التبويبات الأساسية

يقول عدد من العلماء إن الغالبية العظمى من الأبحاث تُظهر أن تناول كميات منخفضة من الملح له علاقة بتقليل مخاطر الإصابة بالأزمة القلبية والسكتة الدماغية، لكن الأمر قد لا يكون بهذه البساطة. إذ يبدو أن النظام الغذائي الذي يحتوي على كميات قليلة جداً، أو كبيرة جداً من الملح، له أضرار كبيرة، وذلك حسبما نقلت صحيفة The Independent البريطانية عن دراسة دولية كبيرة. وأشارت الدراسة التي نشرتها مجلة The Lancet الطبية الخميس 9 أغسطس/آب 2018 ، أيضاً إلى أن كميات الملح التي يتناولها معظم الناس، قد لا تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب.

بشرى لمحبي المخللات: هناك تغييرٌ في الحد الأقصى للملح!
وتوصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية بالمملكة المتحدة NHS بأهمية أن لا تتجاوز كمية الملح التي يتناولها الأشخاص البالغون أكثر من 6 غرامات يومياً. وتشير إلى أن تناول كميات من الملح أكثر من ذلك في نظامك الغذائي سوف يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وزيادة مخاطر التعرض للأزمات القلبية، والسكتة الدماغية. إلا أن الدراسة التي نُشرت في مجلة The Lancet الطبية، والتي تتبعت الأنظمة الغذائية لـ 95,767 مشاركاً، في 18 دولة، تشير إلى أن تناول ما بين 7.5 غرام و 12.5 غرام من الملح (أي من 2 غرام إلى 5 غرام من الصوديوم) بشكل يومي، قد لا يحدث فارقاً كبيراً.

ليس هذا فقط بل أنها حذرت من المبالغة في تقليله
بل يذهب القائمون على الدراسة إلى أبعد من ذلك، إذ يدعون أن تناول كميات منخفضة للغاية من الملح، أي أقل من 5 غرامات يومياً، يجعل الناس عرضةً أكثر لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية حسب الدراسة. وقال البروفيسور أندرو مينتي، خبير الصحة السكانية من جامعة ماكماستر بكندا، «تمثل دراستنا إضافة إلى الأدلة المتزايدة التي تشير إلى أن تناول كميات معتدلة من الصوديوم، قد يلعب دوراً مفيداً في صحة القلب والأوعية الدموية، بينما يُحتمل أن يلعب دوراً ضاراً عند تناوله بكميات كبيرة جداً، أو منخفضة جداً». وأضاف إن «أجسادنا تحتاج إلى العناصر الغذائية الأساسية مثل الصوديوم، ولكن السؤال المهم هنا، بأي قدر؟».

غير أن هذا لا يعني الإفراط في تناوله.. الصين نموذجاً
اكتشفت الدراسة أن الأنظمة الغذائية المشبعة بالأملاح لها علاقة بارتفاع ضغط الدم، وارتفاع أعداد الإصابة بالسكتة الدماغية. وقد شوهد ذلك بشكل جلي في تلك المجتمعات التي تتناول كميات مرتفعة جداً من الملح، أي أكثر من 12.5 غرام يومياً، كان ذلك في الصين بشكل رئيسي، حيث تُستخدم صلصة الصويا على نطاق واسع. في الحقيقة، تجاوزت 80% من المجتمعات الصينية التي خضعت للدراسة، الحد الأقصى المسموح بتناوله من الملح، بينما حافظت 84% من المجتمعات خارج الصين على تناول الملح في حدود القدر «المعتدل». واكتشفت الدراسة أيضاً انخفاض نسب من يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية في المناطق التي يتناول فيها الناس كميات أكبر من البوتاسيوم، والذي يتواجد بكميات كبيرة في الفواكه، والمكسرات، والخضراوات. في حين لم يتضح ما إن كان ذلك بسبب كون هذه الأغذية وقائية (تحتوي على كميات كبيرة من الفيتامينات والمعادن)، أم مجرد علامة على نظام غذائي صحي. ولم تتمكن أي دولة حتى وقتنا هذا تحقيق معدل تناول الملح تحت 5 غرامات يومياً، الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية WHO، في أوساط البالغين. وتجدر الإشارة هنا إلى أن معدل تناول الملح في المملكة المتحدة يبلغ 8 غرامات، حسب هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS.

ولكن انتبه احتياجات الإنسان من الملح تختلف حسب الطقس
يحتاج جسم الإنسان إلى الصوديوم، إلا أن هذه الاحتياجات تنخفض جداً خارج المناخات الحارة. إذ يؤدي التعرق إلى فقدان الملح بسهولة، بينما لم تتضح تأثيرات المستويات المنخفضة بشكل حاسم. ولكن البروفيسور مينتي، قال «في الوقت الذي يؤدي تناول كميات قليلة من الصوديوم إلى انخفاض ضغط الدم، فإن تناول كميات قليلة جداً منه قد يحمل تأثيرات أخرى، مثل الارتفاع العكسي في إفراز هرمونات معينة لها علاقة بزيادة خطر الوفاة، وأمراض القلب والأوعية الدموية».

ولكن هناك من يشكك في نتائج الدراسة، فالملح قد يعني الموت أحياناً
وعلى الرغم من ذلك، انتقد عدد من الخبراء نتائج هذه الدراسة التي نشرت في مجلة لانسيت، وشككوا في صحتها. إذ قال توم ساندرز، أستاذ التغذية والنظم الغذائية بكلية الملك بلندن «أكثر ما يثير الجدل في هذه الدراسة، إشارتها إلى احتمالية الضرر، وعدم الاكتراث بتخفيض تناول الملح كما أوصى الدليل الإرشادي لمنظمة الصحة العالمية WHO». وأضاف «من غير المحتمل أن تكون ثمة علاقة سببية بين زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب المُلاحظ لدى من يعانون إفرازاً متدنياً للصوديوم، إذ ليس هناك آلية معروفة تفسر هذه الظاهرة». أما البروفيسور غراهام ماكغريغور، أستاذ طب القلب والأوعية الدموية بجامعة كوين ماري، فقد كان أكثر حدةً. وقال «تُظهر جملة الأدلة أن خفض تناول الملح يؤدي لانخفاض الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والذي يُعد السبب الأكثر انتشاراً للموت والشلل في جميع أنحاء العالم». وأضاف «حسب رؤيتنا، لا يجب الالتفات إلى الأبحاث ذات الجودة العلمية المنخفضة، واعتبارها جزءاً من قاعدة الأدلة».

صورة editor13

editor13