الخميس ١٥ كانون الثاني ٢٠٢١
اليوم قررت أن أترك مملكتي (غرفتي)، واذهب الى مصرفي لأقبض إعاشتي الشهرية...
صُدمت بعدد الناس الذين ينتظرون في الخارج... فتكرَّم احدهم من داخل المصرف وطلب من الحارس الخارجي ان يفتح لي الباب... ترددت بالدخول وأنا أتلفّت حولي خجلاً، واجتاحتني عقدة ذنب وغصة في حلقي... تلعثمت وانعقد لساني وأنا أكلّم الموظف بأني أريد إعاشتي الشهرية، مسترقاً النظر الى الناس المكدّسين امام المصرف وهم يتبادلون الحنق في ما بينهم، ورحتُ أردد بحرارة طالباً من الله ان لا يكون قد عرفني احدهم لكثرة الخجل الذي اعتراني وانا ادخل الى المصرف قبلهم، منكّس الرأس بخطىً متعثرة...
لحظات قليلة ايقظتني من حالتي النفسية الكئيبة. صراخ وضوضاءٌ ورفس لباب المصرف... وكان احدهم وهو رجل مسن متواضع المظهر يصرخ، وفي صوته بحة بكاءٍ يرفس الباب بحدة كأنه ديك يُذبح. لم تحمله ركبتاه لشدة انفعاله فتمدد على الارض وهو يلهث وصدره يعلو ويهبط بسرعة، فهرع جميع من حوله، ومدير البنك يطل برأسه ويردد كلاماً بصوت خافت غير مفهوم، فنصحته بان يطلب الصليب الأحمر...
وفهمت ان الرجل يريد ان يحوّل مالاً لابنه في الغربة، وليس في مقدور مدير البنك الآدمي والمرهف ان يلبي طلبه بسبب تعليمات الباب العالي والحكام السفلة. فتعاطف الجميع حتى موظفو المصرف مع صراخه ودمعته وصوته المخنوق... ومررت من امامه وانا اغادر المصرف، وكم كنت اود لو استطيع تقبيله او ان ألملم دموعه بجفوني، واضمه واقول له بأنه ضحية المنظومة الحاكمة كما موظفي المصرف، كما هذا الشعب المستكين الذي لم يعِ بعد أن غباءه وصمته واستكانته، اوصلتنا الى ما نحن عليه. وعندما عدت الى منزلي ودخلت غرفتي، مرت ببالي وجوه المسؤولين في وطني ومؤتمراتهم الصحافية، وتذاكيهم ومطالبتهم بحقوق طوائفهم وكبريائهم. فلعنة الله على وجوههم المقيتة، ووجوه الذين ما زالوا يدافعون عنهم...
أحسست بنار الحقد والكراهية تجاههم جميعاً. ووددت ان ابصق... ثم احتفظت بلعابي فهو #أثمن منهم...
source:
زحليون Zahlioun