التبويبات الأساسية

بحسب أكثر من مرشّح مُستقل للإنتخابات النيابيّة التي حدّدت وزارة الداخليّة موعدها يوم الأحد في السادس من أيار 2018، بالتزامن مع توقيع مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة اللبنانيّين المُقيمين في لبنان والمُتواجدين في 40 دولة للإقتراع، فإنّ الأغلبيّة الكبرى من الناخبين غير «الحزبيّين»، لا تملك المعلومات الواضحة عن طبيعة التصويت في القانون الجديد، وبعضها أجاب بما هو «مُضحك ومُبكي» في آن واحد على أسئلة هؤلاء المُرشّحين في خلال لقاءات مباشرة معهم، ومنها مثلاً «حتمًا لن أُسقط اللائحة كاملة، فنحن لسنا غنما» و«سأحرص على شطب الإسم الذي لا يعجبني لأضع إسمك مكانه»، و«سأضع الصوت التفضيلي لصالحك على الرغم من أنّك من خارج قضائي»، علمًا أنّ كل هذه الخيارات التي كانت تصحّ في القانون الإنتخابي السابق لم تعد مُمكنة في القانون الجديد! وطالب هؤلاء المُرشّحون وزارة الداخليّة و«هيئة الإشراف على الإنتخابات» بالتحرّك سريعًا لتعميم طبيعة القانون الإنتخابي على الرأي العام اللبناني وعلى كل الناخبين، خاصة البنود المُرتبطة بكيفيّة التصويت وكيفية إختيار «الصوت التفضيلي»، لأنّ الأحزاب السياسيّة التي تملك «ماكينات إنتخابيّة» تعمل على تنظيم ندوات ولقاءات لشرح هذه الأمور على مناصريها ومُحازبيها، الأمر الذي يجعلها مُتقدّمة على المُرشّحين المُستقلّين بشكل غير عادل.
وللتوقف عند الأخطاء التي يُمكن أن يقع فيها الناخب اللبناني خلال التصويت، ما لم تُسارع الجهات الرسميّة المعنيّة لشرح تفاصيل القانون للبنانيّين، علمًا أنّنا صرنا على بُعد أربعة أشهر فقط من موعد تنظيم الإنتخابات النيابيّة، إستشرنا أحد المراجع الدُستورية الذي ذكّر بأنّ القانون الإنتخابي الجديد يضمّ 125 مادة مُوزّعة على 11 فصلاً، لكنّ المواد الخاصة بطبيعة التصويت محدودة ويُمكن تعميمها على الجُمهور العريض عبر إعلانات رسميّة سهلة. وشدّد على أنّه بحسب المادة 19 من القانون الإنتخابي الجديد التي تُحدّد مهام «هيئة الإشراف على الإنتخابات»، جاء في البند العاشر أنّ من مهام هذه الهيئة «نشر الثقافة الإنتخابيّة وإرشاد الناخبين وتعزيز المُمارسة الديمقراطيّة بالوسائل المُتاحة كافة»، علمًا أنّ البنود الأخرى لهذه المادة لا تقلّ أهميّة وهي تتحدّث مثلاً عن «مراقبة تقيّد اللوائح والمرشّحين ووسائل الإعلام على إختلافها بالقوانين والأنظمة التي ترعى المنافسة الإنتخابيّة وفقًا لأحكام هذا القانون» (البند 4)، وعن «تحديد شروط وأصول القيام بعمليّات إستطلاع الرأي...» (البند 5). وأضاف أنّه بغض النظر عن أهميّة كل البنود، فإنّ التركيز في شرح القانون يجب أن يطال الناخب اللبناني قبل أي شيء آخر.

