التبويبات الأساسية

تحت عنوان هل تفاؤل الحريري في وادٍ.. وتشكيل الحكومة في وادٍ آخر؟، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": شكل التفاؤل الذي حاول الرئيس المكلف سعد الحريري تعميمه خلال وجوده في السعودية، حول ولادة حكومته بعد عيد الفطر، وتأكيده بأن العقد الموجودة ليست عصية على الحل، مفاجأة لدى كثير من المتابعين الذين يعيشون أجواء مناقضة لجو الحريري، حيث يرى كثير من هؤلاء أن الحريري إما يمتلك تطمينات من جهات مختلفة بنى عليها تفاؤله بأن التشكيل سيكون سريعا، أم أنه يعيش في واد، بينما التشكيل في واد آخر.

يؤكد مطلعون يدورون في فلك الحريري أن الرئيس المكلف لا يملك اليوم سوى التفاؤل، وهو يعتمد على إيجابية يتيمة هي أن أكثرية الأطراف السياسية لديها مصلحة في ولادة الحكومة في وقت سريع، لكنه لا يدرك بأن هؤلاء قد تقف مصلحتهم في التشكيل أمام الوزارات التي ستكون في عهدة كل منهم كمّاً ونوعاً، خصوصا أنه من المفترض أن تعمر هذه الحكومة طويلا، وبالتالي فإن أي من طرف من الأطراف لن يتهاون في حصته من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب ومن الخدمات لشارعه وناخبيه.

أمام هذا الواقع يصبح تفاؤل الحريري مجرد جو عام يحاول أن يعممه من دون أن يكون لبنانيا مبنيا على أسس ثابتة، وهو من المفترض أن يستأنف اليوم مشاوراته بعد عودته من زيارته العائلية الى السعودية، وآدائه مناسك العمرة هناك، حيث سيبدأ في مواجهة العقد الواحدة تلو الأخرى، وفي مقدمها صراع الثنائي المسيحي، علما أن الحريري سيكون محرجا جدا أمام الطرفين، فهو مرتبط بالتزام تام مع العهد والتيار الوطني الحر، ويواجه في الوقت نفسه ضغطا من القوات اللبنانية المدعومة سعوديا وإماراتيا الى أبعد الحدود، فالى جانب أي طرف سيكون؟، وهل يستطيع أن يثير غضب باسيل الذي قد يعيد الكرّة في الانقلاب عليه؟، وهل يستطيع أن يثير غضب السعودية بعدم تلبية مطالب القوات؟. في كل الأحوال يبدو الحريري في وضع لا يُحسد عليه.

لا شك في أن معضلة هذا الصراع لا يمكن أن تحل إلا بتدخل مباشر من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي من المرجح أن يلجأ إليه الحريري لانجاز هذه المهمة، وقد يبادر عون الى تدوير الزوايا ومحاولة تقريب وجهات النظر، لكن ذلك ربما يصطدم بتصلب جبران باسيل، وإصراره على عدم إعطاء القوات حصة وزارية وازنة ومحاولاته المستمرة لإحراجها من المعادلة الحكومية ودفعها نحو المعارضة، خصوصا أن السجال بين الطرفين قد تجاوز الخطوط الحمر، بما يوحي بحسب مطلعين أن لباسيل أجندة مختلفة ربما يكون لديها إمتداد إقليمي ودولي تتعلق بطموحه السياسي وبالصراع على رئاسة الجمهورية مع الدكتور سمير جعجع، فهل ينجح محور عون ـ الحريري في الضغط على باسيل؟، أم أن رئيس الجمهورية سيضع كعادته مصلحة باسيل وتياره فوق كل إعتبار، الأمر الذي قد يجعل تشكيل الحكومة أشبه بالمهمة المستحيلة.

أمام هذا الواقع، يرى مطلعون أن لاشيء حتى الآن يدعو الى التفاؤل، وأن الحريري الذي أمضى الأيام الماضية في السعودية، وأكد أنه لم يلتق فيها أي مسؤول سعودي، بينما كانت المشاورات في لبنان شبه متوقفة، ربما حاول أن يوحي من خلال تفاؤله بأنه مصرّ على تشكيل الحكومة بشكل سريع، لكن التفاؤل والاصرار شيء، والواقع السياسي وصراعاته مسيحيا ودرزيا وحتى سنيا شيئ آخر.

(غسان ريفي - سفير الشمال)

صورة editor11

editor11