مع إقفال صناديق الاقتراع عند السابعة من مساء اليوم، وبعد يوم طويل من المنافسات الحادة في معظم الدوائر الخمس عشرة على مساحة الوطن، يَطوي البلد صفحة كانت متعِبة جدًا للبنانيين، مع ما شهدوه من فصولٍ من المعارك القاسية على كل الجبهات، حتى أنهم لن ينسوا هذا اليوم المفصلي، وما سبقه من تحضيرات ومن تجييش، وما سيليه أقله لجهة إمتلاك الناخب حصانة "الصوت التفضيلي"، الذي بفضله سيتمكن على مدى أربع سنوات، في حال عدم تكرار إغراءات التمديد، من مراقبة النواب الـ 128 الذين انتخبهم وتهديدهم في حال لم يفوا بما وعدوا به خلال حملاتهم الإنتخابية من إنجازات بأن حسابهم بعد أربع سنوات سيكون عسيرًا وموجعًا.
فما بين 6 أيار و20 منه أسبوعان سيخصصان لإحتفالات النصر بالنسبة إلى الفائزين على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي، كلٌ حسب إنتمائه السياسي، قبل أن تبدأ عملياً مرحلة الانتقال الى الدخول الجدّي في مدار ساحة النجمة، حيث تنتهي اعتباراً من 20 أيار الجاري ولاية المجلس النيابي الحالي الذي مدّد لنفسه ثلاث مرّات، وتبدأ ولاية المجلس الجديد، وما فيه من خطوات لازمة، وهي انتخاب رئيس المجلس، حيث يعاد انتخاب الرئيس نبيه بري، على رغم بعض المحاولات من قبل بعض الأطراف السياسية لـ"الحرتقة" على "الأستاذ"،على أن يلي ذلك انتخاب اعضاء هيئة مكتب المجلس، بالاضافة الى تأسيس مطبخه التشريعي المتمثل باللجان النيابية الدائمة.
واعتباراً من اللحظة الاولى لولاية المجلس الجديد، تدخل الحكومة الحالية، التي فشلت على مدى أكثر من سنة ونصف السنة في إستعادة ثقة المواطنين، مرحلة تصريف الاعمال، ويدخل البلد بعدها في رحلة الالف ميل لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو امر بدأ النقاش حوله منذ الآن، وثمّة تساؤلات وعلامات استفهام تُرسَم من الآن عمّن سيكون رئيس الحكومة الجديدة، بعد الإشارات المسبقة التي أطلقها نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، وهي إشارات تقاطعت مع معلومات من خارج الحدود لم تتأكد بعد ومفادها أنه ليس بالضرورة أن يكون الحريري هو من سترأس الحكومة العتيدة، على رغم التحالف "الصرّي" بينه وبين الوزير جبران باسيل، الذي فتح النار في الدقائق الأخيرة لـ"الصمت الإنتخابي" في كل إتجاه وأصاب بطلقاته العشوائية عين التينة والمختارة ومعراب في وقت واحد.
اليوم، تقف كل القوى أمام امتحان الناس، الذين بصوتهم سيحدثون الفرق بين الواقع والأحلام الإفتراضية في قانون "المرّة الأولى"، وقد تكون الأخيرة، بعدما أغدقت عليه أوصاف كثيرة من "الهجين"، الى "قانون الخنجر"، وقانون "سفاح القربى"، و"قانون الغدر".
ما هي إلاّ ساعات تفصل لبنان عن نتائج أسابيع تحوّلت معها البلاد "سوق عكاظ" من الشعارات والحملات والمزايدات والفبركات والتزوير وشراء الأصوات والإنسحابات المفبركة في جنح الظلام، وسط غابة من الصور التي لازمت اللبنانيين على مدى شهرين، ومهرجانات إحتلت الشاشات من خلال إعلانات مسبقة الدفع ، وماكينات من ضمن الماكينة الواحدة نشطت لحصد الصوت التفضيلي .
غدًا يوم جديد ينهي مع إكتمال فرز صناديق الإقتراع فترة من المشاحنات والمناكفات لتبدأ مرحلة جديدة لا يمكن التكهن مسبقًا كيف ستكون.
أندريه قصص -لبنان 24