أكد وزير المال علي حسن خليل أن "خطة استراتيجية" ستوضع لمعالجة وضع إدارة الجمارك لتحسين ادائها، وإذ أشاد بالإجراءات التي بدأت تتخذ، كشف أنه تعهد أمام مجلس الوزراء عدم استمرار الفريق الحالي "إذا لم يتمكن من إحداث فرق حقيقي" خلال سنة.
وقال خلال مشاركته في افتتاح اللقاء الحواري بعنوان "الجمارك في خدمة الوطن" في مركز التدريب الجمركي بمبنى إقليم بيروت: "في اللقاء الأول مع المجلس الأعلى والمديرية العامة للجمارك، كنا نتطلع إلى مرحلة وعهد جديد يتحمل مسؤولية استثنائية هي مسؤولية القيام بالواجب ومسؤولية إعادة رسم الدور الحقيقي والصادق للجمارك في الحياة العامة". ولاحظ أن "ثمة صورة ملتبسة في ذهن الناس المعنيين مباشرة بالعلاقة مع الجمارك أو البعيدين الذين يسمعون عن دور الجمارك وموقعها والمشاكل المحيطة بها".
وأضاف: "سمعنا كثيرا خلال المراحل الماضية وحاولنا كثيرا في هذه المراحل أن نحدث فَرقا في أداء الجمارك وعملها ككل، وبصراحة لربما أصبنا في بعض المواقع أو حسنا في بعض المواقع، لكننا بالتأكيد أخطأنا ولم نستطع أن نحدث تغييرا جذريا في عمل الجمارك خلال المرحلة الماضية. من موقعي المسؤول أقول ذلك. ولا يعقل أن كل الشعب اللبناني ومفاصل الاقتصاد والمال في البلد ليسوا على حق ونحن على حق. فثمة جزء من الصورة المشوشة، وبالتالي يترتب علينا كمسؤولين ان نعالج هذا الجزء المشوش في إدارة عامة مثل إدارة الجمارك".
وتابع: "هذا الكلام كان في أول لقاء مع المجلس الأعلى والمديرية العامة، وسننطلق منه للقيام بمعالجة حقيقية لوضع هذا القطاع الذي فيه أناس شرفاء وجديون ومسؤولون يهمهم كثيرا خدمة الوطن. وثمة الكثير من الكادرات في هذا القطاع، إذا ما أعطيت الإمكانات والتغطية الحقيقية والدعم الحقيقي، يمكنهم أن يقوموا بعمل أساسي وتغييري يدفع في اتجاه تعزيز دور هذا القطاع وهذا الجهاز وقيامه بالمسؤولية المتوجبة عليه بضبط حدود هذا البلد وحدود اقتصادنا المرسومة بالنصوص المنظمة لعمله، وفي الوقت ذاته رفد الدولة بالموارد المالية التي تعزز قدرتها على الحياة وعلى الصمود".
وأكد أن "ما سمعته وما رأيته وما أتابعه يوميا من عمل المجلس الأعلى الجديد والمديرية العامة الجديدة يعطي انطباعا أننا سنستطيع أن نحدث هذا الفرق". وإذ أشار إلى وجود "فريق متكامل في الجمارك للمرة الأولى منذ سنوات طويلة بعد فترات انقطاع وفترات غير طبيعية"، قال: "نحن قلنا في مجلس الوزراء إننا معنيون بأن يكون هذا المجلس وهذه الإدارة مسؤولين عن إحداث فرق حقيقي في خلال سنة من الآن، وإلا فلا شيء مقدس على الإطلاق، وليست هناك وظيفة محجوزة إلى أبد الآبدين لأشخاص لأنهم تعينوا ولم يعد هناك من إمكان لتغييرهم. ونحن متوافقون مع المجلس الأعلى والأعضاء والمدير العام على أنه إذا لم نستطع أن نحدث هذا الفرق في أداء عمل الجمارك على كل المستويات فنحن معنيون أن نطرح هذا الأمر في مجلس الوزراء أو من سيأتي بعدنا أن يطرحه لتحميل هذا الفريق المسؤولية ويضعه أمام حقيقة أنه يجب ألا يستمر إذا لم يتمكن من القيام بالواجب المطلوب منه.
أقول هذا الكلام برضى من نلتقي اليوم ومن نجتمع معه لأننا ننطلق من حس المسؤولية تجاه الناس وتجاه هذا الوطن. شخصيا أعبر عن الرضى عما يحدث اليوم من محاولات جادة على مستوى الجمارك فهناك محاولات يومية تحدث ولكنها بحاجة إلى سلسلة من الخطوات التي تعزز دورها من بينها تعزيزها بالكادر البشري وفتح المجال أمام ملء شواغر الجمارك وأنا متفاهم مع فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الحكومة على تأمين هذه الإمكانات إن كانت عسكرية أو مدنية حتى إذا طلبنا من الجمارك القيام بمهمة أن يكون لهذ الكادر البشري الحاضر للقيام بها على أكمل وجه كما يجب أن يكون".
وأضاف: "أقول هنا لكل مستويات الجمارك، ثمة في عقل الناس دور غير صحي للجمارك وكل واحد منكم معني بالعمل على تغيير هذا الواقع وإلا سنظل جميعا تحت سقفه وسنبقى معقدين منه. كلنا معنيون في مواقعنا كي نعمل بأقصى إمكاناتنا حتى نقوم بواجباتنا على أحسن وجه. وكل من يفترض لسبب ما سياسي طائفي مذهبي مصلحي بأنه محمي فهو مخطئ. لا توجد تغطية أو حماية لأحد على الإطلاق وإذا كان وقع تقصير في الفترات السابقة بتغطية أو بحماية البعض بوجود سكك محجوزة له أو باسمه وهناك بعض الأسماء التي يتم الحديث عنها علنا في وسائل الإعلام وبين الناس، فهذا الأمر نريد أن نطويه وأن نطوي صفحته ونبدأ بالحديث عن سكك من العمل الجاد الذي يحفظ حق الدولة وحق المواطن في الوقت ذاته وتؤمن الخدمة كما يجب أن تكون عليه هذه الخدمة".
