كرمت دار غوايات والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي وجمعية التنمية للانسان والبيئة ودار الفارابي والريس، ضمن فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته ال 62، المحامي والأديب الشاعر ناجي بيضون، بحضور شخصيات سياسية وقضائية ومحامين وشعراء وإعلاميين ونخبة من المهتمين بالشأن الثقافي.
بعد النشيد الوطني استهل الإعلامي عماد خليل بكلمة ترحيب بالضيوف. وكانت كلمات لكل من رئيس مجلس القضاء الأعلى في لبنان سابقا الدكتور غالب غانم، الدكتور حسين صفي الدين، الشاعر طارق آل ناصر الدين، والشاعرة لورين رسلان القادري.
غانم
وألقى الدكتور غانم كلمة قال فيها: "أن للغتنا العربية مهابة لا محل لنكرانها، ولا محل لاستبدالها باتقان لسان آخر مهما كبرت فائدته، ولا محل لإهمالها في غمرة التساهل وواقعة التسهيل التي توفرها وسائل التواصل المستحدثة. هذه حالنا اليوم مع اللغة العربية، إنها الحال ذاتها التي أوحت لناجي بيضون بالنزول إلى الميدان في ألفيته لخوض تجربة قديمة بسلاح جديد بل بكف مخملية تقدم لك القاعدة اللغوية على شكل زهرة أو رصيعة وأحيانا على شكل انعطافة خصر".
اضاف: "لا، لم أنسها، ولم ينسها ناجي بيضون، الكاتب والشاعر، والمحامي المبرز، والإنسان الراقي، والمقيد في رأس قائمة سجلات الصداقة الحق والوفاء الأشف، والذي استطاع أن يجمع، بسحر ساحر، ما بين الرجل الاجتماعي الأنيق المتوازن العصامي المسموع الكلمة، الذي هو بالنتيجة صنيعة المجتمع، أو للمجتمع، والرجل الحالم الثائر الطريف القابض على الحرية في أعلى ذراها، الذي هو بالنتيجة صنيعة نفسه. لم ينس ناجي تلك الألفية. ولم ينس أنه، على غرار المنورين وطنية وثقافة، من أجناد اللغة والوطن. فالوطن لغة، واللغة وطن، وأي أذى يلحق بأحدهما يطال الآخر، هكذا كان آباؤنا النهضويون، ومنهم أفواج لبنانية لا مجال لنكران فضلها. استطاعوا أن يذودوا عن الوطن والعروبة بأسياف الكلمة التي كلما كانت تصطك تتردد أصداؤها في المشارق والمغارب."
وتابع : "لم ينسها صديقي ناجي بيضون، فها هو عمله، كما يقول في تقديمه: "منظومة شعرية في قواعد اللغة العربية. وقد جاء على طريقة ألفية ابن مالك، ولكن بلغة عصرية سلسة، وبأسلوب جذاب، وإيقاع يسهل تلحينه وغناؤه، بحيث يخفف من رهبة القواعدْ وجمودها." فلقد جاء أسلوب ألفية ناجي بيضون العصرية سلسا، وذا جاذبيات، ومؤهلا للتحول إلى أغان".
صفي الدين
وألقى الدكتور حسين صفي الدين كلمة جاء فيها: "حين قرأت بعضا من مخطوطات الصديق ناجي بيضون منذ أكثر من عامين انتابني نوعا من الشعور بالإعجاب والسعادة لأن أحدا أقدم ليعيد صياغة اللغة العربية وتقدم بأسلوب يسهل قبولها. وفي آن علها يكون فيها عونا لمعلمي اللغة العربية وقواعدها في ردم الهوة بينهم وبين طلابهم وبين اللغة وطالبيها عبر جعل القواعد مفهومة واللغة قريبة حرصا على أن تكون هيبتها ليست في تعقيداتها التي أغلقتها على الفهم لأن القواعد اللغوية يجب أن تكون منطقية وعقلانية ولا بد من معرفتها وإتقانها. ويبدو أن اللغة العربية لها خصوصيتها. فلا لغة مقدسة على هذا الكوكب إلا اللغة العربية، وخصوصية اللغة جعلت منها ثابتا لا يتغير مع أي ظرف من الظروف".
