التبويبات الأساسية

على أبواب موسم الصيف، ينتظر لبنان موسماً سياحياً واعداً، معولاً على الفك التدريجي للعزلة أو المقاطعة التي تعرّض لها على مدى ثلاثة أعوام، وتحديداً منذ فبراير (شباط) 2016، عندما أعلنت السعودية حظر سفر رعاياها إليه غداة توتر العلاقات مع الحكومة اللبنانية، بسبب ما وصفته الرياض حينها بـ "مواقف لبنانية مناهضة لها"، خصوصاً من "حزب الله". وكانت دول خليجية أخرى اتخذت قراراً مماثلاً، منها الإمارات، ما أدى إلى تراجع في الحركة السياحية، فضلاً عن تراجع العائدات السياحية الذي ألقى بثقله على القطاعات السياحية والتجارية والخدماتية على السواء.

وعلى الرغم من الأوضاع المضطربة في الإقليم، التي يُخشى أن يكون لها تأثيرها في الساحة اللبنانية، فإن توقعات القيمين على القطاع السياحي لا تزال متفائلة، نافية أن يكون لتلك الأجواء تأثيرها، ما لم تذهب الأمور نحو خيار الحرب. ويرى هؤلاء أنه بعد رفع السعودية الحظر عن سفر رعاياها إلى لبنان، وفي ظل توتّر العلاقة مع تركيا، وعدم ‏إمكان السفر إلى سوريا، يمكن أن يُشكِّل لبنان مجدّداً مقصداً للسياح العرب، ‏خصوصاً السعوديين الذين يتوزّع منهم أكثر من مليونَي شخص في الصيف على هذه الدول.‎ ‎

السفير الإماراتي: لا قرار بعد

فيما يُنتظر أن ينعكس القرار السعودي إيجاباً على مجمل رعايا الدول العربيّة وتحديداً الخليجيّة، لا يزال لبنان يأمل في صدور قرار مماثل من الإمارات، خصوصاً أن أجواءً إيجابية كان عزّزها السفير الإماراتي في بيروت محمد الشامسي في هذا الاتجاه غداة القرار السعودي، لكن القرار لم يصدر على الرغم من مضي حوالى ثلاثة أشهر.

ولدى استيضاحه حول هذا الموضوع، قال الشامسي إن "لا شيء جديداً في هذا الموضوع، ولم يصدرْ أي قرار بعد في هذا الصدد، على أن يُعلن عن أي خطوة في هذا الاتجاه فور صدورها".

وإذ اكتفى الشامسي بهذا التوضيح، بدا واضحاً أن الإمارات تتريّث في قرارها في انتظار بلورة المشهد السياسي المحلي والإقليمي.

وزير السياحة: موسم جيد جداً

في المقابل، أكد وزير السياحة أواديس كيدانيان التوقعات الإيجابية جداً لوزارته، عازياً هذه التوقعات إلى "معطيات عديدة تصب في هذا الاتجاه، منها الحجوزات المرتفعة على طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست)، وشركات الطيران الأخرى، فضلاً عن حجوزات الفنادق التي أصبحت أفضل بكثير مما كانت عليه في وقت سابق. ففي مقارنة بسيطة بالعام الماضي، يظهر أن نسبة الإشغال الفندقي في بيروت لفنادق الخمس نجوم بلغت في العام 2018 حوالى 60 في المئة، فيما بلغت في أبريل (نيسان) 2019 72.7 في المئة. والأمر ينسحب على حجوزات السيارات المستأجرة ومكاتب السفر".

ونقل كيدانيان أجواءً إيجابية عن السفراء اللبنانيين في الخارج، مشيراً إلى أنهم "أبلغونا أن هناك طلبات كثيرةً لمرافقي العائلات السعودية الراغبة في زيارة لبنان، وبالتالي، فإن المعطيات تشير إلى أن رعايا دول الخليج، لا سيما تلك التي رفعت الحظر عن لبنان وتحديداً السعودية، كما أبلغنا السفير وليد البخاري، سيأتون إلى لبنان بأعداد كبيرة".

وأمل كيدانيان في أن تأخذ دولة الإمارات قراراً مماثلاً، "لا نزال ننتظره، ولم نتبلغ بعد أي موقفٍ رسمي في هذا الصدد. يضاف إلى ذلك، هناك حركة كثيفة لسياح أوروبيين راغبين في زيارة لبنان".

وتوقع كيدانيان حركة كثيفة خلال عطلة الفطر، التي تصادف مطلع الشهر المقبل. إذ "ننتظر تسجيل أرقام عالية، إن في عدد الوافدين أو في العائدات السياحية مقارنة بالأرقام المحقّقة في العامين 2017 و2018".

