التبويبات الأساسية

"لبنان أمام نقطة تحوّل"، عبارة قالتها السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد من قصر بعبدا بعد انتهاء زيارتها الوداعية للرئيس ميشال عون أمس. وما هي ساعات حتى أعلنت الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على 3 مسؤولين في "حزب الله" وصفتهم بـ"الإرهابيين العالميين"، إلى جانب 12 هيئة مرتبطة بـ"مؤسسة الشهيد" التابعة للحزب. لن ينسى اللبنانيون الفترة التي شغلت فيها ريتشارد منصب سفيرة بلادها في لبنان (في 17 أيار 2016، صادق مجلس الشيوخ على تعيين ريتشارد)، فخلالها غلبت وجهة النظرة المتشددّة لجهة التعاطي مع لبنان وزادت العقوبات على "حزب الله". وكذلك، لن تكون مرحلة "ما بعد ريتشارد" أسهل، بل يُتوقّع أن تشهد الفترة التي ستتولى فيها دوروثي شيا منصب سفيرة بلادها تضييقاً أكثر للخناق على لبنان، لا سيما أنّ وصول شيا، التي قيل إنّها قادمة على حصان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأبيض، يتزامن مع الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تعصف بلبنان. وكانت مصادر توقعت في هذا الإطار أن تشتد العقوبات على "حزب الله"، باعتبار أنّ قرارها يصدر مباشرة من الرئاسة الأميركية وليس من السفارة، مشيرةً إلى أنّ تطبيقها سيكون صارماً، لأنّ شيا ستنفذ رغبات سياسته وليس الخارجية الأميركية، ذات الأغلبية الديمقراطية التي تتناحر بشكل ملحوظ مع سياسة ترامب. وتضيف المصادر بالقول إنّ ترامب عيّن ديفيد شنكر، المقرّب منه مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، للغاية نفسها.

في تقرير نشرته صحيفة "ذا نشيونال" الإماراتية، اعتبرت الصحافية اللبنانية جويس كرم أنّ الخزانة الأميركية ضيّقت بجولة العقوبات الجديدة الخناق على "حزب الله". ونقلت كرم عن مصادر مطلعة قولها إنّ حزمة العقوبات الجديدة كانت متوقعة بعد استهداف مصرف "جمال ترست بنك" في آب الفائت، كاشفةً أنّه تم تأجيل العقوبات الجديدة نظراً إلى اندلاع موجة الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول الفائت.

وفي التفاصيل أنّ كرم نقلت عن شينكر قوله: "سترون التطورات على الأرض، لا سيما أنّ نسبة لا تتعدى من الـ2% من إجمالي محطات الوقود ستقفل أبوابها"، إشارة إلى أنّ العقوبات شملت محطات وقود شركة "الأمانة". وأوضح شينكر أنّ هذه العقوبات "ستجمّد حسابات هذه الكيانات وستعطّل قدرتها على القيام بالتحويلات". وشرح شينكر أنّ الولايات المتحدة تسعى عبر هذه العقوبات إلى القضاء على نفوذ "حزب الله" على الاقتصاد اللبناني وبالتالي إقفال هذه الكيانات (المدرجة على لائحة العقوبات).

وتابع شينكر قائلاً إنّ الحكومة الأميركية ستعمل مع المصرف المركزي "الذي يبدي تجاوباً لجهة بلوغ هذا الهدف"؛ علماً أنّ مصرف "جمال ترست بنك" أقفل أبوابه في أيلول. وعلى مستوى حكومة الرئيس حسان دياب، قال شينكر إنّ التوقعات تشير إلى أنّ الحكومة اللبنانية ستتعاون، مضيفاً: "نمتنع عن الحكم على أدائهم على الرغم من الرابط الضعيف القائم بين موازنتهم (تم إقرار الموازنة في 28 تشرين الثاني الفائت وسط احتجاجات عارمة) والواقع". توازياً، لم يستبعد شينكر فرض عقوبات جديدة على لبنان في إطار قانون ماغنيتيسكي لمكافحة الفساد، إذ علّق بالقول: "هذه مسألة هامة بالنسبة إلينا ونحن نعمل عليها حالياً". ولدى سؤاله عن تأثير العقوبات السلبي على الاقتصاد اللبناني، ردّ شينكر بالقول إنّ شطب "حزب الله" من الاقتصاد اللبناني من شأنه أن يزيد الثقة بهذا القطاع.

ويبدو أنّ مروحة العقوبات على لبنان ماضية في توسّعها، إذ كشف تقرير نشره موقع "المونيتور" الأميركي أنّ السيناتورة جان شاهين والسيناتور تيد كروز أعدّا مشروع عقوبات يستهدف المسؤولين الحكوميين والقضائيين العسكريين المسؤولين عن توقيف العميل عامر الفاخوري. ونقل الموقع عن شاهين قولها إنّ فاخوري بات في المرحلة الرابعة من مرض السرطان واتهامها المسؤولين اللبنانيين بضربه لانتزاع اعترافات كاذبة منه، على حدّ زعمها. وتابعت شاهين، وهي تمثّل ولاية نيوهامشير حيث يعيش فاخوري منذ سنوات، قائلةً: يدرك المسؤولون اللبنانيون أنّ سلوكهم – الذي تقف وراءه رغبة "حزب الله" في إثارة الخلافات في لبنان– غير قانوني بموجب قوانينهم". شاهين التي سبق لها أن راسلت عون للإفراج عن فاخوري في تشرين الثاني الفائت، شدّدت على ضرورة أن تكون ثمة تبعات لـ"هذا التجاهل الصارخ للمعايير الدولية وحقوق الإنسان".

في السياق نفسه، تحدّث الموقع عن حاجة حكومة دياب إلى الدعم الدوي ناقلاً عن كبيرة مستشاري شاهين للشؤون السياسية الخارجية، ناز دوراكوغلو، قولها: "نحن في مرحلة نريد فيها العودة إلى حالة العلاقات الطبيعية مع لبنان وعدم حصول انقطاع على هذا المستوى".

وتابعت دوراكوغلو بالقول: "هذا وقت حساس بالنسبة إلى لبنان، ويحتاج (اللبنانيون) دعم المجتمع الدولي حالياً، ولا ينبغي عليهم القيام بأمور من هذا القبيل". واعتبرت دوراكوغلو أنّ الحكومة الجديدة تستغل فاخوري لصرف انتباه الشعب عن الاحتجاجات.

بالعودة إلى عقوبات كروز وشاهين، كشف الموقع أنّ السيناتوريْن رفعا مشروع القانون إلى قيادة مجلس الشيوخ وينسقان مع مسؤولين رفيعين في إدارة ترامب بمن فيهم مستشار الأمن القومي، روبرت أوبراين، والسفيرة الأميركية ريتشارد، مشيراً إلى أنّه يُحتمل أن يعمد ترامب إلى تطبيق العقوبات بموجب قانون ماغنيتيسكي، إذ سبق للرئيس الأميركي أن لجأ إليه عندما استهدف مسؤولين أتراك في العام 2018 بهدف إطلاق سراح القس أندرو برانسون. وآنذاك، أعلنت الخارجية الأميركية فرض عقوبات على وزيريْ الداخلية والعدل التركييْن، معلنةً مصادرة ممتلكاتهما وأصولهما ومنع التعامل معهما على خلفية توقيف برانسون في تركيا وتوجيه تهمة "الإرهاب والتجسس"إليه.

المصدر: The National - Al-Monitor - وكالات

صورة editor14

editor14