انطلقت أمس في ساحة النجمة مناقشات لجنة المال والموازنة لمشروع قانون موازنة العام 2019 مع الفذلكة المتصلة بالرؤية التي وضعت على أساسها الموازنة وتتضمن النمو والعجز والدين العام والاصلاحات والميزان التجاري وميزان المدفوعات والمؤشرات الاقتصادية.
وعلى غير عادة، اكتظت مكتبة المجلس بأصحاب السعادة الـ 53 مما استدعى من رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان نقل الاجتماع إلى القاعة العامة في المبنى الثاني. فعلى رغم الترحيب بخفض العجز، سجل نحو 30 نائباً بـ"النظام" الكثير من التحفظات والملاحظات وطرحوا الكثير من الأسئلة كتعبير عن حس نقدي مرتفع، على وزير المال علي حسن خليل الذي سيجيب عليها بالتفصيل في جلسة العاشر من الجاري.
لخص وزير المالية في بداية الجلسة ما تتضمنه الـ 45 ورقة من "فذلكة" الموازنة شارحا إياها بدقة. ولعل أبرز ما جاء على ذكره من خارج "الفذلكة" تأكيده أن كل إجراء اتخذ بحق الجيش تم بموافقة وزير الدفاع الياس بوصعب وبالتنسيق معه؛ فضلاً عن تشديده من ناحية أخرى على أنه كان حذراً في ما خص الواردات خلال نقاشات مجلس الوزراء التي شهدت مطالبات للتوسع بها انطلاقاً من رفضه تكرار خطأ العام 2018 عندما كان منسوب التفاؤل في تقدير الواردات في غير محله، ومرد ذلك، أن العام الماضي شهد ارتفاعا في معدلات العجز بسبب إقدام العديد من الموظفين على التقاعد المبكر بعد اقرار السلسلة وزيادة رواتبهم وتعويضاتهم، الأمر الذي ضاعف النفقات فبلغ حجم المعاشات التقاعدية ألف و15 مليار، مشدداً على أن هناك اقتراحات أقرت في مشروع الموازنة لم يكن موافقاً عليها، مبدياً كل الاستعداد للتعاون مع الجميع للأخذ بأي طرح يصب في خانة تخفيض العجز والمصلحة العامة .
وبينما يشاع في الأوساط المالية والمصرفية أن المصارف لم تلتزم رسمياً مع الحكومة بأنها سوف تقرض الدولة 11 ألف مليار بفائدة واحد في المئة، طرح عضو كتلة " التنمية والتحرير" النائب ياسين جابر خلال النقاش تساؤلاً حول دقة ما يقال، طالباً الاستماع إلى رأي الأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر المعني بهذا الموضوع، الأمر الذي أزعج وزير المال متوجها إلى جابر بالقول" بدك تسمع مني مش من حدا ثاني". وطالب جابر بأن تكون لديهم موازنة وزارة الاتصالات و"أوجيرو" ومجلس الإنماء والإعمار وشركة كهرباء لبنان لمعرفة كيف تصرف الأموال.
أما النائب جميل السيد فأبدى من جهته ملاحظات تتصل بـ :
أولاً، قانون قانون النقد والتسليف الذي يؤكد أن المصرف المركزي لا يملك الاستقلالية، وبالتالي فإن موازنته يجب أن تخضع لرقابة مجلس النواب.
ثانياً، مخالفات الأملاك البحرية التي تؤمن جبايتها أموالا طائلة للدولة. فبدل أن تسعى الحكومة إلى تمويل انفاقها من جيوب الفقراء كان عليها تسليط الضوء على مواطن الهدر ونهب مقدرات الدولة، علماً أن وزير المال قال في مداخلته إن البعض يهاجمنا بملف الاملاك البحرية من ناحية الضرائب في حين أن هذا الأمر يتصل بالغرامات، الأمر الذي دفع النائب السيد الى التوجه لخليل بالقول: " انت عم ترد عليي". فقال وزير المال أنا لم أسمعك أصلاً ولا ارد عليك. ليرد السيد "الذي يسمعني يربح".
ثالثاً، تخفيض الرواتب 15 في المئة، حيث تطرق النائب السيد إلى ورقة وزعت على القوى السياسية وتضمنت طرح تخفيض الأجور ومعاشات التقاعد والتقديمات الاجتماعية. ورغم نكران وزير المال لهذه الورقة ، بيد أن عددا من النواب أكدوا أنها وصلت لهم وجرت مناقشتها.
إلى ذلك، ذكر النائب كنعان بملاحظات لجنة المال التي وردت في تقريرها أثناء مناقشة موازنة العام 2018 وموازنة العام 2017 . فحذر من فرسان الموازنة. ودعا إلى احترام المادة 87 من الدستور والمادة 65 من قانون موازنة العام 2017 والمادة 197 من قانون المحاسبة العمومية، التي تعهدت فيها الحكومة بإحالة كل قطوعات الحسابات منذ العام 1997 وحتى اليوم، قائلا لن نتساهل في موضوع قطوعات الحسابات فمجلس النواب لن يقر الموازنة قبل اقرار قطع الحساب. وشدد على أهمية الاخذ بتوصية لجنة المال في ما خص الجمعيات، لجهة التدقيق بعملها وموازناتها ووضع معايير محددة للفصل في الإبقاء على الاعتمادات أو تخفيضها أو إزالتها.
وبينما توجه عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي فياض بسؤالين إلى خليل، الأول يتمحور حول البعد الإصلاحي في الموازنة، الثاني حول نسبة تراجع الخطر على الوضعين المالي والاقتصادي مع إقرار الموازنة، أبدى النائب نقولا نحاس عدم رضاه على الموازنة التي تنقصها الأفكار الإصلاحية والاقتصادية والاجتماعية، في حين اعتبر النائب فؤاد مخزومي أن الموازنة لا ترقى إلى مستوى الآمال وأنها تحتاج إلى جهد إضافي، ومتوجها الى وزير المال شدد مخزومي على أن الموازنة تتضمن بنوداً متناقضة. فنحن في السابق أكدنا ملكيتنا لأرقام السيارات ودفعنا رسوماً لتسجيلها وها أنتم تعودون اليوم لفرض رسوم للمرة الثانية. أما النائب نزيد نجم فانتقد فرض رسم 2 في المئة على البضائع المستوردة، متحدثاً عن معاناة القطاع الصناعي بغياب المحفزات. وأبدى استغرابه لغياب أي اقتراح في الموازنة يخص المرفأ الذي يؤمن دخلاً لا يتجاوز 650 مليار، علماً أن الحكومة يمكنها أن تزيد هذا الدخل في حال اتخذت إجراءات تتصل بوقف التهرب الضريبي والجمركي؛ ليكون التوصيف الأبرز لحال "فذلكة" الموازنة للنائب ميشال ضاهر الذي قال بأنها اسم على مسمى.
وفي انتظار جلسة الاثنين المقبل، فإن لجنة المال أقرت أمس مشروع القانون المحال من الحكومة لتمديد مهلة تطبيق القاعدة الاثني عشرية معدلاً، حيث باتت المهلة تنتهي في 15 تموز بدل نهاية حزيران، ليتسنى لها كل الوقت لدراسة الموازنة بعيدا عن التسرع، كما ألغيت الاشارة إلى إضافة أو إسقاط اعتمادات جديدة.
المصدر: لبنان 24