وذكّر المرجع الدُستوري أنّه بحسب البند الأوّل من المادة 46 من القانون الإنتخابي الجديد «يُقفل باب الترشيح قبل الموعد المُحدّد للإنتخابات بستّين يومًا»، ما يعني أنّه في حال جرى الإلتزام بموعد 6 أيّار 2018 لإجراء الإنتخابات، فإنّ كل الترشيحات يجب أن تكون مَحسومة قبل 6 آذار المُقبل، أي خلال أقلّ من شهرين من تاريخ اليوم. وأضاف أنّه بحسب المادة 52 من القانون الإنتخابي «يتوجّب على المُرشّحين أن ينتظموا في لوائح قبل أربعين يومًا كحدّ أقصى من موعد الإنتخابات، على أن تضمّ كل لائحة كحدّ أدنى 40 % من عدد المقاعد في الدائرة الإنتخابيّة بما لا يقلّ عن 3 مقاعد، وعلى أن تتضمّن مقعدًا واحدًا على الأقلّ من كل دائرة صُغرى في الدوائر المُؤلّفة من أكثر من قضاء واحد. وتابع قائلاً إنّ هذا الأمر يُحتّم أن يتمّ الإنطلاق ومن دون أي تأخير في حملات التوعية الرسميّة المطلوبة للمواطنين، عبر وسائل الإعلام المُختلفة المقروءة والمسموعة والمرئيّة، ليكون لبنان جاهزًا للإنتخابات التي تجري للمرّة الأولى في تاريخه وفق مبدأ النسبيّة ومع ميزة «الصوت التفضيلي».
ولفت المرجع الدُستوري إلى أنّه بحسب المادة 97 من قانون الإنتخابات الجديد، جاء في البند الأوّل «لكل ناخب أن يقترع للائحة واحدة من بين اللوائح المُتنافسة، ويحق له الإقتراع بصوت تفضيلي واحد لمرشّح من الدائرة الإنتخابيّة الصُغرى من ضُمن اللائحة التي يكون قد إختارها»، بينما جاء في البند الثاني «في حال لم يقترع الناخب بصوت تفضيلي يبقى إقتراعه صحيحًا، وتُحتسب فقط اللائحة. أما إذا أدلى بأكثر من صوت تفضيلي واحد ضمن اللائحة، فلا يُحتسب أي صوت تفضيلي وتُحتسب اللائحة لوحدها». وجاء أيضًا في البند الثالث «في حال إقترع الناخب للائحة وأدلى بصوت تفضيلي ضُمن لائحة أخرى أو ضمن لائحة عن دائرة صُغرى غير التي ينتمي إليها، فلا يُحتسب أي صوت تفضيلي وتُحتسب اللائحة لوحدها». وأشار المرجع إلى أنّه بالتالي من الضروري أن ينتبه الناخبون إلى أنّهم يملكون صوتًا تفضيليًا واحدًا، ويجب أن يذهب إلى مرشّح من القضاء الذي ينتمون إليه، وأن لا ينجرفوا في تصويتهم لشخصيّة يُحبّونها أكثر ضمن اللائحة، لأنّ صوتهم سيذهب عندها هدرًا.
ولفت المرجع الدُستوري أيضًا إلى أنّ التقدّم في عدد الأصوات التفضيلية يجب أن يترافق مع حصّة اللائحة المعنيّة، ومع عدد المقاعد الشاغرة. وأوضح أنّ المادة 98 مُهمّة جدًا لأنّها تشرح كيفيّة إحتساب المُرشّحين الفائزين، حيث جاء في البند الأوّل منها «يتم تحديد هذه المقاعد العائدة لكل لائحة إنطلاقًا من الحاصل الإنتخابي»، وجاء في البند الثاني «لأجل تحديد الحاصل الإنتخابي، يُصار إلى قسمة عدد المُقترعين في كل دائرة إنتخابيّة كُبرى على عدد المقاعد فيها». وأضاف أنّ البند الخامس من هذه المادة نصّ على أنّه «بعد تحديد عدد المقاعد الذي نالته كل لائحة مؤهلة، يتم ترتيب أسماء المرشّحين في قائمة واحدة من الأعلى إلى الأدنى وفقًا لما ناله كل مرشّح من النسبة المئويّة للأصوات التفضيليّة في دائرته الصُغرى»، و»تُحتسب النسبة المئويّة من الأصوات التفضيليّة لكل مرشّح على أساس قسمة أصواته التفضيليّة على مجموع الأصوات التفضيليّة في الدائرة الصُغرى». وتابع المرجع كلامه بالقول إنّ البند السادس من المادة 98 توضح أنّه «تجري عمليّة توزيع المقاعد على المرشّحين الفائزين بدءًا من رأس القائمة الواحدة التي تضم جميع المرشّحين في اللوائح، فيُعطى المقعد الأوّل للمرشّح الذي يحصل على أعلى نسبة مئويّة من الأصوات التفضيليّة، ويمنح المقعد الثاني للمُرشّح صاحب المرتبة الثانية في القائمة وذلك لأي لائحة إنتمى، وهكذا بالنسبة للمقعد الثالث حتى توزيع كامل مقاعد الدائرة للمرُشّحين المنتمين لباقي اللوائح المُؤهّلة». وفي السياق عينه، أشار المرجع الدُستوري إلى أنّ البند السابع من المادة نفسها يشترط «أن لا تكون اللائحة قد إستوفت نصيبها المحدد من المقاعد، فإذا بلغت عملية التوزيع مرشّحًا ينتمي إلى لائحة إستوفت حصتها من المقاعد، يتمّ تجاوز هذا المرشّح إلى المرشّح الذي يليه». ويشترط أيضًا «أن يكون المقعد شاغرًا وفقًا للتوزيع الطائفي و/أو في الدائرة الصُغرى، إذ بعد إكتمال حصة مذهب و/أو الدائرة الصُغرى ضمن الدائرة الإنتخابيّة، يخرج حُكمًا من المنافسة باقي مرشّحي هذا المذهب و/أو الدائرة الصُغرى بعد أن يكون إستوفى حصّته من المقاعد».
وختم المرجع الدُستوري كلامه بالقول إنّه لكل هذه التعقيدات الواردة أعلاه، من الضروري أن تُسارع الجهات الرسميّة المعنيّة إلى شرح طبيعة القانون الإنتخابي الجديد، إذا كانت ترغب فعلاً في أن تكون الإنتخابات النيابيّة إستفتاء ديمقراطيًا حقيقيًا بشأن من يرغب اللبنانيّون أن يُمثّلهم في البرلمان.

ناجي سمير البستاني صحيفة "الديار"

صورة editor11

editor11