نظم "مركز التراث اللبناني" في الجامعة اللبنانية الاميركية، لقاء حوراياً حول اللغة العربية مع الاعلامي مارسيل غانم تحت عنوان "العربية في الاعلام"، في كلية عدنان القصار في الجامعة - قريطم، ضمن سياق قرار منظمة اليونيسكو اعتبار 21 شباط "اليوم العالمي للغة الام"، حضرها رئيس الجامعة اللبنانية الاميركية جوزيف جبرا وعدد من الشخصيات الادبية والفكرية والفنية والطلاب.
وبعد النشيد الوطني، القى مدير مركز التراث اللبناني الشاعر هنري زغيب كلمة رحب فيها بالحضور، مشيدا "بأهمية التمسك بلغتنا الام، هذه اللغة الغنية بمفرداتها وتراثها، ويجب التمسك بها عند الجيل الطالع، ونبذ كل المفردات التي تشوهها".
ثم القى غانم كلمة قال فيها: "في اللغة جزء من السيادة. وإلا كيف نفهم استبسال الإرساليات الأجنبية في التاريخ على تدريس اللغة الفرنسية أو الانكليزية أو الاسبانية في أي موقع وصلت اليه. وهو ما يدفع بالفرنسيين اليوم الى دعم أفلام أو مجلات أو جامعات أو معاهد تعتمد اللغة الفرنسية. في الاعلام نصل الى ما يشبه الكارثة، على الشاشة، على صفحات الجرائد. صحيح تقرأون وتسمعون وتشاهدون باللغة العربية، لكن كل ماكينة التنفيذ الداخلية هي بلغات أخرى: الرسائل الداخلية، الانذارات، المراسلات، عمليات الترويج، التسويق .. كل ذلك باللغات الأجنبية. فأين اختفت هذه اللغة التي أثرت العلوم والثقافة العالمية، وهي اللغة الأم لما يزيد عن 290 مليون نسمة؟".
وأضاف: "وفي الأداء، ما نسمعه ونشاهده مجازر يومية بحق اللغة. وهنا أعود بالذاكرة الى يوم التحقنا بإذاعة لبنان الحر، يومها كنت أتابع مسيرة شقيقي جورج الذي انتقل الى التلفزيون. كانت القاعدة قبل كل شيء أن أكون متقدما في اللغة العربية وأسسها وقواعدها. كانت "لبنان الحر" المدرسة الأم للغة الأم. سبقنا الى إرساء هذه الدعائم كبار، من بينهم هنري زغيب. وقبل أي أمر كانت اللغة مع الراحل الكبير أنطوان الراعي والنطق بالحروف والتفخيم والتضخيم والأحرف الشمسية وغيرها من المسلمات الضرورية، حتى تبدأ ظهورا متدرجا على الهواء. الخطأ ممنوع ويرتقي الى مستوى الجريمة، كمنا كان يقال لنا "لا يمكن أن تقدم للناس خبرا أو قصة إذا لم تكن تملك أدب اللغة وإتقان اللغة وأناقة اللغة وسهولة اللغة وطلاقة اللغة وسلاسة اللغة وسلامة اللغة".
وتابع: "أين نحن اليوم؟ إذا عثرنا على اللغة العربية في جملة كاملة من دون متممات باللغة الأجنبية، فحكما سنقع فيها على أخطاء شائعة وهفوات ناتجة عن السرعة في الصياغة وعن الجهل في القواعد والأصول. ما نراه اليوم وما نسمعه، مقلق ومحزن، وفيه الكثير من الركاكة والسخافة. وفي الالقاء الكثير من الوأوأة والتأتأة وضرب لمخارج الحروف كما للمعاني".
وسأل: "أين نحن اليوم من أمجاد جريدة "النهار" وأدوار لويس وعدلي الحاج في التصحيح والتصويب وتركيب الجمل والايجاز؟ أين نحن من كبار مذيعينا ومحررينا ومن حامل لغة الضاد لغتنا الأم الى العالمية؟ لغتنا الأم التي هي من أقدم اللغات التي لا تزال على قيد الحياة، أين هي اليوم، أليست في حال تراجع؟ أليست ضعيفة على لسان معظم متكلميها؟ هل السبب أن الأساليب المعتمدة في تدريبها غير كافية؟ هل اللغة العربية فعلا لغة صعبة؟ هل نحن أمام تحد جديد هو استخدام التكنولوجيا الحديثة في تعليم اللغة العربية؟ هل ثمة حاجة، كما كتبت السيدة بهية البعلبكي الخبيرة التربوية، لرفع الصوت لتيسير تعلم اللغة العربية وتعليمها كتهذيب العامي القابل للتفصيح وإفساح الفصحى لتبني مفردات عامية ترجع الى اصل فصيح؟".
وختم: "طرحت بعض الافكار للاضاءة على واقع مقلق يجتاح لغتنا الام، يجعلنا في النهاية نطرح سؤالا اكبر: هل يكون لنا بعد قرن من اليوم ان ننعي لغتنا الام؟".
ثم كان حوار مع الحضور.