وأكد كيدانيان جاهزية وزارة السياحة لاستقبال السياح ومتابعة أمورهم وشكاويهم إذا حصلت. وقال "سيكون لي حضور شخصي في مطار رفيق الحريري الدولي يومياً في المرحلة المقبلة للإشراف المباشر على ترتيبات استقبال مريحة للسياح، تقيهم من الازدحام في ظل القدرة الاستيعابية الضعيفة للمطار. وأنا على تواصل دائم مع السفراء العرب والأجانب من أجل هذه الغاية".

وقلّل كيدانيان من أهمية الأوضاع في المنطقة ومدى تأثيرها في لبنان، آملاً في "وصول عدد السياح إلى المستويات التي شهدها العام 2010، ‏وهو عام الفورة السياحية، باعتبار أن عدد الوافدين بلغ مليونين و167 ألفاً و989 سائحاً ‏بمردود وصل إلى 8.3 مليار دولار".

المكاتب السياحية متفائلة

أوساط المكاتب والنقابات السياحيّة ترجّح أن يكون الإقبال على الاصطياف في لبنان مرتفعاً هذا الصيف، وأن يتجاوز عدد السياح السعوديين الـ ‏‏300 ألف سائح، بالإضافة إلى حوالى 100 ألف من دول عربية أخرى.

كما يعوّل العاملون في القطاع السياحي على المغتربين اللبنانيّين الذين ‏يقصدون قراهم لتمضية الصيف مع عائلاتهم، ما يرفع التوقعات حيال عدد الوافدين إلى لبنان في فصل الصيف إلى حوالى المليون، علماً أن "القطاعات السياحيّة المختلفة، التي تنتظر بفارغ الصبر تحسّن الحركة في البلاد بعد أعوام من الركود حملّتها خسائر كبيرة، تعمل على تأمين جاهزيتها الكاملة لاستقبال السياح"، على ما يقول نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، معرباً عن تفاؤله بموسم واعد.

ويقلّل الأشقر من تداعيات التوتر في المنطقة، مشيراً إلى أن "حركة الإقبال الكثيفة التي تشهدها السفارات اللبنانية في الخارج من أجل طلب تأشيرة السفر للعمال والموظفين من الجنسيات المختلفة، باعتبار أن رعايا الدول العربية لا يحتاجون إلى تأشيرات، تدلّل على أن المناخ في المنطقة لم يؤثر في قرارات السفر. أما على مستوى المشهد المحلي، فأنا لا أعتقد أن ثمة فريقاً في لبنان لا يأخذ في الاعتبار مخاطر الانزلاق في مواجهات، لا سيما حزب الله الذي بات انخراطه في الدولة أكبر، وهامش المناورة بات أضيق".

تجدر الإشارة إلى أن السائح السعودي يحتل المرتبة الأولى في قائمة الإنفاق السياحي. إذ يراوح معدل إنفاق الزائر السعودي بين 2000 و2500 دولار أميركي في اليوم، في حين أن معدل إنفاق السائح الأجنبي بالكاد يتجاوز 250 دولاراً في اليوم، علماً أن لبنان يشهد حالياً حركة توافد سياحي أوروبي لافتة من خلال الرحلات المنظمة.

وتعمل وزارة الداخلية حالياً على تجهيز المطار وتحديث معداته من أجل تحسين قدراته الاستيعابية وزيادتها، فيما تعمل وزارة السياحة مع الوزارات المعنية، لا سيما وزارة الاقتصاد، من أجل ضبط الأسعار ومنع حصول أي تجاوزات أو استغلال. كما تعمل مع الأجهزة الأمنية من أجل تحصين الاستقرار الأمني الذي يمنح السائح شعوراً بالأمان.

وكانت السلطات السعودية طلبت من مواطنيها عدم السفر إلى لبنان رسمياً يوم 23 فبراير 2016 بعد تعكر العلاقات مع حكومته، كما جمدت في تلك الفترة مساعداتها العسكرية إلى لبنان بقيمة 3 مليارات دولار. وفي 27 ديسمبر (كانون الأول) 2018، أكد البخاري أن رفع الحظر عن زيارة مواطني بلاده إلى لبنان سيتم فور تشكيل الحكومة اللبنانية، وهو ما تحقّق يوم 31 يناير (كانون الثاني) بعد حوالى 9 أشهر من الخلافات الحادة بين القوى السياسية في البلاد حول توزيع الحقائب الوزارية.

المصدر: اينبندت العربية

صورة editor14

editor14