نبهت وكالة الطاقة الدولية في تقرير حديث إلى أهمية دراسة الكيفية التي يتطور بها الطلب النفطي فى فترات مختلفة، عادا آفاق ذروة الطلب غير معروفة، حيث يتم تحديدها من خلال مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك تطورات أسعار النفط، والانتقال الاقتصادي الجاري في مراكز الطلب الرئيسة "أبرزها الصين"، إضافة إلى وتيرة إصلاح دعم الوقود الأحفوري، والسرعة التي تظهر بها التكنولوجيا المتطورة ونماذج الأعمال الحديثة في قطاع النقل.
وتتوقع الوكالة نمو الطلب النفطي في العام الجاري بنحو 1.4 مليون برميل يوميا، مدعوما بانخفاض أسعار الخام وبدء مشاريع البتروكيماويات في الصين والولايات المتحدة، إلا أن تباطؤ النمو الاقتصادي سيحد من استمرار ارتفاع الطلب.
وأكد التقرير أن المصدرين الرئيسين لنمو الطلب على النفط هما قطاعا البتروكيماويات والنقل، لافتا إلى أن هذين المصدرين الرئيسين لا يمكن لأي مورد آخر من موارد الطاقة أن يحل محلهما بسهولة كبديل عن النفط.
وأضاف أن "الأسواق النفطية لديها قدرة واسعة على التكيف مع المتغيرات المتلاحقة"، مشيرا إلى أن فترات ارتفاع الأسعار السابقة قبل صيف عام 2014 عززت نمو إنتاج النفط الصخري الضيق في الولايات المتحدة.
وأفاد التقرير بتراجع المعروض العالمي بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا إلى مستوى 99.7 مليون برميل يوميا في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، حيث بدأ سريان اتفاق فيينا لخفض الإنتاج إلى جانب هبوط الإنتاج الكندي.
وزادت تقديرات النمو من خارج "أوبك" إلى 2.7 مليون برميل يوميا في عام 2018، وإلى 1.8 مليون برميل يوميا في عام 2019، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى ارتفاع الناتج الأمريكي.
وأشار التقرير إلى تراجع إنتاج "أوبك" من النفط بمقدار 930 ألف برميل يوميا في كانون الثاني (يناير) الماضي ليسجل 30.83 مليون برميل يوميا وهو أدنى مستوى له منذ أربع سنوات وقد بلغت نسبة الامتثال لاتفاقية فيينا 86 في المائة.
ولفت إلى خفض السعودية والإمارات والكويت الإنتاج بأكثر مما وعدوا به، فيما كان امتثال المشاركين من خارج المنظمة 25 في المائة فقط.
ونوه التقرير بأن مخرجات التكرير العالمية هبطت في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي 0.7 مليون برميل يوميا بدلا من الزيادة المتوقعة سابقا، وذلك بسبب انخفاض النشاط في أكبر أربع مصافي آسيا فى الصين والهند واليابان وكوريا، وأن توقعات عام 2019 لم تتغير، حيث من المتوقع نمو التشغيل بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا.
فى سياق متصل، توقع محللون نفطيون أن تشهد أسعار النفط تقلبات جديدة خلال الأسبوع الجاري، بعد أن أغلقت الأسبوع الماضي على تراجع بنحو 2 في المائة بسبب تجدد مخاوف الطلب.
وقال المحللون "إن الأسعار في المقابل ستستمر في تلقي الدعم من التخفيضات الإنتاجية التي ينفذها تحالف المنتجين في "أوبك+" علاوة على تأثير العقوبات الأمريكية في كل من إيران وفنزويلا".
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، تورستين أندربو السكرتير العام الفخري للاتحاد الدولي للغاز، "إن أسعار النفط مستمرة في حال التقلبات نتيجة تأثير عوامل عديدة ومتضادة التأثير في السوق"، لافتا إلى أن ضعف البيانات الصناعية في الولايات المتحدة والصين واليابان جدد المخاوف النسبية المؤقتة على الطلب.
ونوه أندربو بأن عدم حدوث تقدم سريع في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين كان له تأثير أيضا في كبح الأسعار التي تتلقى دعما من جهة أخرى بسبب خفض الإنتاج الذي تقوده "أوبك+" علاوة على التخفيضات السعودية الطوعية، وتأثير العقوبات الصارمة في إيران وفنزويلا.
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، أن آفاق أسواق النفط جيدة، وأن تحسن وتعافي الأسعار متوقع بشكل تدريجي، عادا تخفيضات الإنتاج التي ينفذها تحالف المنتجين في "أوبك+" أدت بالفعل إلى تشديد المعروض العالمي، كما أدى خفض الصادرات السعودية إلى الأسواق الأمريكية إلى حدوث خفض غير متوقع في مستويات المخزونات النفطية في الولايات المتحدة.
