تشخَص الأنظار الى المقعد الماروني في بعلبك- الهرمل الذي يكتسب في هذه الدورة النيابية أهمّية كبرى تزامنت مع إقرار القانون الإنتخابي الجديد القائم على النسبية، والذي سيسمح إلى حدٍّ كبير للفئات والطوائف، المُصادَر قرارها بسبب العددية المذهبيّة، إيصالَ ممثليها الى الندوة البرلمانية.
خطَف القانون الأكثري منذ إقراره صحّة التمثيل النيابي، وأطاحت المحادل بكل المكوّنات والفئات الصغرى التي لم تستطع طوال الفترة الماضية إيصال ممثليها إلى المجلس النيابي بفعل التحالفات الكبرى التي إلتهَمَت حصصها في الدوائر ذات الطابع الطائفي المحدَّد.
ومع إقرار القانون الجديد، إستبشرت جميع المكوّنات السياسية والطائفية ذات الحضور الضيّق في الدوائر الإنتخابية خيراً، وبدأت العملَ والسعيَ إلى اختيار مَن يمثلها بعدما كان الإختيار سابقاً يتمّ بواسطة طائفة عن أخرى، وتيار سياسي عن آخر، بفعل التركيبة العددية لكل منطقة.
وتُعتبر دائرة بعلبك- الهرمل شبيهةً ببقية الدوائر والمناطق في لبنان، حيث تتكوّن من مختلف الطوائف الإسلامية والمسيحية، وينقسم نوابها العشرة على معظم المذاهب الأساسية، علماً أنّ البقاع (البقاع الغربي، زحلة، بعلبك الهرمل) كان دائرةً واحدة في إنتخابات 1992 و1996، ومنذ تلك التواريخ التي ترافقت مع إقرار القانون الأكثري أو ما يُعرف بقانون غازي كنعان، تربّع «حزب الله» ومعه حليفه «أمل» على عرش المقاعد النيابية العشرة وإستأثر بها.
وتناوب على المقاعد العشرة عدد من النواب منهم مَن لا يزال ويطمح بدورة برلمانية إضافية، ومنهم مَن يتغيّر كل دورة كما هو حال المقعدَين السنّيين والمقعدَين الماروني والكاثوليكي، حيث يختار «حزب الله» مرشحيه لتلك المقاعد من المقرَّبين والداعمين لخياراته، أو من الأحزاب الحليفة كحزب «البعث» والحزب «السوري القومي الإجتماعي».
وتنطلق «القوات اللبنانية» من نتائج إنتخابات العام 2005 في ترشيحها للدكتور أنطوان حبشي الذي يتصدّر قائمة المرشحين عن المقعد الماروني، وتسعى مع الشخصيات والقوى الفاعلة في المنطقة الى التحالف وخوض غمار الإنتخابات المقبلة في 6 أيار، وقد وضعت أمام عينيها الخرق في المقعد الماروني بعد تجربة ترشيح طارق حبشي عام 2005 حيث حصد أكثر من ثلاثين ألف صوت، لينتقل بعدها من ضفة «القوات» إلى الضفاف الأخرى.
لا تنفكّ الماكينة الإنتخابية لـ«القوات» تعمل كخلية نحل ليلاً نهاراً، تدرس كل الإحتمالات المتوقّعة وتُجري عملية حسابات دقيقة للأصوات في المنطقة، وتستند في عملها الى حضورها القوي الذي يأتي في المرتبة الأولى بين الأحزاب المسيحية في منطقة بعلبك الهرمل، فهي صاحبةُ الحضور الواسع في منطقة دير الأحمر والجوار.
وفي هذا الإطار، يقول مرشح «القوات اللبنانية» الدكتور أنطوان حبشي لـ«الجمهورية»، إنه من المعروف للجميع أنّ لـ»القوات» ماكينةً إنتخابيةً قوية جداً وفاعلة، فكيف بمنطقةٍ عزيزةٍ على قلوبنا من لبنان هي بعلبك الهرمل، فالتحضيراتُ متواصلة وناشطة، وأبناءُ المنطقة هم أعضاءُ الماكينة الإنتخابية يعملون ليلاً نهاراً، أما القانون الجديد فيمنح القدرة على الخرق حتماً وليس فقط بالمقعد الماروني والماكينة الإنتخابية لـ«حزب الله» تعلم ما الذي نتحدّث عنه».
وعن التحالفاتِ المقبلة، يؤكّد حبشي «أنّ «القوات» تتواصل مع كلّ القوى والعشائر والفاعليات في بعلبك الهرمل، ونحن على الطريق الصحيح والمنافسة ستكون حاميةً جداً، وما التسريباتُ عن الإنتخابات المقبلة وضخّ المعلومات سوى دليل على أهمّيتها». ويشير الى «أنّ «القوات» ستبلغ الحاصل الإنتخابي إضافة إلى الأصوات التفضيلية اللازمة».
على المقلب الآخر من قائمة المرشحين، يتصدّر باتريك الفخري المرتبة الثانية بعد حبشي، وهو يعمل على جمع تأييد مختلف القوى السياسية حيث يسعى لأن يكون مرشحاً توافقياً مقبولاً من مختلف الأطراف، ولهذه الغاية يقوم الفخري بجولات تشمل مختلف البلدات والقرى من مختلف الفئات والطوائف، ويقول لـ«الجمهورية»، إنّ «النكايات السياسية والعائلية تسيطر على واقع الترشيحات في بعلبك الهرمل للمقعد الماروني، لكنّ الصوت المسيحي يفتّش عمَّن يمثله ويكون من بينهم يحاكي همومَهم اليومية وليس مَن يقطن خارج المنطقة وعند كل إستحقاق نيابي يطلّ معلِناً نفسَه مرشّحاً».
ويؤكّد الفخري أنه «يسعى لخدمة أهله وتعزيز صمودهم وليس باحثاً عن مقعدٍ نيابي، وجغرافية المنطقة وواقعها يفرضان بالأمور أن تكون ضمن منافسةٍ إنتخابية ديموقراطية نهنّئ فيها مَن يفوز، لا في معركة تفرز النفوس والمواطنين، فكلنا أبناء هذه المنطقة و«القوات» إخواني». ويشير إلى أنّ «ماكينته الإنتخابية تعمل على تعبئة إستماراتٍ منذ أشهر لإحصاء الأصوات التفضيلية التي وصلت إلى الآن إلى ثلاثة آلاف صوت في القرى المسيحية».
في الأفق لا زحمة مرشحين على المقعد الماروني في بعلبك، وفي انتظار جلاء الصورة ومعرفة تركيبة التحالفات الجديدة بعد الأزمات المستجدّة لاسميا بين حركة «أمل» و«التيار الوطني الحر»، وفوز «التيار» بالمقعد الماروني في بعلبك على لائحة «حزب الله» وتحالفاته، يرى البعض أنّ التحالفات الجديدة يمكن أن تطرأ في أيِّ وقت، فيما يرى البعض الآخر أنّ «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» غيرُ مستعدَين لفتح نار معركة في دائرة بعلبك الهرمل لحسابات على مستوى لبنان كاملاً.