عشية انعقادها في تونس، بدت صورة القمة العربية ضبابية شكلا ومضمونا وسط سلسلة مفاجآت في قوائم الحاضرين والغائبين.
ومع أن أجندة القمة تتضمن العديد من الملفات العربية الساخنة بدءا من مستجدات قضيتي الجولان وفلسطين، مرورا بأزمات ليبيا وسوريا واليمن والسودان، ووصولا إلى تحديات العلاقات مع أبرز اللاعبين الإقليميين ومكافحة الإرهاب ودفع التنمية، إلا أن ما شهدته الساعات الأخيرة من تطورات قد يفرض تعديلات على مجريات القمة ومآلاتها.
وإعلان الدوحة اليوم عن نية الأمير تميم بن حمد القدوم إلى تونس على رأس وفد قطري لحضور القمة في ظل نزول الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في تونس منذ يومين، قد يجعل هذا المحفل العربي يجمع قادة أهم طرفين في الأزمة الخليجية داخل قاعة واحدة للمرة الأولى منذ القطيعة عام 2017.
ويرى بعض المراقبين أن ذلك قد يبشر بانفراج في العلاقات بين قطر ودول المقاطعة، إن لم يصل الأمر لأن تتحول القمة لحلبة "مصالحة خليجية".
في المقابل، هناك من يعتقد أن عزم الأمير تميم على حضور القمة يعود لسعيه الحثيث لتثبيت مكانة بلاده داخل البيت العربي وتجاوز تداعيات المقاطعة المفروضة عليه من جيرانه، لاسيما وأن الغياب عن القمة كان ربما سيفسر على أنه مؤشر ضعف وتراجع.
من هذا المنظار، فإن حضور أكبر رمزين في الأزمة الخليجية بما بينهما من حساسيات ومنافسات، قد يلقي بظلاله على القمة لجهة تعكير أجوائها وتعقيد التوصل إلى توافقات منشودة.
وجاء نبأ اعتذار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي لم يصدر عن القاهرة بعد تأكيد رسمي له، ليزيد من الشكوك في قدرة القمة على معالجة بعض القضايا الأكثر إلحاحا في أجندتها، ولاسيما المتعلقة بالأزمة الليبية والأوضاع المتفاقمة في غزة وحولها.
وظهرت هناك تفسيرات تقول إن غياب السيسي يعود لاعتبارات أمنية بعد أن أطلق نشطاء تونسيون عبر منصات التواصل حملة لرفض قدوم السيسي إلى بلادهم، فيما صرح أحد النواب التونسيين بأن تونس لا ترحب بـ"القتلة والمنقلبين على إرادة الشعوب مثل السيسي".
لكن كثافة الاتصالات والنشاطات الدبلوماسية والسياسية التي انخرطت فيها مصر قبل القمة وتحضيرا لها يدفع لترجيح وجود أسباب أخرى، "وجيهة" وراء اعتذار السيسي عن الذهاب إلى تونس، قد تؤشر إلى عملية إعادة انتشار تجري في الصف العربي.
ولعل لغياب ولي عهد أبوظبي الأمير محمد بن زايد عن قمة تونس التي سيترأس حاكم الفجيرة الشيخ حمد بن محمد الشرقي وفد الإمارات إليها، دلالة على بوادر تجاذبات جديدة في المنطقة، لاسيما بعد محادثات أجراها ولي عهد أبوظبي مع السيسي على الأرض المصرية مؤخرا.
التساؤلات كثيرة والإجابات لا تزال قليلة، وكلما قلّت الإجابات ازدادت الشكوك في قدرة البيت العربي على ترتيب أوراقه بطريقة تعيد الاعتبار لمفاهيم مثل "التضامن العربي" و"العمل العربي المشترك"، حتى لا تكتفي القمة الجديدة بإطلاق الشعارات وتقتصر على تصفية الحسابات.