية وسواها عن المدينة وما تختزنه من معالم أثرية ومعمارية وصناعات تقليدية وحرف يدوية والإشارة إلى أهم المنتديات الثقافية والفعاليات التي تشهدها المدينة، وما يمكن أن تتضمنه الفعاليات التي ستقام بهذه المناسبة".
وختم: "إنها فرصة تاريخية حقيقية أن تتصدر طرابلس في العام 2023 المشهد الثقافي في لبنان والعالم العربي وأن تتحسس دفق الحياة في شرايينها في تظاهرة غير مسبوقة في العنوان والزمان والمكان وسط حراك مجتمعي ثري يطاول مختلف الميادين".
زيادة
وتحدث السفير زيادة فقال: "تفصلنا عن موعد إعلان طرابلس عاصمة للثقافة العربية مدة خمس سنوات وهي مدة ضرورية إذا ما أردنا أن نقيم نشاطات تليق بطرابلس وتليق بالثقافة، ويتطلب الأمر إستنفار طاقات وخبرات عديدة ومنوعة من أجل مناسبة على هذه الدرجة من الأهمية، وما نملكه في هذه اللحظة لا يصل إلى مستوى مناسبة كهذه، لذلك نحن بحاجة إلى إعداد رؤية وخطة وتحديد الإمكانيات".
وقال: "أما الرؤية فتعني ما الذي نريده من عام كامل من النشاطات الثقافية فلا يكفي أن نقيم نشاطات على شكل محاضرات وأمسيات شعرية وعروض مسرحية وفلكلورية وغنائية والرؤية ممكن إختصارها بشعار على مثال: طرابلس مدينة التنوير، أو طرابلس والحداثة، أو طرابلس ملتقى الحضارات، إلى آخر الشعارات المشابهة ولكن من الضروري أن نتجاوز في هذه المناسبة الشعارات التي تتكرر بدون معنى ولا دلالة".
أضاف: "إن طرابلس قد حققت إزدهارها لكونها مدينة ساحلية ومرفأ هاما على ضفاف البحر المتوسط الشرقي وقد حققت أقصى درجات الإزدهار والفن في القرن الحادي عشر وفي ظل حكم بني عمار، أما سبب الإزدهار هو أنها كانت المرفأ الرئيسي مع تجارة المدن الإيطالية آنذاك، فإزدهر فيها العمران والإقتصاد من تجارة وصناعة وكذلك إزدهرت كمركز ثقافي يستقطب الأدباء والعلماء من كل البلاد".
ودعا إلى أن "تترافق هذه الإحتفالية بإقامة حدث ثقافي كبير بالتعاون والتضامن مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) ومنظمة (الأونيسكو) والإتحاد الأوروبي، على أن يكون هذا الحدث على مستوى دولي، وأن تتضمن الخطة الجهات والمسؤوليات والهيئات المشاركة وتشكيل لجان متخصصة لإعداد برنامج متكامل على مدى سنة كاملة وعقد مؤتمر ثقافي عربي يطرح قضايا وإشكاليات الثقافة العربية راهنا ومستقبلا".