بأربع رصاصات، إختار القتلة إنهاء مسيرة الناشط السياسي والمعارض الشرس لقمان سليم. فقد إستيقظ اللبنانيون على خبر مروّع، مَسّهم جميعهم، وشكّل تهديداً حقيقياً لهم، وكأن الإغتيال يحمل في طياته رسالة، لبنان الحريات السياسية إنتهى، والتنوّع بات ممنوعاً، فإما الإنصياع أو المصير المجهول.
لقمان سليم ابن البيت السياسي، كان أحد أبرز الناشطين في الميدان السياسي اللبناني، عُرف بمواقفه الداعمة لإنتفاضة 17 تشرين، والمناهضة لسلاح حزب الله.
سليم نجل النائب الراحل محسن سليم، عضو الكتلة الوطنية التي رأسها ريمون إده، مواليد حارة حريك عام 1962، تلقى علومه الجامعية في فرنسا في العام 1982 ومن ثم عاد إلى بيروت في 1988، ليؤسس في العام 1990 "دار الجديد للنشر"، والذي يهتم بنشر الأدب العربي، وتتراوح منشوراته بين الكتب الترجمات.
ترجم وشقيقته "مدينة السياسة: فصول من تطور الفكر السياسي في الغرب" لـ"محمد خاتمي"، الرئيس الإصلاحي الإيراني السابق، إلى العربية، ما أثار جدلاً داخل المجتمع اللبناني، خصوصاً في صفوف المعارضين للرئيس المذكور.
في العام 2001، إنتقل سليم إلى السينما وأسس "أمم للأبحاث"، الذي أنتج العديد من الأفلام، بينها فيلم "مقاتل" من إخراجه مع مونيكا بورغمان، الذي يستجوب فيه قتلة مجزرة مخيّم صبرا وشاتيلا، والفائز بجائزة الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين في مهرجان برلين السينمائي الدولي في عام 2005.
له مؤلفات عدّة، منها "عود الريحاني على العربيّة"، كما وترجم العديد من الكتب، "الخشخاش والذاكرة" لـ"باول تسيلان" من الألمانيّة إلى العربيّة، "توقيعات" لإميل سيوران من الفرنسيّة إلى العربيّة.
ومن ثم تطوّرت فأصبحت "أمم للأبحاث والتوثيق"، وهي منظمة غير حكومية تُعنى بإنشاء أرشيف مفتوح للمواد المتعلقة بالتاريخ الاجتماعي والسياسي في لبنان، وتهتم بجمع شتات ذاكرة الحرب اللبنانيّة. أرادها سليم وشركاؤه "مؤمنة بضرورة مواجهة ماضي لبنان المتوتر إذا كان لهذا البلد أن يخرج من دوامة العنف وعدم الاستقرار التي لا نهاية لها نحو تحقيق سلام دائم ودائم". في السنوات التي تلت تأسيسها، لا سيما بعد الربيع العربي، وسعت شركة UMAM D&R من تركيزها لتشمل الشؤون الإقليمية، على الرغم من أن التزامها الأساسي هو تجاه لبنان.
تعرّض لتهديدات عدة وإعتداءات، أبرزها كان إحراق الخيمة التي أطلق من خلالها ندوات سياسية أثناء تحركات إنتفاضة 17 تشرين، كما وتم إلصاق منشورات قرب منزله في الضاحية الجنوبية تتهمه بالخيانة والعمالة، وتوعّدت بالقتل. إلّا أنه ورغم الضغوط، رفض الإنتقال إلى خارج مسقط رأسه.
anbaaonline