التبويبات الأساسية

بقلم علي خيرالله شريف

تقول الرواية أنه أثناء تناول العشاء مساء الثالث من حزيران ٢٠٢٠ بدعوة من مستشار قائد جهاز أمن الدولة اللواء صليبا، وبحضور مستشار رئيس الحكومة السيد خضر طالب، عرض الأخير على اللواء أنه في حال وجود أي ملف فساد عالق يحتاج إلى تدخل الرئيس حسان دياب فهو جاهز للمساعدة فيه. وبعد نفي اللواء صليبا عدة مرات وجود هكذا ملفات، بادر مستشارُهُ إلى القول أنه يوجد ملف مرفأ بيروت٠ ولما استوضح السيد خضر طالب من اللواء عن الموضوع أنبأه بشكلٍ مقتضب أنهم ضبطوا كمية من المتفجرات في المرفأ تقدر بحوالي ألفين كيلوغرام. فما كان من السيد خضر طالب إلا أن بادر فوراً إلى الاتصال بالرئيس حسان دياب مُبَلِّغاً إياه على مسمع اللواء صليبا، أن القوى الأمنية ضبطت ٢٠٠٠ كلغ من المتفجرات في مرفأ بيروت(ولم يتدخل صليبا لتدقيق المعلومة). فقرر الرئيس الدياب على أثر هذه المكالمة، أن ينزل إلى المرفأ صباح اليوم التالي(أي في ٤ حزيران ٢٠٢٠) للتبين من حقيقة الأمر بنفسه. وبحسب البروتوكول، أرسل الرئيس في الليلة نفسها، رئيس الحرس الحكومي الرائد محمد عبدالله إلى المرفأ للاستطلاع وللتحضير للزيارة، فتبين له أن المعلومات التي زودوا الرئيس بها من مصدر اللواء صليبا هي غير صحيحة، وأبلغه بالمعطيات التالية:
١. المادة الموجودة في المرفأ هي نيترات الأمونيوم، وليست متفجرات.
٢. الكمية الموجودة تبلغ ٢٧٥٠ طن وليس ٢٠٠٠ كيلوغرام، وعندما سال عنها في المرفأ قالوا له أنها سماد، وهي تحتاج إلى خبير عسكري ليعرف ما إذا كانت سماد عادي او سماد للمقالع.
٣. المواد موجودة في المرفأ منذ العام ٢٠١٣ وتم إنزالها من السفينة عام ٢٠١٤ بموافقة قاضي الأمور المستعجلة.

عندها، وبسبب وجود هذا التناقض بالمعلومات، طلب الرئيس دياب تقريراً مفصلاً عن القضية من أمن الدولة بأسرع وقت، وأجل زيارته للمرفأ ريثما يأتيه التقرير.
ولكن جهاز أمن الدولة رفع تقريره للرئيسين عون ودياب في ٢٠ تموز ٢٠٢٠ أي بعد شهر ونصف من تاريخ طلبه من قبل دياب، ووصل إلى مكتب الرئيس في ٢٢ تموز بعد أن دار دورته الإدارية الروتينية في السراي حسب البروتوكول. وبرغم مصادفة أعطال رسمية ونهاية الأسبوع لمدة ١١ يوماً(من أصل ١٤ يوم فصلت وصول الكتاب لمكتب الرئيس عن ٤ آب المشؤوم)، قام الرئيس دياب بمتابعة الموضوع مع وزارة الأشغال ومع المعنيين خلال العطلة، إلى أن فوجئ الجميع بالانفجار في ٤ آب.

هناك العشرات من الأسئلة التي تطرح نفسها على المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، ولكننا نكتفي، كدفعة أولى بطرح الأسئلة التالية، على أن نتبعها بأسئلة أخرى في حينها:

١. لماذا قال اللواء صليبا أن المادة هي من المتفجرات بينما هي من نيترات الأمونيوم، وهل يُعقل أن لا يعلم رئيس جهاز أمن الدولة بالمعلومات الدقيقة؟
٢. لماذا قال اللواء صليبا، بعد أن تباطأ في الإجابة، أن الكمية تبلغ ألفي كيلوغرام بينما هي ٢٧٥٠ طن؟
٣. لماذا تباطأ جهاز أمن الدولة في رفع تقريره مدة شهر ونصف؟
٤. أين يوجد وجه التقصير والإهمال في أداء الرئيس حسان دياب لمعالجة الموضوع؟

وللحديث صِلَة...

*كاتب لبناني وباحث عن الحقيقة

صورة editor3

editor3