جهاد أزعور لـ "أولاً - الاقتصاد والأعمال":
انكماش الاقتصادات العربية يفوق التوقعات
خصّ مدير منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الدكتور جهاد أزعور موقع "أولاً – الاقتصاد والأعمال" (www.awalan.com) بمقابلة شاملة تناول فيها تأثير جائحة كورونا على اقتصادات وأسواق المنطقة، وسيناريوهات ومتطلبات انتقال الدول العربية إلى المرحلة الثانية من مواجهة الأزمة والمتمثلة في إعادة تحريك الاقتصاد.
وعن تقديره لحجم خسائر دول المنطقة الناجمة عن كورونا حتى الآن، كشف أزعور أن صندوق النقد الدولي اليوم في طور إعادة تقييم الأرقام والتوقعات لهذا العام، وخلال أسبوعين تتضح الصورة. ولفت إلى أنه "مع بداية كورونا كانت المعطيات تشير إلى تراجع النمو الاقتصادي للمنطقة بنسبة 4 في المئة كمعدل عام، أي ما يعادل حذف 425 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة. لكننا نتوقع أن يصبح هذا التراجع أكبر من ذلك".
وبالنسبة لقروض صندوق النقد الدولي للدول العربية، أعلن أزعور أن "الصندوق تلقى طلبات للحصول على دعم مالي من حوالي 10 دول عربية، وعملنا على إقرار معظمها بشكل سريع، فتم تقديم قروض لكل من مصر والمغرب وتونس والأردن وموريتانيا وجيبوتي والصومال بقيمة إجمالية تناهز 14 مليار دولار، كما يتم حالياً درس طلب لبنان للحصول على قرض سريع، وكذلك تقدم العراق باستفسار لكنه لم يطلب قرضاً حتى الآن". متوقعاً أن يزيد تمويل الصندوق لدول المنطقة خلال العام 2020 بنسبة 75 في المئة عن العام الماضي.
وأوضح أزعور أن "منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتزامن مع كورونا، عانت من صدمة موازية تمثلت في انخفاض أسعار النفط، مما سيؤدي إلى تراجع صادرات دول المنطقة المنتجة للنفط بقيمة 250 مليار دولار هذا العام. كما أثر على الدول المستوردة لناحية انخفاض التدفقات الرأسمالية والاستثمارية وخروج الأموال من أسواقها المالية، والأهم من ذلك تراجع تحويلات العاملين في الخارج"
ورأى أزعور أن "دول المنطقة أصبحت على مشارف نهاية المرحلة الأولى وبداية المرحلة الثانية من التعامل مع تداعيات فيروس كورونا. حيث تركزت الأولى على مواجهة الجائحة، بينما تقوم المرحلة الثانية الانتقالية على إعادة تحريك الاقتصاد والتكيف مع حقبة مختلفة عما كان عليه الاقتصاد العالمي والإقليمي قبل كورونا".
واعتبر أزعور أنه "على الحكومات العربية القيام بكافة الخطوات اللازمة لتحريك عجلة الاقتصاد وتحسين الإنتاجية وتنشيط الاستثمار. ومن أبرز الإجراءات الضرورية لتحقيق هذه الأهداف تسهيل حركة القطاع الخاص، المحرك الأول للاقتصاد، ودعم القطاعات الأكثر تأثراً بالأزمة كالسياحة والطيران والزراعة، وضرورة الاستثمار في التكنولوجيا للتحول إلى قطاع منتج ومولد للوظائف، إلى جانب تفعيل منظومة التعاون الإقليمي بما يخلق أسواقاً أكبر".
وأكد أزعور على أن "الحفاظ على الاستقرار المالي هو خط الدفاع الأول لدى الدول العربية، خصوصاً وأن عدد بلدان المنطقة ذات مستوى الدَين المرتفع زاد بشكل ملحوظ في الأعوام الأخيرة، لاسيما الدول المستوردة للنفط التي يعاني ثلثيها من مستوى دَين يفوق نسبة 80 في المئة من ناتجها المحلي". مشدداً على ضرورة تجنب دول المنطقة للخيارين المتمثلين بالحصول على قروض بفوائد مرتفعة أو تمويل الحكومة على حساب القطاع الاقتصادي".
وكشف أن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى أنه "مع تراجع النمو وتأثير ذلك على الإيرادات الحكومية، فإن حجم الدَين في معظم الدول العربية سيرتفع حكماً".
وأوضح أزعور أن "معظم الأسواق المالية العربية شهدت موجة نزوح أموال بسبب كورونا، لكن هذه الموجة انحسرت".
أما بالنسبة للاستثمارات الخارجية المباشرة، فرأى أنه "ستكون هناك صعوبة في استقطابها خلال المرحلة القريبة المقبلة، وهناك ضرورة لقيام الحكومات العربية بخطوات نوعية ومبتكرة وغير مسبوقة لتحفيز هذه الاستثمارات وجذبها".