تحت عنوان: “ماذا حمل الحريري في جعبته إلى تركيا؟”، كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: في الوقت الذي تبلغ فيه التجاذبات حول تشكيل الحكومة ذروتها، وفي ظل إنسداد الأفق السياسي الذي يحاول البطريرك الماروني بشارة الراعي إيجاد ثغرة فيه تمكنه من تأمين إنعقاد اللقاء الـ15 بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، أقدم الرئيس سعد الحريري ومن خارج السياق السياسي على زيارة تركيا ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان في إسطنبول، وذلك في خطوة فتحت باب الاجتهاد وحملت الكثير من التأويلات والتحليلات حول توقيتها وأسبابها وأهدافها، وما يمكن أن ينتج عنها، خصوصاً أنها جاءت بعد المصالحة الخليجية في “قمة العلا”، وبعد فترة أمضاها الحريري في دولة الامارات العربية المتحدة لقضاء إجازة العام الجديد مع عائلته.
منذ الاعلان عن خبر الزيارة الذي تولاه الحريري بنفسه من خلال تغريدة له عبر حسابه على “تويتر”، بدأت الأوساط السياسية المهتمة بطرح الاحتمالات التي فرضت حصول اللقاء بين الحريري وأردوغان الذي لديه علاقات متوترة جدا مع دول الخليج لا سيما السعودية والامارت إضافة الى فرنسا وهي الدول التي ترعى أو تدعم مسيرة الحريري.
ثمة خمسة إحتمالات تداولت بها أوساط ومصادر سياسية أمس، لجهة:
أولا: أن يكون الحريري مكلفا بعد المصالحة الخليجية مع قطر في “قمة العلا” بنقل رسالة سعودية ـ إماراتية الى الرئيس أردوغان، وذلك على غرار ما كان يفعل والده الشهيد الذي كان يكلف بمهمات من هذا النوع بهدف تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، علما أن قطر وتركيا لن ينفصلا، وبالتالي فإن المصالحة الخليجية قد تؤسس لاعادة فتح الأبواب مع الأتراك. أو أن يكون الحريري يحمل رسالة فرنسية الى أردوغان الذي يستعد للقيام بمناورة كبرى في بحر إيجه قبالة السواحل اليونانية.
ثانيا: إحتمال أن تكون الزيارة الى تركيا عبارة عن رسالة حريرية شديدة اللهجة الى السعودية والامارات، بأن هناك قوة إقليمية سنية كبرى يمكن الاعتماد عليها في حال أصرت الدولتين الخليجيتين على إدارة الظهر للحريري، وهذا الاحتمال يستبعده مقربون من بيت الوسط، حيث يؤكدون أن رئيس تيار المستقبل لا يمكن أن يتخلى عن العباءة السعودية.
ثالثا: خوف الحريري من الانهيار الكامل في لبنان، وبالتالي الحاجة الى قوة إقليمية داعمة، خصوصا إذا إستمر إبتعاد دول الخليج عن لبنان، فكانت الزيارة لتأمين مخزون دعم إستراتيجي في حال حصول أي طارئ.
رابعا: إمكانية أن تتقدم قطر لتلعب دورا في لبنان برضى السعودية والامارات اللتين لا تريدان التراجع عن الموقف السلبي تجاهه، لكن في الوقت نفسه لا يقبلان بإنهياره كاملا، ما فتح طريق إسطنبول أمام الحريري بدافع التعاون والتنسيق.
خامسا: أن لا يكون للزيارة أي مضمون سياسي، وبعيدة كل البعد عن العلاقات التركية ـ الخليجية والتركية ـ الفرنسية، وبالتالي إقتصارها على مصالح خاصة للحريري الساعي الى حل بعض القضايا التجارية العالقة بوساطة من الرئيس أردوغان الذي لاحظ كثيرون أن لم يكن مبتسما في الصور التي إلتقطت خلال اللقاء.
الى أن تتكشف أسباب وأهداف زيارة الحريري الى تركيا، يسجل عداد الفراغ الحكومي مزيدا من الأيام التي تسجل على العهد، وتسير به نحو مزيد من الفشل، في وقت بدأت فيه البلاد تلفظ أنفاسها الأخيرة على وقع جنون الدولار وتوحش الغلاء وفقدان الدواء تمهيدا لبلوغ الانهيار الكبير الذي يبدو أنه لن ينجو منه أحد.
المصدر: غسان ريفي – سفير الشمال