وقال: "البعض ربما يقول هذا كلام ينطق به الآن وبعد فترة ينساه الناس، وهذا الأمر ربما يكون صحيحا، ولكن معنا ومع هذا الفريق أعتقد أننا سنقوم بما يجب لجهة المراقبة أولا وبالمحاسبة والتقارير تردنا من أجهزة وإدارات ومواطنين ومن الناس حتى تسير هذه العملية بأعلى درجات الإنضباط، ليس فقط في مرفأ بيروت أو مطارها إنما في الحدود البرية كلها، ونحن طلبنا في المجلس الأعلى بالبدء برسم خرائط لواقعنا بشكل دقيق حتى ننطلق منه لنتمكن من معالجة الثغر بالقدر الذي يمكن معالجتها وأنا على ثقة أننا نستطيع أن نعالج أكثر بكثير من الممكن".
وأردف: "أقول للناس الذين يعتبرون أن هذا البلد يسهل التهريب فيه، إن الأمور بدأت تضبط وستُضبط أكثر والذين يشتغلون بحياة الناس على مستوى تهريب الممنوعات فإن على الدولة أن تتعهد بكسر أيديهم وبمعاقبتهم إلى أقصى حدود دون أي هوادة. والناس الذين يضربون حياة الناس باقتصاد البلد وماليته فهؤلاء بالنسبة لنا يوازي إجرامهم الإجرام الذي يطال حياة الناس في المخدرات والممنوعات وغيرها. وهذه مسؤولية الجميع ونحن متوافقون عليه مع فخامة الرئيس ودولة الرئيس وفي الحكومة وهناك دعم وتغطية على كل المستويات لهذه العملية التي أعتبر أنها واحدة من إعلان انطلاقتها على مستوى الجمارك".
وأوضح أن "الجمارك ليست إدارة تعطي الأمر ولا إدارة تنظم فقط بشكل منفرد بعيدا عن الشراكة الحقيقية مع القطاعات المختلفة. ولهذا نلتقي اليوم مع الذين يحتكون بشكل يومي بالجمارك من مخلصين وهيئات وصناعيين وغيرهم، لنقول إن القرار عندما يصدر يجب أن يراعي خصوصياتهم ويجب أن ينتبه لمصالح العلاقات الاقتصادية ولمصالح القطاعات الصناعية والتجارية وغيرها".
وأشار الى أن "ثمة قرارات أخطأنا في بعضها سابقا، ويجب أن نصوب مسبقا ما يجب تصويبه حتى لا نقع بأخطاء تؤثر على الحركة الاقتصادية وعلى واقع الصناعيين والتجار، ويكون كل قرار يتخذ يصب لمصلحة هذا الوطن ومصلحة ناسه. هذا الجهاز في خدمة الدولة، وهو لذلك في خدمتكم كي يعمل الآليات التي تسهل عمل الجمارك ولا تعقد مصالح القطاعات المختلفة. وعلينا أن تنجز بأسرع وقت ممكن حتى لا تتحمل القطاعات الاقتصادية أعباء نتيجة الخلل القائم في الجمارك".
وشدد على ضرورة "أن يكون هناك منع لأي شكل من أشكال الرشوة تحت أي مسمى من المسميات، وأنتم معنيون ومسؤولون معنا حتى نكسر هذا التقليد القائم، ربما منذ عقود".
وقال: "هذا اللقاء هو لقاء أولي، ولكن يجب أن يستكمل مع إدارة الجمارك لإعداد النصوص والمذكرات والمقررات والتعاميم والتبليغات التي يجب أن تصل إلى كل هذا الجهاز وكل القطاع حتى نصل إلى تكامل بين القطاعات وجهاز الجمارك، وإلى مصاف الدول المسؤولة والراقية".
الطفيلي
وشدد رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي على "حاجة الوطن إلى تعاون الجميع". وقال: "علينا جميعا، موظفين عسكريين أو مدنيين، وتجارا، وشركات، أن نعمل لخير الوطن والمواطنين، فإذا سقط الاقتصاد سقط الوطن، وإذا سقط الوطن سقط كل شيء وسقطنا جميعا وسقط مستقبل أولادنا". وإذ أكد أن "السقوط في إدارة الجمارك ممنوع"، قال: "لا نستطيع أن نحقق شيئا وحدنا، وعلينا أن نتعاون جميعا".
وتابع: "نحن كموظفين نتقاضى رواتبنا من جيوب الشعب اللبناني، وبالتالي كل مواطن لبناني هو رب عملنا، وعلينا أن نكون مخلصين لرب عملنا، أي للشعب اللبناني، بتأمين العيش الرغيد له، وبعدم سرقة ماله العام".
وشدد على أن "هذا الأمر ليس مسؤولية الجمارك وحدها، بل مسؤولية الجميع، من تجار ومخلصي بضائع ونقابات".
واعتبر الطفيلي أن "الرشوة لا يمكن أن تكون من طرف واحد، بل هي تتطلب مرتشيا وراشيا وسببا للرشوة، والسبب بالتالي قد يكون الموظف أو تعقيد المعاملات أو الراشي".