التبويبات الأساسية

تعيش الساحة اللبنانية أياما صعبة ومفصلية جراء وباء الكورونا الذي يغزو العالم ويؤثر على مختلف نواحي الحياة ,ولا سيما الشق الإقتصادي وتحديدا لبنان الذي يعاني التدهور المالي والإقتصادي والإجتماعي قبل كارثة وباء كورونا .فكيف يتماشى الوضع مع اقفال أغلب المؤسسات الإقتصادية والمطاعم والفنادق والمحال التجارية وسواها من المؤسسات التي تشكل العصب الإقتصادي للحياة اللبنانية ؟
وفي حديث خاص بموقعنا رأى مدير بنك بيروت (فرع شتورة ) مارون مخول أنه كان على الدولة دفع السندات وذلك حفاظا على ثقة المجتمع الدولي والمؤسسسات الدولية بلبنان ,كما كان يجب وبأقصى حد ممكن إبلاغ الجهات المعنية من الدائنين قبل مدة بعدم الدفع، مع إعطاء ضمانات بأن الدفع سيتم عند تحسن الوضع الإقتصادي وفق جدول وتوقيت محدّدين.
وعن دور المصارف يرى مخول أنه لها الحق الشرعي بالربح، وقد أقرضت الدولة لكي تنجز مشاريع منتجة، لكن المشكلة ان الاموال سلبت والمشاريع لم تنفذ. اذاً المشكلة ليست في المصارف، بل في من استعمل هذا المال لأبعاد شخصية , ليس بمقدورنا اليوم الطلب من باب المنطق من الطبقة السياسية أن ترد الاموال المسلوبة الى الدولة، بل حفاظاً على ماء الوجه علينا إنشاء حساب تحت مسمى صندوق الحساب السيادي تقوم التيارات والأحزاب السياسية بالتبرع له بجزء من الاموال، ممّا يعيد بعض الثقة بالطبقة السياسية ويؤدي إلى دخول عدد كبير من الأموال بمقدار ١٢ مليار تقريباً بالإضافة إلى أن المواطنين المتمكنين اقتصاديا اذا صحت التسمية، يستطيعون الدعم مع ثقتهم بأن هذه الأموال تذهب للمكان الصحيح دون هدر وسرقة كما اعتاد اللبنانييون في السابق , أما فيما يتعلق باقتطاع جزء من أموال المودعين فهو ليس منطقيّاً لأن 80% من المودعين يمتلكون ما يقارب السبعة مليارات، و20% من المودعين يمتلكون ما يقارب المئة وستين مليارا ,وهذا ما يعتبر ظالما ومجحفا بحق الطبقة الكادحة وغير عادل، فالمطلوب هو شراء أسهم في المصارف بما يعادل 30% من قبل المودعين الكبار مقابل اسهم في المصارف لمدة خمس سنوات، وهذا ما يساهم في تحريك العجلة الإقتصادية ,ويدخل ما مقداره ٤٠ مليار دولار لتقوية رأس مال المصرف ,في هذه المدة سيستفيد المودع من الارباح ويترك له الحق الإستمرار في الشراء أو عدمه، عندها تقدر المصارف على المساهمة بمبلغ ٢٠ مليار، ويكون مجموع ما دخل الى الصندوق السيادي ٧٥ مليار تقريباً .
بما يتعلق بالعملة يؤكد مخول أنه يؤيد تثبيت سعر الصرف الرسمي للعملة , وهذا ما يؤثر ايجابا على القدرة الشرائية والثقة بالسوق وزيادة العمليات التجارية والحركة التسويقية فيه ,أما فيما يتعلق بالصرافين فهو سوق ثانوي انتعش منذ فترة ليست بالطويلة تلبية لحاجات الناس، وهو يتعرض للعرض والطلب ككل الأسواق الأخرى , فالصرافون وقفوا إلى جانب الناس وأنقذوهم في مواضع عديدة واستطاعوا الحفاظ على السوق من شراء البضائع المتنوعة ,مع التمني عليهم بالبعد عن الاطماع في الربح وترك الحس الوطني يعلو فوق كل اعتبار.، وعندما تعود المصارف لعملها الطبيعي، يعود العرض والطلب على الصرافين طبيعياً .
بما يخص الكورونا يرى مخول أن “الكورونا” أنقذت الناس من حرب عالمية ثالثة ,فهذا الوباء جمع الناس من مختلف أنحاء العالم واظهر ضعف الانسان على الرغم من تطوره. وحالة الإنسان الصحية تعتبر الأهم من كل تفصيل آخر ؛فحياة الجميع مهددة بعيدا عن اي انتماء ديني او عرقي او سياسي او مناطقي او ما شابه، والكورونا بات مشكلة الكرة الأرضية كلها.
وبما يتعلق بصندوق النقد يرى مخول أن تدخل الصندوق هو أمر أساسي ومهم جدا ,لأنه وبكل بساطة لا حلول جذرية أخرى ,والمطلوب هو الإصلاحات الجذرية التي تعطيه ضمانة وتحفزه على التعاون أكثر مع الدولة اللبنانية ,وهذا هو الحل والأمل الأخير للبنان حكومة وشعبا، وهذا ما حصل في مصر وانعشها اقتصادياً . كي لا يحصل انهيار كبير ، بما أنّ امكانات العلاج والإنقاذ كبيرة ومتوفرة ،اذا وجدت النوايا الحقيقية لذلك.
يرى مخول أن الهدف الاساس اليوم هو انقاذ الوطن وضمانة حقوق الشعب اللبناني في مقدراته وخيراته وقدرته على انتاج الكثير في شتى الميادين ,فالكل في مركب واحد والمصير مصير الجميع دون استئذان, ويؤكد أن الرهان على الحكومة كبير لأن الحكومة تمتلك وجوه مثقفة ومتعلمة وتمتلك حساً وطنيا وانسانيا كبيرا، ونتائج أبرز وجوهها ايجابية جدا على الصعيد المهني الشخصي، وهذا ما نود أن ينعكس على الحياة السياسية والإقتصادية العامة ,والمطلوب اليوم من الشباب اللبناني المبدع والمثقف أن يستثمر حاليا بكل ما هو متاح وتحديدا الشق التكنولوجي الذي يمكن له ان يدر الكثير من الأموال وأن يطور الإمكانيات الفردية والاجتماعية بشكل كبير ,فأعظم الإستثمارات هو الإستثمار في الشباب ,وثمة أمل كبير يلوح في الأفق رغم المشهد الضبابي الحالي الذي نمر به ,ولكن من خلال ثقتنا بنفسنا وايماننا بحب وطننا ، سيمر هذا الوباء وغيره من المصاعب الاقتصادية والسياسية ، لنكمل المسير وننهض بلبنان، كل من موقعه ورؤيته الرامية لخدمة شعبنا ودولتنا. اذا علينا اولاً واخراً ان نؤمن ببلدنا وان نعمل جاهدين من أجل أن يصبح لبنان وطناً نموذجياً يحتذى به.

صورة editor14

editor14