* مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان"
رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، أتبع كلام الأمس من القصر الجمهوري بعد جلسة مجلس الوزراء، بكلام قبل ظهر اليوم من مقر المديرية العامة للأمن الداخلي، سلم فيه بأن ليس لدينا دولة عميقة بل لدينا منظومة عميقة، وأن الثقة بين المواطنين والدولة انقطعت بسبب انقطاع الدولة عنهم، وعلينا استعادة الثقة. وقبيل مساء اليوم، تلقى الرئيس دياب رسالة سياسية هادفة، عبر النائب أنور الخليل، الذي شبه كلام دياب من قصر بعبدا أمس بالقنبلة الدخانية.
في أي حال، إذا كان حديث رئيس الحكومة أمس، بنبرته ومضمونه، أحدث جدلا سياسيا حادا، مع استمرار التعقيدات والعقم في المسار العام للتعاطي مع المحنة حتى الآن، فإن كلامه اليوم والذي يعطي عنوانا واقعيا وقاسيا من عناوين الأزمة العصيبة برمتها، يؤكد مرة أخرى الحاجة الملحة لتغيير الذهنية السياسية العامة، والمستمرة لدى مجمل الساحة السياسية والزبائنية المستترة كما الظاهرة، أقله منذ خمسة وثلاثين عاما وإلى كل مفاصل الأعوام الثلاثين الماضية: من 1990- 1992 وامتدادا إلى الـ1994- 1998، انتقالا إلى الـ2000- 2005، ومن الـ2005 وحتى هذه اللحظة. لكن الرجاء في لبنان، هو رجاء مستدام، نسبة إلى واقع نهوض اللبنانيين بعد كل شدة.
وهناك للتو ومضة أو نقطة مضيئة من النقاط الإيجابية للمجتمع اللبناني، وتتمثل في هذه الأيام بالمواجهة الاجتماعية- الصحية- الإنسانية الدؤوبة لفيروس كورونا. هذه المواجهة التي تدرج في الخانات الإيجابية، وهي تحمل تحية إلى الشعب اللبناني وإلى وزير الصحة الذي ينشط ويجهد لتعزيز وتزخيم وتثمير عناصر المواجهة.
ومن هنا السؤال المتواضع: لماذا لا يعمم هذا النموذج في المعالجات، على المواجهة والمعالجات الاقتصادية والنقدية والمعيشية، بعيدا من الشعبوية والعنجهية المبطنة والزبائنية المقيتة، ومن آفات المنظومة العميقة التي لفت إليها الرئيس دياب في تأكيده على دحض المصالح السلطوية، وإعلاء مفهوم الدولة. دياب تلقى برقيتي تهنئة بحلول رمضان المبارك من نظيريه القطري والكويتي.
في الغضون، يمكن القول: لعل الوقت الذي يستلزمه الوصول إلى لقاح ضد الفساد العام- إذا صح التعبير- لا يطول، ويكون موازيا للوقت الذي يستلزمه إعلان اللقاح المنتظر محليا وعالميا ضد COVID 19.
قبل الدخول في تفاصيل المواقف السياسية، لا بد في مطلع شهر رمضان المبارك، ومع استفحال الأوضاع المعيشية الصعبة، الإشارة إلى حملة التبرعات من أهل الخير في دار الفتوى، حيث تخطت السبعة مليارات ليرة.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"
رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير. ولكي يبقى المواطن بخير، لا بد من لجم حفلة الإرتفاع الجنوني في الأسعار، الذي يقابله إرتفاع في حجم معاناة ووجع الناس. تفلت الدولار وطرقه أبواب الأربعة آلاف، لا يبرر أبدا الزيادة غير المنطقية في السوبرماركت والمحلات التجارية، خصوصا إذا كانت معظم المنتجات الاستهلاكية هي صناعة وطنية.
على مستوى صناعة السياسة، ولدت كلمة رئيس الحكومة حسان دياب من بعبدا، سلة من ردود الفعل بدأها الرئيس سعد الحريري ومن بعده الحزب "الاشتراكي"، واستكملت اليوم من دار الفتوى، واستخدمت فيها مصطلحات من قبيل "الإنقلاب" وغيره.
