أكد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال روني عريجي في كلمة له خلال افتتاح النادي الثقافي العربي، بالتعاون مع اتحاد الناشرين اللبنانيين معرض "بيروت العربي الدولي للكتاب الستين" في البيال ممثلا رئيس الحكومة تمام سلام أنه "شرفني سلام بتمثيله رعاية لهذا الحدث الثقافي، ويسعدني أن أنقل اليكم تحياته والتمنيات بالنجاح. النادي الثقافي العربي ومعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، في دورته الستين، مأثرة ثقافية سنوية، وفعل معرفي يتوالى، بإصرار المؤتمن على قضية حضارية، منذ ستين سنة"، مشيراً الى أن "هذه التظاهرة، فخورون بها نحن، على المستويين الرسمي والشعبي. إنها سمة من علامات حضور لبنان وتنامي دوره الريادي - النهضوي، منذ انطلاقة أبجدية جبيل ومطبعة قنوبين وثورة الحرف والمعرفة حتى اليوم. في فضائل هذه التظاهرة، إنها تشكل منصة ثقافية - إنسانية - فكرية، يلتقي في رحابها الكتاب والناشرون والطابعون وجمهور القراء والطامحون إلى نعمة المعرفة".
ولفت عريجي الى "أننا إذ نحتفل اليوم بالكتاب والكاتب والناشر، فنحن في صميم نشر المعرفة وترويجها ورقا وحبرا، وبوسائط التواصل، وقد صارت عابرة للحدود والجغرافيات. انتهى زمن العوائق المفرقة للبشر، نحن في زمن العولمة، في قلب القرية الكونية وفي شمولية إنسانيتها. هو زمن اقتراب سيطرة الإنسان على اللامتناهي في الصغر، ومغامرة اكتشاف اللامتناهي في المدى، وارتياد الكواكب، الحدود الجديدة للانسان"، مشيراً الى أنه "صحيح أننا في الكتاب، لكن المعرفة تحولت الى آفاق أخرى. نحن في زمن اقتصاد المعرفة، وفي بروز مصطلح رأس المال المعرفي، القائم على الذكاء والمعلومة والبحث العلمي، وتكفي الإشارة إلى أن الصناعات - الكثيفة المعرفة - تسهم بنسبة 40% من الناتج الإجمالي للولايات المتحدة، وتبلغ حوالى تسعين مليار دولار سنويا. كما أن انتاج الصين من صناعات المعرفة ينمو بمعدل عشرين في المئة سنويا".
ولفت الى أن "لبنان بما يختزن من طاقات كبرى في قطاع الثقافة، يستطيع اذا أعطته الدولة الفرص والامكانات والدعم المطلوب أن يحول امكاناته الى اقتصاد مضاف ذي مردود كبير. كلنا يعرف حجم التحدي الذي يواجه الكتاب، صناعة وترويجا، ودور الحواسيب والهواتف الذكية والمواقع التي احتلت مكان رفوف وخزائن مكتبات العالم. صحيح، تأثرت حركة الطباعة والنشر، صحفا ومجلات وكتبا، لكن يبقى لنا سحر ملامسة الورق، ورائحة الحبر ودفء الكتاب".
وأوضح عريجي "أننا نثمن عاليا هذه البادرة الرائعة في نشر الكتاب. وبهذه المناسبة، أود الإشارة إلى جائزة الرواية باللغة العربية التي استحدثناها في وزارة الثقافة - منذ سنتين - لفئتي الروائيين المكرسين والكتاب الناشئين. وأغتنم مناسبة معرض الكتاب لأتوجه إلى جميع الروائيين اللبنانيين، وأدعوهم لتقديم نتاجهم إلى الدوائر المختصة في وزارة الثقافة، للتنافس على جمالات الإبداع الروائي، وإنني في هذا الصدد، أنوه بالكفاءة العالية والاستقلالية التامة لأعضاء لجنة التحكيم الوطنية التي شكلناها، والمولجة دراسة وتقييم هذه الأعمال".
ورأى أن "الثقافة لعبت دورا راجحا في تكوين نسيج المجتمع اللبناني عبر العصور، وكونت شخصيته الفريدة في هذه المنطقة، وتحولت مشروعا حضاريا طمح ادباؤنا والمفكرون النهضويون واللاحقون والحاليون لتحويله إلى دور ورسالة لبنان في محيطه والأبعد. ولعل كتابات المفكر الراحل رينيه حبشي، في ستينيات القرن الماضي، حول مشروع لبنان الثقافي ودوره الاشعاعي كان لها تأثير في هذا المجال"، مشيراً الى أنه "في حمأة هذه الهمجية المدمرة التي تعيشها المنطقة العربية والشرق عامة، نستذكر المشروع الثقافي اللبناني، كنموذج، ولو حالم، لمنطقة الشرق الأوسط، هذا المشروع الذي عبرت عنه الاونيسكو عمليا، يوم استحدثت المركز الدولي لعلوم الإنسان في جبيل سنة 1970، عبر بيان أممي اعتبر لبنان بوصفه الجيو-ثقافي، جسر التقاء ثلاثي القارات: آسيا، إفريقيا وأوروبا، لحضارات الشرق بالغرب في مدينة مهد الأبجدية دعوة لتأمل نقوش الأبجدية على ناووس أحيرام في المتحف الوطني