التبويبات الأساسية

إستقبل الأديب ناجي نعمان في داره ومؤسسته للثقافة بالمجان، وفي إطار الموسم العاشر لصالونه الأدبي الثقافي، الفنان جهاد الأطرش، ضيفا مكرما في "لقاء الأربعاء" الثامن والخمسين.

نعمان
بعد النشيد الوطني، خاطرة من نعمان "في الشاعر جوزف الهاشم، (زغلول الدامور)، وفي المطرب نهاد طربيه، الراحلين عنا بالأمس القريب"، فترحيب بالحضور، فكلمة في الفنان الأطرش "ذاك القدير من لبناننا، الأستاذ في أداء وتشخيص، الأمين على الضاد، لغة وإلقاء، الإنسان ذي المزايا التي تحتذى في أنسنة وعلائق بشرية".

زغيب
وألقى الشاعر هنري زغيب كلمة، قال: "علامة الممثل الأصيل أن ينسيك النص ليأخذك إلى المشهد، كما علامة الشاعر الشاعر أن ينسيك البحر والوزن والقافية ليأخذك إلى الدهشة. النص في الحوار، كالوزن في القصيدة، هو الياطر القدره أن يبقى في العمق غير المرئي، فلا يرى الرائي سوى المشهد والقصيدة.
جهاد الأطرش يؤقلم النص إليه، فالدور آنا يجيء إليه، وآنا يكون هو الدور. وأظنه يبقى أويقات حيادية فاصلة بعد الأداء كي يخرج من قناع الدور قبل أن ينزع عن وجهه ذاك القناع.
ما زال في ذهب العطاء، نضجا فنيا عند قمة ما يتاح: ممثلا في الطليعة، بأداء تزيده رقيا لغته الأنيقة، لفظا سليما ومخارج حروف، فيسطع أداؤه سماعا إياه واقتداء به، وسط هذا الانحطاط الكالح الذي تواجهه اليوم اللغة الأم على ألسنة القراصنة والجهلاء".

وأضاف: "كثيرا أعطى، جهاد الأطرش، وكثيرا ننتظر منه بعد، هو اللماح في تواضع السنبلة، الأبي في انحناء البنفسج، المعطاء في كرم الصداقة.
تلتقونه في هذه العشية "النعمانية" محتفين به لا فردا من عندنا بل تاريخا نابضا من الفن اللبناني. فاطلبوا منه بعد، إن الغمام لن يشح عن ديم سخيات خيرات".

براك
وقال الإعلامي بسام براك في الأطرش: "نحن الجيل الثاني نعرفك، أستاذ جهاد، أديبا ممثلا، ونقتدي بك، ممثلا لغويا، ونحتذي باسمك نجما يهاب الضوء حتى بعد خمسين سنة من التمثيل كي لا يحترق بالضوء. لا تزال تحزم صوتك وعينيك وشيبك واحترافك كل يوم إلى فجر التصوير، ولا تخلعه عنك إلا حين تطوي الكاميرات عيونها. لا تزال تجلس خلف المذياع، ويا لحظه وقدره أنك تمده بصوتك الآتي من ينبوع العتق المختمر، من ذاكرة أبيض وأسود لا لبس فيها معك ولا رمادية تعتريها".

وأضاف: "أكمل، أستاذ، بالله عليك، أكمل، ويا ليت المنتجين ينجبون بوجودك مسلسلا بالفصحى مع ضمة من القديرين أندادك، أو ليتهم يعيدون مسلسلا من إطلالاتك القديمة بصوتك اليوم وكل ما اختمر في دالية عمرك. يا ليتهم يقصون حنيننا إليك بحضورك بيننا، ويعيدون إلي ذاكرتي الطفولية تلميذا أتتلمذ على صوتك. ألم أقل لك أيها الآتي من سلالة الأمراء إلى الناس على رأسك تاج الأصالة والكلمة، ألم أقل لك إننا، حين نرنو إلى لحظة من زمن الكلمة، نضع إصبعنا على جرح الوقت، وهيهات أن تندمل جراحنا؟ لكن اسمح لي، فالآن أراه جرحي يندمل، وأسمعه يلقي آخه جانبا ليلقي في تكريمك كلمة، هي منك لك، أشكرك لأنك مددتني بأسبابها، وعلمتني كيف أقولها لتجمل بك وتليق بلحظتك الذهبية".

