أثارت مذكرات مصطفى الفقي التي صدرت مؤخرا تحت عنوان “الرواية: رحلة المكان والزمان”، جدلا واسعا في مصر.
ويحكي الفقي مواقف حياتية يومية عاشها في مكتب الرئاسة خلال توليه منصب سكرتير الرئيس المصري، خلال الفترة بين عامي 1985 و 1992.
وأفرد الفقي أكثر من باب في كتابه الذي جاء في 18 فصلا، لعلاقته مع الرئيس مبارك، وأكد أن الأخير لم يكن يتوقع في يوم من الأيام أن تؤول إليه رئاسة الدولة، وأن شخصيته تميل إلى التوازن المريح والاعتدال الشديد، وتجنب المشكلات والابتعاد عن كل ما يثير الجماهير.
وتحدث في مذكراته عن حب مبارك للمقالب، وقال إنه في إحدى المرات أثناء السفر إلى الصين، اهتزت الطائرة التي كانت تقله مع الرئيس المصري الراحل بصورة شديدة، ما جعل الأخير يستغل خوفه ويطلب منه إحضار البريد السياسي والمجيء به إلى صالون الطائرة للاطلاع عليه.
وقال في مذكراته: “كان هذا أمرا صعبا في ظل الهزات العنيفة، حيث كنت أحرص على ربط الحزام بشدة متصورا أن ذلك تأمين لي وما كان هناك بد أمامي إلا التوجه إلى الرئيس، وهو يبدو هادئا ومستمتعا ولا يشعر بأي قلق، ثم يقول لي إن الطائرة التي توجد بها الآن مثل الدراجة بالنسبة للطائرة العسكرية، وسوف أحرص عند عودتنا إلى مصر أن أطلب من أحد الطيارين المقاتلين أن يصحبك في جولة جوية، يقوم فيها بقلب الطائرة عدة مرات، حتى يتم تطعيمك ضد الخوف من الطيران”.
كما روى مقلبا آخر لمبارك، وهو عندما كان ينادي أحيانا كبير الطيارين في الطائرة، جمال لطفي، لكي يتفق معه على أن يقول أمامه بخوف وقلق إن هناك سحابة رعدية سوداء مقبلة تجاههم في الجو، وذلك لكي يتابع مبارك ملامح وجهه.
ويروى الفقي كيف اضطر إلى تغيير عمر والده حين توفي خوفا من تشاؤم مبارك، عندما سأله عن عمر والده الذي توفي وهو في سن الـ 79 وكان مبارك قد بدأ الـ70.
ويكشف الفقي عن أن علاقة مبارك بالأزهر كانت لها خصوصية شديدة، وأنه عرض على الشيخ الشعراوي مشيخة الأزهر من خلال الدكتور فؤاد محيي الدين، إلا أن الأخير لم يسأل الشعراوي، وأبلغ عنه رفضه المنصب، ليتولى بدلا منه الشيخ جاد الحق علي جاد الحق.
ويبرر الفقي عضويته بالحزب الوطني الحكم، أنه تم تعيينه به دون أن يكون له حق الاختيار.
ولفت إلى أن منصبه جلب عليه المشكلات والمتاعب، فالمصريون يقبلون بحماس على أهل السلطة ولكنهم في أعماقهم يحملون تجاههم درجة من الغيرة التي تصل إلى حد الكراهية، مؤكدا أن عمله كان من أصعب فترات حياته على الاطلاق، رغم أنه كان متنفس مبارك في عزلته، حيث كان يتحدث إليه بإسهاب خارج أوقات العمل.
ويتطرق الفقي إلى حلمه الذي لم يتحقق بخصوص توليه منصب أمين جامعة الدول العربية، لكنه يعود ويؤكد أن الجامعة العربية لم يرتفع مستواها إلى المستوى القومي الصحيح ولم يعبر عن الإرادة العربية الحقيقية.
ويؤكد أنه لم يكن يعارض مبارك خلال منصبه، وإنما كانت معارضته متوارية بقدر الإمكان خشية غضب السلطان، وأن ارتباطه به كان هامشيا.
وكان علاء مبارك نجل الرئيس المصري الراحل، حسني مبارك، انتقد الفقي ووصفه بالمتلون.
وغرد عن الفقي عبر حسابه الرسمي على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي: “رجل الكاوتشوك مرونة غير عادية شخصية متلونة، يجيد اللعب على كل الحبال حسب الظروف والتوقيت، فقد كثيرا من الاحترام للأسف”.