اضاف: "ما تقدم باختصار يعطي لألفية ناجي بيضون قيمة إضافية، فهو لم يأخذ محل هذه الصعوبات والتناقضات على مستوى قواعد اللغة كذريعة للابتعاد والاكتفاء بالتوصيف السلبي. كما أعتقد أن ذلك يشكل حافزا للدخول في هذه التجربة. وأعتقد أيضا أن هذه الألفية مبتكرة في أسلوبها وطريقة عرضها لقواعد اللغة فيبدأ بالتعريف وينتهي بأمثال بأبيات شعر، وهذا السهل الممتنع جعل من فهم القواعد سهلا وقربه إلى القلب ومنع على قراءتها الملل. شعره المغنى جعل قواعد اللغة مجالا للفرح".
آل ناصر الدين
وألقى الشاعر طارق آل ناصر الدين كلمة قال فيها: "ها هو ناجي أمامكم رجل أعمال ناجح، محام مشهور، رب أسرة مميزة. ولكن كل هذه المهمات لم تستطع أن تنال من الشاعر الأصيل الكامن فيه".
اضاف: "تصوروا شاعرا يعيد كتابة ألفية ابن مالك شعرا عصريا وقبل أن ينتهي من هذا العمل الجاد المرهق يبدأ رحلة معاكسة مع حفيدته صوفي بشعر للأطفال رائع وجديد دون أن يتخلى عن موهبته الأساسية والمميزة وهي الشعر الظامي".
القادري
وبدأت الشاعرة لورين رسلان القادري بقصائد شعرية وألقت كلمة قالت فيها: "ما أبعد المحاماة عن الشعر أستاذ ناجي بيضون، فالمحامي يرافع ويدافع عن المتهم ليدينه أو ليخرجه بريئا. أما الشعر يا سيدي المحامي فإنه يدخلك إلى دائرة اتهام لأنك التزمت قصيدة وأضفت زهرة حبر إلى حديقة الروح وفتحت نافذة على المدى وأضأت قمرا وأوقدت حرفا... فأسلوب السخرية المحببة والتهكم المرح في قصائده وكتاباته النثرية المرصعة والمسجعة يبدو واضحا يلبسها ثوبا زاهيا".
وأضافت: "تعتبر اللغة العربية من اللغات الصعبة والجافة التي لا يستسيغها المتعلم وقد استطاع عدد لا بأس به من المهتمين باللغة وقواعدها نظم هذه القواعد في قوالب شعرية أهمها ألفية ابن مالك التي تتضمن ثمانمئة بيت من الشعر، تحمل علامتها قواعد اللغة العربية بأسلوب لا يعد سهلا. أما في عصرنا فقد حذا ابن بيضون حذو ابن مالك ووضع ديوانا للغاية نفسها سماه الألفية العصرية في قواعد اللغة العربية، وهو عبارة عن غنيات لتعلم الصرف والنحو يقدم للدارسين والمعلمين والمتعلمين والراغبين على طبق من غناءْ. ويعتبر هذا العمل بشهادة النقاد والدارسين عملا إبداعيا لا نظير له، وما زاد الكتاب يسرا هو CD مرفق عليه أغنيات لحنها الفنان المبدع أحمد قعبور..."
وختمت: "شكرا لك أستاذ ناجي بيضون، شاعرا وضعت صولجان المحامي وتقلدت القصيدة".
بيضون
ثم تكلم المكرم المحامي الشاعر ناجي بيضون، حيث قال: "أصعب أمر هو أن تشكر مثل هذه الكوكبة الرائعة من الأصدقاء الذين تكلموا عني وأعطوني ربما أكثر ما أستحق. ربما لا أستطيع أن أرد لهم من البلاغة وجمال التعبير وجمال الصدق، فتحية إلى المكرمين وجميع الأصدقاء . وتحية كبيرة إلى الفنان الكبير الصديق أحمد قعبور".
وتابع بيضون: "بدأت أكتب الشعر منذ عمر 12 سنة، ولكنني لظروف خاصة أردت أن لا تدركني حرفة الأدب، وبعد فترة طويلة من الزمن كتبت الشعر الساخر والنقد في أوقات الفراغ، إلى أن تراكمت أوراقا كثيرة جعلت منها ديوان قصائد ساخرة".
ثم تلا بيضون مجموعة من قصائد الألفية، بالإضافة إلى قصيدتين من تأليفه تجسد الإنتقال من العصر القديم إلى العصر الذي نعيشه اليوم.
وتلي المناسبة توقيع كتاب: ناجي بيضون -آراء ونصوص في تجربته الأدبية من إعداد الشاعر والأديب علي سرور.