وفي الوقت الذي كانت فيه المواقف على طاولة مجلس الوزراء واضحة وضوح هلال رمضان، حاول بعض الذباب الإلكتروني أن يحرف الوقائع عبر اختلاق روايات يشوش بها على موقف حركة "أمل" ووزرائها، إلا أن الأكيد وما لا يحمل الشك أن هذا الموقف واضح ومباشر، وأكده بشكل رسمي بيان المكتب الإعلامي للحركة، من منطلق الحرص على استقرار الوضع العام ومصلحة الناس أولا، لا سيما أنه لم يطرح أحد شيئا على الطاولة لكي يحصل فرز في المواقف كما حاول الذباب نفسه أن يسوق. علما أنه عند طرح أية مسألة على طاولة مجلس الوزراء أو خارجها بشكل حاسم، فإن الكلمة الأخيرة تكون فيها للرئيس نبيه بري وقيادة حركة "أمل"، ونقطة عند أول السطر.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
نعيش في دولة باهتة في نظر اللبنانيين، غير موجودة في عقولهم، ترهلت نتيجة ممارسات أهل السلطة، خسرت هيبتها، وفقدت ثقة الناس، ليس لدينا دولة عميقة تحمي مفهوم الدولة بعض النظر عن من يحكم، وإنما هناك منظومة عميقة تحمي مصالح أفراد.
ربما لم يأت رئيس الحكومة بجديد في أوصافه لنوع الحكم الذي نعيش، لكن ربما لم نعتد على هذه الصراحة والجرأة من من مثله في أعلى سلم الحكم. حسان دياب خلص إلى نتيجة: المطلوب فك الارتباط بين الدولة ومصالح السلطة، وربط الدولة بالموطن مباشرة. إذا الحل يكمن في فك ارتباط وربط سليم، وحتى ينطلق الاصلاح الحقيقي، ولا يتحكم الحاكم برقاب وأموال الناس، ويفتقر المجتمع بين ليلة وضحاها بلعبة دولار ومضاربات، وحتى لا تنشأ دويلات مالية، وتهرب مليارات دون حسيب أو رقيب.
عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، أكد أن ما كشفه رئيس الحكومة عن حجم المبالغ المحولة إلى الخارج في الآونة الأخيرة، يستدعي تحركا عاجلا من القضاء لكشف المتورطين واستعادة الأموال.
كورونيا، ولكي لا نعود علاجيا إلى نقطة الصفر، كانت دعوة الوزير حمد حسن إلى عدم التهاون في الاجراءات الوقائية، ثماني إصابات ووفيتان تبقيان ضمن المعقول والمقبول، في وقت يقترب فيه عدد الوفيات عالميا من المئتي الف، وفي وقت ينصب فيه دونالد ترامب نفسه مرشدا صحيا، داعيا إلى العلاج بحقن المعقمات وبلعها، قبل أن يضطر إلى التراجع امام موجة من السخرية.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
أما وقد قيل ما قيل بالأمس، وفي انتظار الرد التقني عبر بيان مفصل بالأرقام، كما تؤكد معلومات الـ OTV، كانت الساعات الأربع والعشرون التالية للكلام النوعي لرئيس الحكومة حسان دياب، حافلة بالردود السياسية عبر منابر مختلفة، أبرزها دار الفتوى.
وفي غضون ذلك، يرتسم المشهد الداخلي على الشكل الآتي:
على المستوى الرئاسي، تصميم معهود على قيادة السفينة نحو بر الأمان، مهما كانت صعوبات اليوم، التي لن تكون في كل الأحوال، أكثر من كرة نار جديدة تلقى بين يدي من اعتاد أقسى المواجهات في سبيل لبنان.
على مستوى الرئاسة الثانية، تصعيد في بحر الأسبوع الفائت، على اعتبار أن الحكومة لا يجب أن تبقى في موقع المتفرج أو الشاهد، ليبقى الموقف مما جرى في جلسة مجلس الوزراء أمس رهن التوضيحات أو التبريرات.
أما على مستوى القوى السياسية، فنبرة حريرية مرتفعة، ولهجة جنبلاطية قاسية، في مقابل هدوء نسبي على جبهة "القوات اللبنانية"، تحت سقف منطق "إجر بالبور وإجر بالفلاحة"، أو ذهنية "ضربة عالحافر وضربة عالمسمار".
أما على مستوى "التيار الوطني الحر"، وفي ضوء المكاشفة المالية التي أعلنها رئيس الحكومة، فأشارت الهيئة السياسية التي اجتمعت الكترونيا اليوم برئاسة النائب جبران باسيل، إلى تصميم "التيار" على المضي في استراتيجية مكافحة الفساد واسترداد الأموال المهربة واستعادتها، على أن يتقدم نواب "التيار" قريبا باقترحات قوانين لهذه الغاية، ما يوقف التهريب المتمادي للأموال وبالتالي النزف في احتياط لبنان النقدي.