فاخوري
وجاء في كلمة الكاتب شكري أنيس فاخوري: "إن تقف أمام تجمع كريم، مختار من نخبة أهل الفكر والفن والشعر، لتتكلم على جهاد الأطرش، فأنت في موقف لا تحسد عليه. نعم، ببساطة، إنه أمر صعب لأن جهاد الأطرش يدير الأذن الطرشاء لعبارات المديح والتقريظ والثناء.
جهاد الأطرش القديم هو هو كالجديد، محترف من أجل رسالة إبداعية. تسلمه نصا وتعلم أن نصك بين أيد أمينة. يعطيك أجمل وأصدق وألطف ما عنده. إن أحس بخلل ما في الجملة يصححها ويقنعك بلطفه أنك أنت الكاتب من صححها. جهاد الأطرش ثروة وثورة، إبداع لا ادعاء، أستاذ لا تلميذ إلا للتطور والاتجاه نحو الأفضل".

الأطرش
وتكلم الأطرش، فشكر مضيفه، والحضور، و"كل من كانت له يد في مسيرته الفنية"، وعدد محطات في حياته، لا دونما اختلاج ودمعة. ومما قاله: "من أين أبدأ، أمن يوم كنت طفلا لا يتجاوز الثامنة أو التاسعة، ومات الأب، وبدأت موجة من أسئلة الدهشة تتعلق بالموت: ما هو الموت؟ ولم الموت؟ ومتى يعود أبي؟ ولم لن يعود؟ أم أبدأ من يوم قررت دخول "الصنائع"، وأجريت امتحان قبول، فكنت بين الثلاثة الأوائل، وقبضت منحة شهرية مقدارها خمسون ليرة، وسارعت الى شراء قميص أبيض لأمي، لأني سمعتها تقول سأبقى في ثياب الحداد إلى حين يبدأ جهاد بالعمل، وعندما يتسلم أول راتب له سأشتري قميصا أبيض؟".

وأضاف: "إلتقيت غبطة البطريرك صفير في أثناء زيارته أستراليا، ولاحظ مدى مأساتي هناك، فقال لي: يجب أن يكون أمثالك في لبنان. وعدته بالعودة، ونفذت. تركت عائلتي، وعدت بالأسى والحزن والألم، ما سبب لي نوبة قلبية، وزرت دنيا الخلود للحظات، وأفقت من تلك الحالة فاقد الذاكرة إلى حد ما، إذ نسيت كل مخزوني الثقافي والأدبي.
"وبينما أنا أبحث في الزوايا عن بقايا إنسان فنان سجل على صفحات الفن اللبناني بصمة بمداد الذهب، انتشلني من ذاك الوضع مسلسل تلفزيوني للكاتب الكبير شكري أنيس فاخوري، "نساء في العاصفة"، أخرجه من كان أطلقني في أول عمل تلفزيوني لي، الأستاذ باسم نصر. وتوالت المسلسلات التي أعادت الأمل إلي وإلى الفن اللبناني، مثل "غدا يوم آخر"، وتوطدت علاقة متينة مع المنتج مروان حداد، وأسند إلي أدوارا في مسلسلات عدة، من مثل: "أجيال"، "أماليا"، "متل القمر"، وحاليا مسلسل "بيت الأبيض".

مداخلات وشهادة تكريم
وكانت مداخلات من الحاضرين، شارك فيها كل من رئيس الأركان الأسبق رئيس "لقاء أبناء الجبل" اللواء الركن شوقي المصري، رئيسة "ديوان القلم" الدكتورة سلوى الخليل الأمين، رئيس مجلس أمناء جامعة "إم يو بي إس" الدكتور حاتم علامة، والنقيب الشاعر أنطوان رعد، والدكتور سهيل أبو حلا، والعميد كمال رشيد، فيما أنهى الشاعر الياس خليل الاحتفاء بالضيف بأبيات زجلية، منها: "أستاذ جهاد مناديل الفرحه لاحت ببلادك/بارع بالفن مقابيل الجمهور وألله زادك/ ضويت الشهره مشاعيل وفاض النور بأمجادك/ البدو ينجح بالتمثيل ويخلد من جيل لجيل/ بيتعلم من جهادك".

وسلم نعمان ضيفه شهادة التكريم والاستضافة، وانتقل الجميع إلى ضيافة المناسبة، وإلى توزيع مجاني لآخر إصدارات مؤسسة "ناجي نعمان للثقافة بالمجان" و"دار نعمان للثقافة"، بالإضافة إلى كتب بعض الأصدقاء.
وجال الحاضرون في مكتبة المجموعات والأعمال الكاملة وصالة متري وأنجليك نعمان الاستعادية.

صورة editor11

editor11