التبويبات الأساسية

يقولون: أعطني قضاء أعطِك دولة.. فكيف تغدو الحال إذا كان القضاء مغيب والدولة متداعية والمواطن من يعاني ويتحمل التبعات عند كل مفصل؟
بعد ادعاء المدعي العام الاستئنافي القاضية غادة عون على ميشال مكتف وشركته للتحويلات المالية وبنك SGBL ورئيس مجلس إدارته أنطوان صحناوي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وآخرين بجرم تبييض الأموال في الأساس بحسب معطيات الداتا في ٣٠ آب ٢٠٢١، وتقدمها بطلب ادعاء إضافي وفق معطيات جديدة بتاريخ ٩ أيلول ٢٠٢١، تضمن طلب توقيف كل من مكتف وصحناوي وتعميم قرار منع سفرهما إلى الخارج كما حجز ومصادرة الأموال المتأتية نتيجة الجرائم، وذلك أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور الذي لم يقم بأي إجراء يمكن أن يعوّل عليه حتى اللحظة، رغم كل الجهد المبذول وكل التضييق في هذا الملف وكل الاشكالات التي حصلت مع المدعي العام الاستئنافي، فهل هذا هو القضاء الذي يحفظ الحق؟

ما يقوم به القاضي منصور مستغرب فهو بكل بساطة يبدو كمن يضع نفسه في موقع المعرقل لتقدم الإجراءات في ملف مكتف وشركائه، والممعن في إطالة الفترات الزمنية، بحيث يعتمد على التدابير العادية في قضية استثنائية، ويغالي في إعطاء المهل، في حين يرزح اللبنانيون تحت وطأة الإفقار الجماعي من قبل من يفترض بالقضاء ردعهم ومحاسبتهم وما زالوا طلقاء يسرحون ويمرحون.
فإن لم تحركك ٥ مليارات دولار نهبت والمواطن يعاني، فما الذي سيحرك فيك ساكناً يا حضرة القاضي؟
وعليه يصبح من حق كل لبناني أن يتوجه إلى القاضي منصور بالسؤال:
أولاً: السير بالإجراءات العادية واضح في ملف مكتف إنما وحتى ضمن هذه الإجراءات يمكن اعتماد المهلة الأقصر، فلما إعطاء المدعى عليه ميشال مكتف حتى ١٨ تشرين الأول لتقديم دفوعه في ملف أحيل أمام حضرتك يا قاضي منصور منذ ٣٠ آب ٢٠٢١ واستتبعه ادعاء إضافي أمامك في ٩ أيلول، أي لا إجراء بعد حوالي الشهرين في حين يمكن اتخاذ هذه التدابير خلال أيام لاسيما أنها جاءت بناء على ادعاء النيابة العامة ومعطيات داتا مكتف.
ثانياً: هل الإجراءات العادية تقتضي عدم وجود تدابير رادعة في ملف حجم تبييض الأموال فيه يتخطى ٥ مليارات دولار والحبل على الجرار، فأين التوقيف ومنع السفر وحجز الأموال؟
ثالثاً: في حال التسليم بأن القاضي منصور متخوف من اتخاذ إجراءات رادعة، أين هو من ادعاء القاضية عون وطلبها منع سفر وتوقيف مكتف وصحناوي ومصادرة الأموال على خلفية المليارات الخمس، وهل هذا هو السبب وراء عدم إصرار منصور على حضور مكتف لجلسة استجوابه اليوم في ٢٠ أيلول ٢٠٢١، حتى لا يتم اعتقاله باعتباره "متوارياً عن الأنظار " وفق توصيف القاضي نفسه. وإن صح ذلك، هل سيكون القاضي منصور بمنأى عن الطعن بأهليته لمتابعة ملف بهذا الحجم؟
رابعاً: الموضوع ليس بحاجة إلى كثير من التحقيقات بل فقط إلى مصداقية وجرأة في اتخاذ القرارات، فالقاضي منصور يعلم أن الوقائع ثابتة بموجب وثائق أخذت من شركة مكتف وسواها تقاطعت المعلومات والقيم بشأنها بشكل دقيق، وبالتالي هل بات القاضي منصور ممن يكرسون ملكية القضاء لصالح المتمولين وأصحاب البنوك والسياسيين أم هو في صف العدالة والناس؟
خامساً: المودعون لا يريدون قرارات دون تنفيذ، ومرفوض أن تبقى حياتهم وحقوقهم حبراً على ورق كما حدث في شكاوى سابقة منها ما جرى مع نقيب الصرافين الأسبق محمود حلاوي، فكيف سيكون القاضي منصور على قدر هذه المسؤولية وهو ينأى بنفسه عن القيام بأضعف الإيمان؟

هذا السياق لن يمر دون محاسبة، وأمام طريقة تعاطي قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان مع الموضوع فإنه هو من سيتحمل المسؤولية أمام المودعين والشعب اللبناني الذي لن يرضى بالسكوت أكثر، وفي حال الاستمرار بسياسة التجاهل وعدم اتخاذ الإجراءات الرادعة، بموجب إدعاءات القاضية عون وحقوق المودعين كما إرادة الناس بالعدالة، فسيكون على كل صاحب حق أخذ حقه بيده وفق المادة ١٨٤ من قانون العقوبات اللبناني، والقاضي منصور سيسأل عن كل نقطة دم قد تراق في الشارع، فالمودعون سيباشرون بالخطوات الأولى بدءاً من نهار الجمعة في ٢٤ أيلول ٢٠٢١ ولا يمكن أن يلام أحد منهم بعد نفاذ سبل القضاء لتحقيق العدالة.

صورة editor3

editor3