وطالب "التيار" الحكومة بالإسراع في الإعلان عن خطتها الانقاذية نظرا لخطورة الأوضاع، وبأن تشمل الخطة المنتظرة إجراءات فعلية تطمئن اللبنانيين على ودائعهم في المصارف وعلى حماية مدخراتهم وحقوقهم كاملة، مؤكدة أن "التيار" سيكون بالمرصاد رفضا لأي اجراء يطاول حقوق اللبنانيين والدولة.
واعتبر بيان "التيار" أن التلاعب الحاصل في سعر صرف الدولار الأميركي، غير مقبول وتتحمل المسؤولية بشأنه الإدارة النقدية. على أن تتضمن خطة الحكومة إجراءات لإعادة هيكلة الدين العام.
******************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
لم يتمكن حسان دياب والحكُم من إقالة رياض سلامة، لكنهما وضعاه خارج الخدمة ومعه المصرف المركزي، في حركة أقل ما يقال فيها إنها انقلابية على النظام المصرفي الذي نعرفه، لأنها لم تأت نتيجة استفتاء أو انتخابات مبكرة.
وكما عرج دياب أمس على قيادة الجيش، زار اليوم قيادة قوى الأمن الداخلي، في توقيت ملتبس جدا، كيف لا، وراتب العسكري لم يعد يتجاوز المئتي دولار. والأخطر بحسب المحللين أن وراء الزيارتين رسالتين مضمرتين لقائدي المؤسستين العسكريتين، مفادهما أن زمن لعبهما ضمن هوامش الإجتهاد التي تؤمن لهما استقلاليتهما، قد انتهى، والنهج الدولتي الجديد ما عاد يحتمل نموذج رياض سلامة آخر في المؤسسات الأمنية. والعيون مفتوحة الآن على العدلية، لمعرفة ما إذا كان دياب سيزور مجلس القضاء الأعلى لإيصال الرسالة نفسها، بعدما ظهر في نبضه الجديد إصراره على تحقيق استقلاليته كسلطة مكتملة الأوصاف، لا كسلطة مستتبعة خاضعة.
ووسط مراكمة العثرات، يسجل للمنظومة التي يتماهى معها دياب، أنها زودته خطابا حمال أوجه ومضللا للبنانيين المنتفضين، كرره وسيكرره في جولاته التبليغية، كأن يقول لقوى الأمن والجيش بأن ليس مطلوبا من رجالهما، تنفيذ أوامر السلطة، بل حماية الناس، فيما هما ملامتان لأنهما تعاملتا برفق مع بداية ثورة 17 تشرين.
في الانتظار، وفي ظل الإصرار على المقاربة الكيدية للواقع المالي- الاقتصادي، بعكس ما هو حاصل في الحرب على الكورونا، سجلت ثلاثة أمور: الأول، استمرار تفلت الدولار صعودا وانكشاف استخدامه كوسيلة لتأليب الناس. والثاني، غضبة سنية ووطنية عارمة على دياب والحكم. والثالث، "نقزتان" في عين التينة، الأولى من التبعات الكارثية التي ستنجم عن نسف الحكم آخر أعمدة الهيكل المالي، والثانية، لتجاوز دياب والحكم وزير المال وتكليف مدير عام المالية اختيار شركات التدقيق في حسابات "المركزي"، وأفادت معلومات بأن الرئيس بري كان سيوعز لوزرائه بمقاطعة مجلس الوزراء لو لم يتم تدارك الأمر وتصحيحه.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"
لنعد إلى أصل المشكلة، المتمثلة بهوة مالية قاربت ال83 مليار دولار، هي خسارة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية. هذا الرقم هو الأهم في كل المعادلات السياسية والاقتصادية، وحوله تدور المعارك، من كيف فتحت هذه الهوة، إلى من المسؤول عنها، إلى من لعب دور شاهد الزور، وصولا إلى ومن سيدفع الثمن ومن سيخرج البلاد من المأزق الحالي وكيف "سيقرش" الخروج هذا إن حصل؟.
قبل أن نتلهى كلبنانيين بالجدل حول إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو عدم إقالته، لا بد أن نقرأ وبروية تسلسل الأحداث. في هذا التسلسل، ليس هناك من إشارة واضحة توحي بأن قرار الاقالة اتخذ، وحتى في مجلس الوزراء الجمعة، لم تطرح الإقالة، فالمطلوب بحسب المعطيات أن يسلم سلامة السلطة رقما ثابتا للخسارة المالية، تبني على أساسه خطة الانقاذ، لتواجه بها الخارج والداخل، هذا بالتزامن مع بدء ثلاث شركات تدقيق حسابات عالمية التدقيق في حسابات المصرف المركزي.
