كتب إيلي الفرزلي في صحيفة "الأخبار" تحت عنوان " فكرة" إلغاء الدعم عن الدواء: الانهيار الصحي القادم!": "منذ أن أعلن رياض سلامة أنه لم يعد قادراً على دعم استيراد المحروقات والدواء والقمح على سعر ١٥١٥ ليرة للدولار، والفوضى تعمّ الأسواق. لكن إذا لم يكن بالإمكان تخزين الخبز أو البنزين لفترة طويلة، فإن ذلك لا ينطبق على الدواء. معظم الأدوية صلاحيتها تفوق السنة. وفي مقابل الخوف من زيادة أسعارها أضعافاً، في حال رفع الدعم، يكون الحلّ لمن يملك القدرة على شراء كميات من الأدوية، تخزين ما أمكن منها. تلك حالة يلمسها الصيادلة جيداً. الموظفون هم الأكثر سعياً إلى التخزين، مقابل عدم اكتراث الأغنياء وعدم قدرة الفقراء على شراء أكثر من حاجتهم الشهرية.
بالنتيجة، فإن من يقصد الصيدليات يدرك أن أدوية عديدة فُقدت، كما فُقد بديلها. وهي في معظمها أدوية أمراض مزمنة، يُشكّل توقف المريض عن تناولها خطراً على حياته. لذلك، صار معتاداً أن يقصد المرضى أو أقرباؤهم عشرات الصيدليات بحثاً عن دواء ما. وهؤلاء نوعان، إما يسعون إلى التخزين في محاولة لمواجهة قرار رفع السعر عندما يحين وقته، أو إلى إيجاد دواء محدد لم يجدوه حيث اعتادوا. وتلك مسألة مرشحة للاستمرار إلى حين اتضاح مآل الدعم. هل يستمر على حاله، أم يعدّل أم يلغى؟ النقابات المعنية، أي نقابة المستوردين ونقابة الصيادلة ونقابة الأطباء، عقدت اجتماعاً مشتركاً لتقويم الموقف. لا أحد يملك الحل السحري لإعادة الأسواق إلى طبيعتها، بالرغم من أن استيراد الأدوية وتوزيعها مستمر بالوتيرة نفسها، وبالرغم من شكوى المستوردين من تأخير فتح الاعتمادات، وبالرغم من شكوى الصيادلة من تشدد الوكلاء معهم وإصرارهم على الحصول على ثمن الأدوية نقداً أو بتأخير بسيط. تلك أمور تواجه القطاع بشكل روتيني، لكنها لا تساهم في زيادة معاناة الناس الذين ازداد طلبهم على الأدوية بشكل كبير. المطلوب، بحسب نقيب المستوردين كريم جبارة أن يخرج أيّ من المسؤولين ليُطمئن الناس إلى أن الدواء سيبقى متوفراً وأن سعره لن يتغيّر. ذلك هو الحل الوحيد لإعادة حركة البيع إلى طبيعتها، لكنه أمر متعذّر لسبب بسيط: لا أحد يعرف ماذا سيحصل، وإن يؤكد جميع المعنّيين وجوب التعامل مع قطاع الدواء بشكل مختلف وأكثر إنسانية. فإذا كان ممكناً التخلّي عن السيارة في حال ارتفاع أسعار البنزين (حتى في غياب النقل العام)، فإن من المستحيل تخلّي المرضى عن الأدوية.