تحت عنوان من سيكون "كبش الفداء" في جنون الدولار؟، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": رفع جنون الدولار الذي لامس الـ 4000 ليرة، "المتاريس" بين السراي الحكومي ومصرف لبنان، تمهيدا لمنازلة يبدو أنها ستكون من العيار الثقيل بين من يُفترض بهما أن يكونا على تنسيق كامل بحكم خضوع المصرف للحكومة، بما يصب في مصلحة الشعب اللبناني الذي خرج الى الشوارع أمس مكتويا بنار الدولار، بعدما إستقوى عليه مع كورونا والأزمة الاقتصادية والمعيشية وإقفال المصالح وتقليص الرواتب وفقدان قيمتها الشرائية.
أطلق الرئيس حسان دياب أمس بالون إختبار تمثل بتسريب معلومات عن أن الحكومة تتجه الى إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في جلستها التي ستنعقد اليوم في قصر بعبدا، وذلك في محاولة لجس النبض المحلي والدولي، ما يطرح سؤالا محوريا لجهة: هل يستطيع مجلس الوزراء الاطاحة بسلامة ليكون كبش فداء الدولار؟.
بعد إنتهاء الجلسة التشريعية أمس الأول، شكا الرئيس دياب من عدم التنسيق بين الحكومة ومصرف لبنان الذي يصدر التعاميم من دون إطلاعها عليها، ما أظهر أن هناك مراكز قوى لا يقوى دياب على التحكم فيها أو الدخول عليها، في حين أن رئيس الحكومة هو المسؤول عن مصرف لبنان وعن السياسة المالية وعن الحاكم نفسه!..
لا يختلف إثنان على أن ثمة مظلة أميركية تغطي الحاكم رياض سلامة، فمن قرع جرس بورصة نيويورك مرات عدة، قد يكون من الصعب التضحية به أميركيا، كما أن الحكومة التي عجزت عن الوقوف أمام رغبة أميركا في إسترداد العميل الاسرائيلي عامر الفاخوري ووقفت مكتوفة الأيدي أمام إختراق السيادة اللبنانية وإخراجه من السفارة الأميركية "على عينك يا تاجر"، وعجزت عن إزاحة نائب الحاكم محمد بعاصيري، وأخفقت في إتمام التعيينات المالية، لن تقوى على إقالة رياض سلامة لأن ذلك سيكون بمثابة الضرب تحت الحزام الأميركي، وما المعلومات التي تسربت عن قيام بكركي بتوجيه رسالة الى دياب ترفض فيها المسّ بالحاكم إلا مؤشر عن رفض دولي للاطاحة به.
لا شك في أن الارتفاع الجنوني في سعر الدولار، سيعرّض الحكومة لمزيد من الضغوط، وسيضعها في مواجهة مع الشارع الغاضب الذي كسر قرار التعبئة العامة وعاد الى الساحات ليصرخ في وجه محاولات إفقاره وتجويعه.
واللافت أن الحكومة لم تعد قادرة على الدفاع عن نفسها، خصوصا أنها فشلت في إعداد الخطة الاقتصادية والمالية، كما فشلت في لجم سعر الدولار وهي المسؤولة عن هذا الأمر أولا وأخيرا، إضافة الى الفشل في الكابيتال كونترول، وفي مشروع الهيركات، ومن بعده الهيركات المعدل، وفي التعيينات المالية، وفي التشكيلات القضائية، وأيضا في توزيع المساعدات المالية التي تسير ببطء السلحفاة بينما الفقر والجوع يغزوان العائلات اللبنانية، ولم يعد لديها من إيجابية سوى في محاربة كورونا وهي وإن كانت قامت بواجبها من خلال وزارة الصحة، إلا أن تدخل العناية الالهية ساهم في حماية لبنان واللبنانيين من هذا الوباء الذي لم تستطع دول عظمى الوقوف في وجهه.
يمكن القول إن جنون الدولار وضع البلاد أمام مفترق طرق، فإما إقالة حاكم مصرف لبنان أو دفعه للاستقالة وتحمل تبعات ذلك أميركيا، أو الاطاحة بالحكومة التي يبدو أنها بدأت تشتري الوقت الى ما بعد رمضان، حيث من المفترض أن تظهر عوراتها بوضوح أكبر بعد أن ينجلي وباء كورونا!.
المصدر: سفير الشمال