وكالعادة، التدقيق في الحسابات، فتح البازار السياسي اللبناني، وأعاد فرز خارطة المواقف. ففي الوقت الذي يقول "حزب الله" إن اقالة سلامة هي قرار تتخذه السلطة السياسية، وإن كان لا يمانع به، إلا أن عدم وجود توافق حول الإقالة، أدى إلى مخرج مرحلي أسفر عن تكليف شركات مالية مراقبة الوضع داخل المصرف المركزي. ويبدي الحزب انزعاجه من محاولات زج اسمه بمحاولة إقالة رياض سلامة، وتحميله تبعات الإقالة إذا حصلت.
حركة "أمل" تؤكد من جهتها أنها لم تضع خطوطا حمراء أمام الإقالة، إنما تتحفظ عليها، وتصر على التدقيق المالي في حسابات المصرف المركزي، الذي إذا ظهر ما يكشف تورط الحاكم بسوء الأداء، ما يمهد لاقالته بحسب المادة 19 من قانون النقد والتسليف، أو ينفي هذا التورط، وحينها، لا داعي للإقالة، أما اليوم، وفي ظل التخبط المالي، لماذا المخاطرة لا سيما أن المصرف المركزي يفتقد لمرشحين أقوياء يحلون مكان رياض سلامة، كما يفتقد لنواب الحاكم.
تيار "المستقبل" والحزب "الاشتراكي" يتحدان في موقفيهما، فإقالة الحاكم وتحميله وحده مسؤولية الانهيار المالي، خط أحمر بالنسبة للطرفين، لأنه لا يستهدف الحاكم وحده إنما الفريق السياسي الذي يمثلانه، وتاليا فإن الإقالة هي هجوم من العهد وحلفائه لا يمكن السكوت عنه.
"القوات اللبنانية" قصدت التميز في هذه المعركة عن حليفيها في الرابع عشر من آذار، فهي وإن دعمت التحقيق المالي في حسابات المصرف المركزي، إنما تربطه بكل القطاعات التي يضربها الفساد، وعينها على ضرورة إنقاذ الوضع المالي الدقيق، وهو الهم الأساسي عندها.
أجواء "التيار" تشير من جهتها إلى أن معركتها الحقيقية ليست ضد شخص رياض سلامة، إنما ضد النهج السياسي والمالي الذي اتبعه بالتوجهات المالية للحكومات المتتالية، التي يقول "التيار" إنه حاول تعديلها فلم يوفق لا من خلال مجلس النواب ولا مجلس الوزراء، أما المعركة الحقيقية بالنسبة ل"التيار" اليوم، فهي تغيير النهج المالي، فإذا كان تغيير السياسات المالية يمر حتما بتغيير المولجين بتنفيذها، فمصلحة الدولة واللبنانيين، يقول "التيار"، فوق أي اعتبار آخر.
بالمحصلة، لا قدرة لأي طرف، رغم الرغبة، على إقالة حاكم مصرف لبنان، لغياب التوافق السياسي وتوفر الفجوة القانونية، وكل الوساطات التي حاولت إحداث خرق في الساعات الماضية لم تنجح، فيما الوضع المالي والنقدي إلى مزيد من الانهيار.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
حكومة السبعين نهارا باتت في مواجهة طبقة الثلاثين عاما، فلم يكد حسان دياب يفتح دفتر الحساب ويدخل الثقب الأسود، من مصرف لبنان إلى مغارات الوزارات لاحقا، حتى رفعت ضده "دشم" ومتاريس ومنصات، في هجمة مرتدة استخدم فيها جميع أنواع الأسلحة الرشاشة سياسيا وطائفيا، وبعضها تسلل من بوابات الخير في دار الفتوى، ليتبرع بمساعدات سياسية عينية من وزن "نحنا قدا وقدود".
وما إن شرعت دار الفتوى أبوابها لنصرة المحتاجين في كل لبنان، ضمن حملة "الواحد ليس وحده"، حتى حج إليها محتاجون ومعوزون سياسيون، من رؤساء حكومات ووزراء سابقين، وغيروا عنوان الحملة ليصبح "حسان دياب سيكون وحده"، وستقوم الحرب عليه لأنه مساهم في مؤامرة وصفها الوزير السابق نهاد المشنوق بمؤامرة على السنية السياسية، ورأى أن دياب يتصرف على طريقة "الي بيسوق سيارة وبيطلع لورا وبدو يفوت بالحيط".
