التبويبات الأساسية

كتب اندريه قصاص: لقد بح صوت الإعلام عمومًا والمرئي خصوصًا، وهو يتحدّث عن ضرورة وعي خطورة المرحلة التي نمرّ بها نتيجة تفشي فايروس الـ"الكورونا"، ووجوب البقاء في المنزل خوفًا من إنتشار هذا الفايروس القاتل، خصوصًا أن إمكانات لبنان الطبية محدودة، سواء من حيث عدم توافر الأسرّة الكافية في المستشفيات في حال تخطّى عدد المصابين التوقعات، ولا من حيث المستلزمات الطبية الضرورية، بعدما أصبح لبنان معزولًا عن العالم، وبعدما رفعت اوروبا "العشرة" واستسلمت لـ"كورونا"، وأعلنت عجزها حياله.

ونتيجة الإتصالات التي أجراها لبنان بعدد من الدول الأوروبية الصديقة تبلّغ إستحالة تأمين حتى ولو مستحضر طبي واحد لمعالجة مفاعيل هذا الفايروس، وأن دول الاتحاد الاوروبي تعاني من نقص يفوق التصور وما لديها بالكاد يكفيها، إذ أصبحت كل دولة تهتم بأزمتها، و"كل واحد يقلع شوكو بإيديه"، وأيضًا "ما بحك جلد إلاّ ظفرك". وما يجري في ايطاليا وفرنسا واسبانيا، يؤكد أن الامور باتت صعبة، خصوصًا في ايطاليا التي أصبح فيها الوضع خارج السيطرة بينما يعيش بعض اللبنانيين في "كوكب" آخر، وهم يتصرّفون وكأن ما يحل بهم لا يعنيهم. ولا يزال البعض مصرًّا على التصرّف غير ىبه بصحته أولًا وبصحة عائلته ثانيًا، وبصحة مجتمعه ثالثًا، فتراه يقيم حفلات الأعراس ولا ينسى فرقة "الزفة" والطبل والزمر. فبأي لغة يجب التكلم مع هكذا صنف من البشر، وكيف السبيل لإقناعهم بأن ما يفعلونه، عن جهل، هو اسوأ ما يمكن أن يقوم به إنسان في زمن الشدائد والويلات.

ومرّة جديدة يطلع علينا رئيس الحكومة حسّان دياب ليطلب من المواطنين إلتزام حال طوارئ ذاتية، ويطلب من القوى الأمنية التشدّد في تطبيق التعبئة العامة، ولم نفهم نحن القابعين في منازلنا لماذا لا تعلن الحكومة حالة طوارئ عامة يُمنع فيها التجول إلاّ في اقصى حالات الضرورة. فهل ينتظر رئيس الحكومة أن يفلت الوضع وألا تعود المستشفيات الحكومية والخاصة قادرة على إستقبال المزيد من المصابين بهذا الفايروس الخطير، الذي يجتاح العالم باسره حتى يعلن حالة الطوارئ، التي لا بدّ منها في نهاية المطاف للحدّ من إنتشار الوباء؟

والأخطر من كل هذا أن معظم المراسلات التي أجرتها الحكومة بالخارج كانت سلبية، حيث رفضت جهات اوروبية ودولية مساعدة لبنان بالادوات الطبية والمستلزمات الاغاثية العاجلة باستثناء منظمة الصحة العالمية والصين التي تبرعت ببعض الاجهزة للفحص وفحص الحرارة وهبة فرنسية محدودة منذ اسبوع.

حيال هذا الواقع يجب على جميع اللبنانيين من دون إستثناء أن يفهموا أننا دخلنا منطقة الخطر الجدّي ونحن نعاني نقصاً وشحاً في معظم المواد الطبية ولا سيما المتعلقة بـ"كورونا"، وأن الأمر ليس مزحة، وأن التصرفات العشوائية والهمجية لم تعد مسموحة، لأن من يقوم بأي عمل طائش لا يضرّ نفسه فقط بل يضرّ مجتمعًا بأكمله مهدّد في كل لحظة أن يتحوّل إلى بلد موبوء، كان من الممكن تفادي الوقوع في المحظور لو أن الحكومة تصرّفت منذ البداية بوعي وببعد نظر.

صورة editor14

editor14