وأشار موريس إلى أن كفة صعود الأسعار هي الأرجح لولا الزيادات المفرطة في الإمدادات الأمريكية من النفط الصخري إلى جانب بعض العوامل الجيوسياسية المؤثرة في السوق على نحو واسع، وهو ما يجعل الأسعار تتحرك تارة صعودا، وأخرى هبوطا لحين نجاح جهود استعادة الاستقرار في السوق.
من ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن جهود "أوبك" نجحت بالفعل في تحقيق نتائج جيدة ومرضية فيما يتعلق بعلاج وفرة المعروض في الأسواق"، مضيفا أنه "من الواضح إصرار "أوبك" وحلفائها على بلوغ أهدافهم، في ظل توقعات بإضافة دول أخرى إلى التحالف المشترك للمنتجين".
ولفت كروج إلى أن الأسعار ستغلب عليها التقلبات على الأقل لحين اجتماع "أوبك" وحلفائها الشهر المقبل في فيينا، لتقييم صفقة خفض الإنتاج ومراجعة الالتزام بمستويات الخفض، مشيرا إلى أن احتمالية مد العمل بتخفيضات الإنتاج كبيرة بهدف امتصاص وفرة الإمدادات من المنافسين خارج التحالف خاصة الولايات المتحدة والبرازيل.
وكانت أسعار النفط أغلقت منخفضة نحو 2 في المائة في ختام الأسبوع الماضي، منهية الأسبوع على خسارة بنحو 3 في المائة متأثرة بمخاوف نمو الطلب العالمي، بعد بيانات ضعيفة لنشاط المصانع في أمريكا.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط جلسة التداول منخفضة 1.42 دولار، أو 2.5 في المائة، لتبلغ عند التسوية 55.80 دولار للبرميل بعد أن سجلت أعلى مستوى منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) عند 57.88 دولار.
وتراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 1.24 دولار، أو 1.9 في المائة، لتسجل عند التسوية 65.07 دولار للبرميل بعد أن كانت وصلت عند أعلى مستوى لها في الجلسة إلى 67.14 دولار.
وعلى الرغم من تسجيلهما أعلى مستوياتهما منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر)، تنهي عقود برنت الأسبوع على خسارة قدرها 3.3 في المائة في حين هبطت عقود الخام الأمريكي 2.7 في المائة.
وخفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية العاملة إلى أدنى مستوى في نحو تسعة أشهر مع قيام بعض المنتجين بتنفيذ خطط لخفض الإنفاق على الرغم من صعود أسعار عقود الخام بأكثر من 20 في المائة منذ بداية العام.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الحفر أوقفت تشغيل عشرة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في أول آذار (مارس)، لينخفض إجمالي عدد الحفارات النشطة إلى 843 وهو أدنى مستوى منذ أيار (مايو) 2018".
وهبط عدد حفارات النفط النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، لثاني أسبوع على التوالي، لكنه ما زال مرتفعا قليلا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 800 حفار مع تركيز شركات الطاقة على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج في ظل توقعات بأن أسعار الخام ستنخفض هذا العام مقارنة بـ2018.
وفقا لـ"بيكر هيوز"، بلغ عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع 1038، ينتج معظمها النفط والغاز.
وقالت وزارة الطاقة الأمريكية "إنها ستطرح ما يصل إلى ستة ملايين برميل من الخام من احتياطي الطوارئ القومي لتجمع أموالا لتحديث احتياطات النفط الاستراتيجية في الولايات المتحدة".
ويواصل الإنتاج الأمريكي تسجيل مستويات قياسية بعدما قفز بنحو 100 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي، مع هبوط الواردات النفطية لأدنى مستوى منذ عام 1996.
وكشفت التقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن متوسط إنتاج الولايات المتحدة من النفط سجل 12.100 مليون برميل يوميا في الأسبوع الماضي مقابل 12 مليون برميل يوميا المسجلة في الأسبوع السابق له.
ويعد الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة عند هذه القراءة هو الأعلى على الإطلاق من حيث التقديرات الأسبوعية، بعد أن وصل إلى مستوى 12 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنقضي للمرة الأولى في تاريخه.
تأتي الطفرة في الإنتاج الأمريكي بالتزامن مع تراجع صافي الواردات النفطية للولايات المتحدة بنحو 1.357 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع المنقضي لينخفض إلى 2.558 مليون برميل يوميا.
بحسب البيانات، فإن واردات الولايات المتحدة من النفط انخفضت بمقدار 1.605 مليون برميل يوميا في الأسبوع الماضي لتهبط إلى مستوى 5.917 مليون برميل يوميا.
وسجلت الصادرات الأمريكية من النفط تراجعا بنحو 248 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي لتهبط إلى 3.359 مليون برميل يوميا.
وبالنسبة إلى المخزونات النفطية، فقد تراجعت بشكل مفاجئ الأسبوع الماضي بمقدار 8.6 مليون برميل مقابل توقعات تشير إلى 2.8 مليون برميل في الاتجاه الصاعد، وخلال الفترة نفسها، تراجعت مخزونات البنزين الأمريكية بمقدار 1.9 مليون برميل.