ولم يكن المشنوق وحده، فهو "شد الضهر" بتحالفات، للانتصار على ما سماه الانقلاب. ويتقدم طلائع الأفواج المحاربة كل من: وليد جنبلاط وسمير جعجع وحكيم واحد في البلد هو الرئيس نبيه بري. ولكي يكتمل "النقل بالزعرور"، قدم الرئيس فؤاد السنيورة من دار الفتوى، مطالعته بالشفافية وإخضاع كل المؤسسات للرقابة، على مبدأ وصفه بـ"الإفصاح".
وعانى المشاهدون وهم يتابعون محاضرة السنيورة بفصاحة عن خط سيره الحكومي، قائلا: أنا مع ملاحقة كل قرش جرى تبديده في لبنان. والسنيورة ربما أصاب بدقة، لأنه يتحدث عن قرش جرى تبديده، ولم يقصد المليارات الضائعة وأفلتت من عنق الموازنات، ولا عن هبات غيرت مسارها على زمن ما بعد حرب عام 2006، وهو إذ حكم في السرايا ووزارة المال على حد سواء بغموض الأرقام العامة، فإنه يحاسب الرئيس دياب اليوم، لكونه وضع العربة وراء الحصان، فيما اللبنانيون على ولاية السنيورة لم يتسن لهم اكتشاف العربات من الأحصنة أو الصلاصل أو من أي فصيلة أخرى تسير ماليتهم التائهة.
وسواء بعضلات أبو صالح المشنوق، أو بشفافية السنيورة، أو بمعلقة الرئيس سعد الحريري يوم أمس، وببيان "الاشتراكي" في منتصف الليل، فإن حرب الجبهات هذه قامت قيامتها بسبب أنياب ظهرت لدياب، وقرر فيها بدءا من الثلاثاء المقبل كشف المستور السياسي والوزاري في دهاليز الإدارات، وبمفعول رجعي عن سنوات خمس.
والتدابير التي ستتخذها الحكومة، ستعرض سياسيين ووزراء لخطر المحاسبة لكل من ظهرت عليه عوارض الثراء. ولهذا السبب فقد أصيب الحريري بـ"جائحة" الرد المطول، واتهم دياب بإغراق الليرة وحافة انهيارها، علما أن الحريري نفسه سلم حكومته والليرة على آخر روح. أما كلام الحريري عن زمن الوصاية، فهو موروث طبيعي استقاه من والد شهيد كان عرابا لهذا الزمن وصانعا لمجده.
ولأن للحرب سيفين ماليا وسياسيا، فإن بدء التدقيق في مصرف لبنان يستلزم أيضا من دياب هذه المرة، الحسم في أمر التعيينات المالية، حتى لا يبقى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحده في ساحة مالية ولا بديل له.
وإلى ساحة إعلامية نزل رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي، المصون سياسيا والمحفوظ إداريا، ليدافع عن إعلام مضطهد. وإذ تسجل قناة "الجديد" إدانتها لقطع بث أي مؤسسة اعلامية، وتعلن صونها الحريات العامة، وتؤكد أن قطع بث قناة MTV هو قرار "مر" ومستنكر، فإنها أيضا تقف باستغراب أمام بيان رئيس المجلس الوطني الذي استفاق على محطة وتغاضى عن أخرى. و"الجديد" لن تكون يوما مع أي قرار بقطع البث، إلا إذا كان صاحب هذه المؤسسة أراد ذلك من تلقاء نفسه، وراسل شركات توزيع البث طالبا حذفه بملء إرداته، لكنها في المقابل تسجل على محفوظ انه "مأمور نفوس" سياسية، ويخضع لما يمليه عليه الرئيس نبيه بري، صاحب مرجعية التعيين والتمديد خلافا للقانون.
ومحفوظ ومرجعيته السياسية- النيابية، لم يقدما على تشريع قوانين أو إصدار قرارات إدارية لتنظيم عمل موزعي الكابل، وحماية حقوق المحطات الإعلامية المرخصة من أي قرصنة لإشارتها، وتأمين بثها على الأراضي اللبنانية بصورة مشروعة تحفظ حقوق ملكيتها الفكرية والمعنوية والمادية، وإذ به الآن "يتغاوى" امام محطة ظلمت بقطع البث، ويتهادى مختالا أمامها، مانحا امتيازات تضرب الحقوق. فإلى عبد الهادي: حفظت شيئا وغيبت عنك أشياء، ونحن نراسلك الآن لنبغلك أن محطة "الجديد" مازالت لتاريخه مقطوعة عن البث وممنوعة عن المشاهدين "المحرومين"، ودمت أصيلا لمجلس وطني لا تعرف منه وطنية إعلامية جامعة.