التبويبات الأساسية

كتب عبد الكافي الصمد في "سفير الشمال": منذ تكليفه تأليف الحكومة في 19 كانون الأول الماضي، عكفت مصادر رئيس الحكومة المكلف حسان دياب على إشاعة أجواء إيجابية عن قرب تأليف حكومته، من أيام قليلة إلى ساعات مثلها، إلا أن قرابة شهر مرّ على التكليف والتأليف وما يزال في المربع الأول.

يوم أمس بلغت الأجواء الإيجابية عن قرب ولادة الحكومة درجة أن التوقعات ذهبت إلى حد أن الرئيس المكلف وبعد أن يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري، سوف يتوجه بعد ذلك إلى القصر الجمهوري في بعبدا، حاملاً معه تشكيلته التي سيقدمها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، على أن يتم إعلان الحكومة بين مساء أمس أو اليوم الجمعة على أبعد تقدير.

غير أن هذه الأجواء الإيجابية سرعان ما تبخرت دفعة واحدة، بعدما تبين أن الشياطين الكامنة في التفاصيل قد خرجت دفعة واحدة لتعرقل تأليف الحكومة، وتؤخر ولادتها وقتاً ليس معروفاً على وجه الدقة، في ضوء التجاذبات الحاصلة بين المكونات السياسية الداعمة للحكومة.

أبرز هذه التجاذبات والعقد تتمثل في النقاط التالية:

أولاً: ما إن تسرّبت أسماء التشكيلة الحكومية المتداولة، حتى خرج تيار المردة ليشير إلى أنه لن يشارك في “حكومة جبران باسيل”، كما قالت مصادره، بعدما تبين أن الحصّة المسيحية في الحكومة، وهي 9 وزراء، قد حصل التيار البرتقالي على حصة الأسد منها وهي 8، وهو ما رفضه تيار المردة الذي تمسك بحصوله على حقيبتين، لأن "الفوتة بالحكومة ليست نزهة، ونفضّل الدخول إليها بكرامة"، كما قالت مصادره.

ثانياً: خرج الرئيس المكلف بعد لقائه برّي من غير أن يدلي بأي تصريح، ولا توجه إلى قصر بعبدا كما أشيع كي يقدّم تشكيلة حكومته إلى عون، ولا تسلم أيضاً أسماء وزراء الثنائي الشيعي في حكومته، برغم أن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، الذي كان حاضراً لقاء بري ـ دياب، قال “إننا أصبحنا على عتبة تأليف حكومة جديدة”، ليتبين أن الدخان الأبيض الذي كان منتظراً خروجه بعد لقاء الرجلين لم يخرج.

ثالثاً: إلى عقدة تيار المردة برزت عقدة اللقاء التشاوري، الذي يبدو دياب مصرّاً على تجاهله في مسألة تأليف الحكومة، برغم أن اللقاء هو الذي أمّن له الغطاء السنّي خلال إستشارات التكليف، ما دفع بعض أركانه إلى التلويح بحجب الثقة عن الحكومة إذا استمر التعاطي معه على هذا النحو من قبل الرئيس المكلف.

رابعاً: العقدة الدرزية لا تبدو أقل تعقيداً من العقد السابقة، ذلك أن اقتصار حصة الدروز على حقيبة واحدة كون الحكومة من 18 وزيراً فقط، جعل الكباش حول هذه الحصة كبيراً، وحول نوعيتها أيضاً، في ضوء إصرار المكون الدرزي الداعم لدياب الحصول على حقيبة وازنة، وإلا فإنه يفضل عدم المشاركة في الحكومة.

خامساً: برغم الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة التي تهدد لبنان، فإن الطبقة السياسية ما تزال تتعاطى معها بخفة غريبة. فوكالات التصنيف المالية أبلغت المعنيين إستياءها من "خفّة تعامل القوى السياسية مع الوضع الحالي"، مؤكدة أن البلاد "باتت في حكم المفلسة"، يضاف إلى ذلك ما قاله، أول من أمس، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش بأن "السياسيين في لبنان يقفون في موقف المتفرج بينما ينهار الإقتصاد"، مُنتقداً بشدّة ″النخبة السياسية التي فشلت في تشكيل حكومة، في بلد ينزلق أكثر نحو أزمة إقتصادية ومالية"، ولافتاً إلى أن "السياسيين يجب أن يلوموا أنفسهم على هذه الفوضى الخطرة"

المصدر: سفير الشمال

صورة editor14

editor14