لن يكون مئات الطلاب في شهادتي البريفيه (والثانوية العامة) الذين حرموا من الإمتحانات الرسمية في دورتها الأولى بسبب تخلّف المدارس التي ينتمون إليها عن الإستحصال على الرخص القانونية من وزارة التربية لأنّها "مدارس تجارية" على حدّ وصف الوزير أكرم شهيّب، بل سوف تعلو قريباً صرخات طلاب جامعيين آخرين وجدوا أنفسهم أيضاً ضحية الفوضى والفساد واللامسؤولية الضاربة في قطاع التربية والتعليم...لا سيّما في حال لم يقم الوزير المعنيّ بإجراءات من شأنها رفع بعض الغبن عنهم وعن ذويهم، قبل فوات الأوان!
أمس، حصل في لبنان ما يُشبه "السابقة". طلاب في أولى مرحلة المراهقة وجدوا أنفسهم عشية الإمتحانات الرسمية في شهادتي "البريفيه" من دون بطاقات ترشيح تخوّلهم خوض هذه "المغامرة" الموّثقة بالصوت والصورة هذا العام بفضل كاميرات الوزير الإشتراكيّ. السبب لم يكن حتماً تخلّف الطلاب عن تقديم الأوراق اللازمة، ولا كان امتناع الأهل عن دفع المتوّجبات، بل ببساطة لأن ثمة مدارس في لبنان، قائمة وتُرى بالعين المجرّدة، ولها عناوين وأسماء، وفيها هيكليات إدارية وأساتذة...مخالفة! وزير التربية بذات نفسه وصفها بأنها "مدارس تجارية"، لكنّ "القصاص" ناله الطلاب في نهاية المطاف، رغم تطمينات الوزير وتأكيده وقوفه إلى جانب الطلاب والأهل وعزمه على إعادة "لبنان مدرسة الشرق"، وتلميحه إلى إمكانية عقد دورة ثالثة استثنائية إنصافاً للمظلومين.
في المشهدية الكبيرة، يبدو واضحاً أن قطاع التعليم في لبنان يعاني. بالطبع لا يتحمل الوزير الحالي المسؤولية كاملة، فعلى غرار مختلف القطاعات الحيوية، تتناقل المشاكل ويتشارك بها الجميع في ظلّ غياب الاستراتيجيات والخطط المستدامة، وحتماً المحاسبة. لكنّ الوزير شهيب، وإن كان فعلاً عازماً على محاربة الفساد والنهوض بقطاع التعليم، إلا أنّ بعض التدابير التي يتخذها يأتي بنتائج عكسية، أو
مجحفة بحق "المظلوم" أولاً، فيما يبدو لعدد كبير من التربويين أن الحلول تكمن في أمكنة أخرى. أكبر مثال على ذلك، كاميرات المراقبة التي سلّطت، للمرة الأولى في تاريخه، على طلاب يافعين، وهو ما وضعهم في حال من القلق والتوتر الشديدين اللذين قد يؤثران سلباً في أدائهم. فهل إنّ تحسين التعليم في لبنان لا يتمّ فقط إلا لحظة الامتحان؟!
ولماذا على الطالب أن يتحمّل وزر ما يفعله ويخططه ويطبقه المعنيون؟! على هذا النحو، يبدو السؤال الأساس المطروح اليوم: "من يحمي الطالب في لبنان"؟! قد لا تكون من إجابة على هذا السؤال ما لم يطرح السؤال الأهم: أين الدولة من كلّ ما يحصل؟! ولماذا لا تستفيق إلا في اللحظة الأخيرة؟
قد يكون ما حصل مع عدد من الطلاب الجامعيين المسجلين في جامعات متوّرطة في جرائم تزوير الشهادات، أو بعض فروعها متوّرط فيما لم تستحصل فروع أخرى لها (بريئة) على ما يعرف بـ"إذن المباشرة" من قبل الوزارة، خير دليل على أحقية تلك الأسئلة!
ألا يجب أن تكون من أبرز مهام الدولة متمثلة بوزاراتها المعنية مراقبة القطاع التربوي وملاحقة المخالفين وتوقيف أعمال الدور التعليمية المخالفة من دون تأخير، حماية للطلاب؟
وفي حال كشف مخالفة مدرسة أو جامعة ما في منتصف العام الدراسي، ألا يستحق الطلاب إجراءات استثنائية كي لا يخسروا عاماً دراسياً كاملاً وأموالاً سددها أهاليهم من عرق الجبين؟!
المصدر: لبنان 24