كتب جورج شاهين في صحيفة "الجمهورية":
"يُجمع زوار العواصم الفاعلة التي تتعاطى بملف المنطقة أنّ الرعاية الدولية للأمن في لبنان قائمة بهدف لجم كل ما يؤدّي الى مرحلة من الفوضى. وهو ما يفسّر التدابير العسكرية والأمنية التي اتُّخذت ترجمةً للتحذيرات الدولية لتعزيز المراقبة في مناطق التوتر المحتمَلة. فالجميع بات يعرف أنّ كل ما جرى يؤكّد وجودَ قرار دولي بتحييد لبنان عن مناطق التوتر. فكيف سيترجم؟يعترف بعض الديبلوماسيين العرب والغربيين أنّ بعض اللبنانيين والعرب كانوا يحتاجون الى التجربة ـ المحنة الأخيرة ليكونوا على يقين بأنّ هناك قراراً دولياً يترجم توافقاً شاملاً على حماية لبنان ومنع انزلاقه الى حال من الفوضى أيّاً كانت الأسباب التي يمكن أن تقود اليها.
وأنّ كل ما يجري في محيطه وخصوصاً على مساحة المنطقة المتفجّرة نتيجة استمرار الأزمتين السورية والعراقية بكل مظاهرها العنفية التي فاقت كل التوقعات في السنوات الأخيرة، وصولاً الى البحرين واليمن لن ينتقل الى لبنان وأنه سيبقى في منأى عن تردّداتها الفتنوية السلبية ولا سيما منها الدموية.
وتطبيقاً لهذه التأكيدات الديبلوماسية التي لم يخرج عنها أيٌّ من سفراء الدول قادة المحاور التي تخوض المواجهة الكبرى في مجمل الأزمات العالمية، يتحدث بعض زوّار العواصم الكبرى المؤثرة في المنطقة عن هذه المعادلة الدولية بكل ثقة ويسترسلون في الكلام عن الجهود التي بذلت لتطويق أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري وما احاط بها من التباس وغموض نادرين.
ولذلك فقد شغلت لأيام العالمين العربي والغربي وعواصم الدول الكبرى والمؤسسات الدولية والأممية بفعل الحراك السياسي والدبلوماسي الذي قاده رئيس الجمهورية مستفيدا من الإجماع الذي لم يتحقق في الداخل بمثل ما تجلى هذه المرة على مستوى اهل الحكم والحكومة والمعارضة في آن.
وعلى هذه الخلفيات يعترف ديبلوماسيون معتمدون في بيروت انه كان لهذا الموقف اللبناني النادر الصدى الإيجابي في كل مكان. وهو ما أدّى الى تحويل الرسالة اللبنانية صرخةً مدوية تردّد صداها في العالم الذي عبّر منذ اللحظة الأولى عن إجماع وتوافق دوليَّين لمنع ما يؤدّي الى الإنفجار الذي شهدته عواصم ومدن عربية عاشت ما يشبه الأزمة اللبنانية الأخيرة، وهو امر قل نظيره باعتراف الجميع حيال اي حدث سبقه سواء كان اقليمياً او دولياً.
ويلتقي هؤلاء السفراء مع زوار بعض عواصم القرار على قراءة ردات الفعل الدولية بحجم الإجماع اللبناني. فقد شهدوا على فتح خطوط التواصل بين العواصم الكبرى وزعمائها في ما بينها على وقع الحراك الذي قاده رئيس الجمهورية مستفيداً من الإهتمام الدولي بمسار الأزمات الدولية المترابطة في ما بينها نتيجة تورّط الجميع في معظم الأزمات الدولية من كوريا الشمالية وبحر الصين الى اوكرانيا ومنهما الى شرق البحر المتوسط والخليج العربي".
(الجمهورية)