"التمويل بالنمو".. كان عنوان الندوة العلمية المتخصصة التي إستضافتها غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال، بمشاركة باحثين وحصور عدد من المهتمين من قطاعات ومناطق لبناني مختلفة.
بداية رحب الدكتور خالد عيتاني بالحضور، شاكرا رئيس الغرفة توفيق دبوسي على إحتضانه هذه الندوة، وجعله من غرفة طرابلس منبرا حرا يفسح المجال واسعاً أمام فهم علمي للدورة المالية في جسم المجتمع اللبناني ولإيصال المال بشكل متوازن الى كل المكونات بدءاً من السلطة القائمة لإصلاحها وتحفيزها وصولاً الى أفقر الناس وأقلهم قدرة على الإنتاج حفظاً لكرامتهم.
من جهته أشار الرئيس دبوسي الى أن مشروع طرابلس عاصمة لبنان الاقتصادية ليس مجرد عنوان بل هو عبارة عن دور جديد ومميز للبنان من طرابلس الكبرى، لافتا الى الاجتماعات الوجاهية أو تلك التي تعقد عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي تشهد مباحثات وإضاءات على قدرات طرابلس ومرافقها لا سيما مرفأ لبنان من طرابلس ومصفاة النفط والقادرين على تقديم خدمات كبيرة للمنطقة بكاملها لا سيما العراق الشقيق الذي يمكن لطرابلس أن تكون إطلالته على المتوسط.
وأكد دبوسي أن قيامة لبنان الجديدة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الإنتصار على نقاط الضعف وإستثمار مواطن القوة، مشددا على أن "التمويل بالنمو" هو بيت القصيد، وهو موضوع محوري وقصة التمويل تكمن في هذه المحورية، وأن التمويل بالفائدة سجل ردوداً سلبية أفقرت الغالبية من الناس وأثمرت ربحاً للقلة منهم، في حين أن التمويل بالنمو لا نحتاج معه الى مساعدات خارجية ويمكننا الإعتماد على إمكاناتنا الذاتية من خلال تبسيط الأمر أمام أصحاب الإختصاص والتنمية.
ثم تحدث الدكتور يوشع خضر فعرض لمفاهيم التنمية والنمو في علم الإقتصاد وهما من أهم الشروط والعوامل الجوهرية التي تتطلب التشاركية في مقاربة كل القضايا الإقتصادية والإجتماعية كالبطالة والتربية والصحة وخلافها من القضايا الأخرى، مشيرا الى أن النمو يتلخص بالتغيير من خلال الكم، في حين أن التنمية تهتم بكيفية توزيع المداخيل بالعدالة والتوازن..
وقال: نحن في لبنان نواجه في المرحلة الراهنة تحديات كبرى وما علينا إلا مواجهة تلك التحديات من خلال اللجوء الى العلم الإقتصادي والإنمائي الذي يمتلك الكثير من النظريات والمخارج المساعدة لكي نعمل على بلورة نموذج مثالي نقدمه الى العالم.
ورأى المفكر الاقتصادي محمد ياسر الصبان أن "مختلف الأمراض الكامنة في الإنسان والمجتمع يمكن مكافحتها والشفاء منها، إلا الأمراض غير العضوية أي الاخلاقية التي تحتل السرقة سلم الأولويات فيها.
وقال: "إن السلطة التي نعتبرها بمثابة ناطور يتوجب عليه حماية ثروات الناس وإنتاجياتهم لم تستطع حمايتهم من السرقة التي أكلت خيرات العالم من خلال الضرائب لتوفير الإنفاق، مشددا على ضرورة إعتماد قياس لإنتاجية السلطة لكي نعتمد على المحاسبة والمسائلة، لافتا الى أن مدرستين هما الإسلامية والمسيحية تستندان على التحريم الواضح للتضخم والربا والإنكماش على عكس مكيافلي الذي يعلم كيفية ترويض الناس وإنقيادها.
رأى الباحث طالب سعد أن "الأزمة معقدة والمسألة التقنية هي على نفس المستوى من التعقيد، وما نحتاجه هو تحديد المشكلة المحورية التي يعاني منها المجتمع اللبناني، فأحدهم يراها في النظام السياسي وآخر في النظام الإقتصادي وآخر في النظام الإجتماعي، والبعض يذهب الى تحديد المشكلة في كل من النظام الرأسمالي والإشتراكي، ولكن المشكلة المحورية هي في كيفية إدارة الدولة والسياسات المعتمدة في تلك الإدارة واحداث التطور المطلوب في المجتمع وتحقيق السعادة والاستقرار والرفاهية.
وختاماً شدد الباحث مازن شبارو في على "أهمية التعاون مع غرفة طرابلس والشمال الحاضنة الدائمة لتطلعاتنا في النهوض والتنمية والنمو والإنماء وأن الأزمة تستدعي اللجوء الى أصحاب الإختصاص الملائم لأنه لا يعقل أن نلجأ الى طبيب لا يفقه قراءة واقع المريض، مؤكدا أن التعاون يجب أن يتم على كل المستويات لأن "التمويل بالنمو" هو نظرية إصلاح سياسي، اقتصادي، اجتماعي وبيئي جديدة تعتمد على فهم العناصر التي يتشكل منها المال وقياسها ومعرفة مصادرها".