فيما تسعى الولايات المتحدة الاميركية لتأكيد نفسها امبراطورية القرن الواحد والعشرين ، برزت مجموعة البريكس تجمعاً لقوى قارية دول اصول رافضة للترتيبات الدولية والاقليمية في اطار النظام الرأسمالي ، ثم رفض الصين وهي أهم دولة اصول في العالم للنظام العالمي الحالي الراسمالي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية ، وتتوثب للوراثة الاستراتيجية ، عمدت الولايات المتحدة الاميركية الى تأكيد حضورها عبر الوكلاء الاقليميين فجاءت حرب تموز 2006 في لبنان لتقضي على اهم وكيل اقليمي اي اسرائيل لجهة الدور الحامي والحارس لغنيمة اميركا ف المنطقة اي نفط العرب ثم اتت الحرب السورية التي استنفذت الوكلاء الثانويين للولايات المتحدة اي تركيا والسعودية وخلقت تناقضا بين تركيا والولايات المتحدة الاميركية ، وتبدى ان الاوراق الدولة عادت للإختلاط في ظل بدء تفكك الاتحاد الاوروبي بخروج بريطانيا والذي سيتلوه سلسلة تقلصات في جغرافيا الاتحاد الاوروبي ، وكان هذا خسارة للغرب ثم الانقلاب في البرازيل والقلاقل في فنزولا وحدوث فوارق استراتيجية ملحوظة بين ايران الصين من جهة وروسيا تركيا من جهة اخرى بالشكل الذي اكمل تفكك البريكس واقعيا فيما الهند تنتظر وتعد المحيط الهندي ليكون بحرها الخاص في ظل توجس باكستاني
وبالتالي بدا العالم امام اربع قوى رئيسية الولايات المتحدة الاميركية وروسيا والصين والهند الاولى دولة مسارات والثلاث دول اصول ، وتظهر ارهاصات متفرقة اسلامية تطالب بعدالة دور يتوافق مع جغرافيا وديمغرافيا وجودها مع توقع تصاعد ذلك في النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين اذا استمر تضاعف ديمغرافيا الاسلام في قارة اوروبا وروسيا ، ويبدو واضحا ان الصين بالتحديد تزاحم الولايات المتحدة الاميركية على كعكة سوق الاستهلاك السلعي الدولي كما ان روسيا تقاسمها سوق السلاح وقوته وسوق الطاقة الذي لا يزال العالم الاسلامي اذا اجتمع له دور مقرر فيه ، والاخطر هو احتمال ظهور امبراطوري اسلامي يقوم على عالمية الانتشار في عروق الديمغرافيا الدولية بدل عولمة المصالح وبطريقة غير عادلة لمصلحة الولايات المتحدة الاميركية .
ان جميع هذه الارهاصات الدولية اتت بدونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الاميركية الذي حدد اولوياته بالصين والاسلام مع قبوله بالتحاصص مع الروس في الشرق الاوسط بشروط السيد الاميركي وانتظار هندي للدور وبذلك قد نشهد سياسة اميركية تنصب على :
ضرب الاسلام قبل ان تدب فيه الحياة ويتعرف على هويته ويرس دوره الدولي
احتواء روسيا ووراثة ما بقي من قوة اوروبية
محاصرة الصين اقتصاديا وعسكريا
اعادة السيطرة على اميركا الجنوبية
استعمال الهند في الصراع الاوراسي وباقي الدول الحليفة
روسيا في المقابل تسعى لما يشبه برمودا جديد ( نسبة الى مؤتمر برمودا 1957 ) اي بوراثة جزئية للولايات المتحدة الاميركية كما فعلت الاخيرة مع بريطانيا بالمؤتمر المذكور بدعوى ان حروب افغانستان والعراق اجهضت قدرة الولايات المتحدة علة تحمل أكلاف السيطرة الكاملة على اقاليم وسط اسي واوروبا والشرق الاوسط ، وفي الهدف الابعد تسعى موسكو لشراكة مع الاسلام قبل ان يصبح الاسلام بالديمغرافيا شريكا في الوطن الروسي إما يقسمه او يحكمه .
الهند تنتظر دورها وتخشى من ضربة باكستانية تقضي على الطرفين فيزيحها عن الشمهد الدولي .
الاتحاد الاوروبي يحاول الجري عكس التاريخ بتمديد وحدته قدر المستطاع ، وفي ظني ان قسماً منه سيصبح خاضعا للألمان والباقي سينفصل ويلتحق بالحماية الاميركية والروسية مع احتمال مطالب عثمانية جديدة نحو جنوب شرق اوروبا .
الصين تحاول محاصرة الولايات المتحدة بعولمة السلع وفق مبدا السلع الاجود لا السلع المصنعة من الدول الاقوى وهذه استراتيجية حصار الحصار .
الاسلام المتفرق مؤقتا في ظل تراكم القوة لدى بعض دوله كباكستان واندونيسيا وتركيا وايران والجزائر ومصر في الامد المنظور مع حصول مفاجآت اخرى اسلامية واستمرار التمدد الديمغرافي للاسلام في روسيا واوروبا واحتوائه ثلثي غاز العالم واكثر من نصف بتروله
ان امبراطورية عولمة سوق السلع الاميركي تواجه اخطار وجودية :
ان تحاصر بعولمة سوق السلع بقيادة الصين
ان ينكسر احتكارها لسوق الطاقة الدولي من قبل روسيا او تجمع اسلامي مفاجيء
ان يسقط احتكارها لمسارات النقد الدولي والاعلام
ان تتأكل الفجوة التقنية بينها وباقي مراكز القوى الدولي ولا يشيح عن النظر مواطن الخلل الاميركي في :
الدين العام الاميركي الذي بدل ان يتقلص زاد من خمسة تريليون في التسعينات الى 17 تريليون الان وقد كان في الامكان تقليصه في لحظة انفراد اميركا في حكم العالم اثر انهيار الاتحاد السوفياتي بدل المغلمرات في العالم الاسلامي التي ضاعفت فقر المواطن الاميركي وفاقمت ثروة اوليغارشية الشركات العابرة للقارات من الجنسية الاميركية
سقوط الولايات المتحدة عن صدارة التعليم لمصلحة دول اخرى وبالفعل باتت الولايات المتحدة خارج العشر الاول في مجال التعليم الاساسي والثانوي
تراجع الاعلام الاميركي الى اعلان خيالي تدحضه واقعة عدم مصداقية السياسة الاميركية لاميركا وقد بات معلوما كل الاعيب الخداع لقرصان القراصنة مورغن من قبل حلفاء الولايات المتحدة قبل اعدائها وسقطت في محظور المقولة التي تقول تستطيع ان تكذب على الكل لفترة وعلى البعض دائما لكنك لا تستطيع الكذب على الكل دائما .
ويضاف الى نقاط الضعف الذاتي نقاط مخاطر منها:
ان ما حسبته الولايات المتحدة الاميركية من توقف المد الاسلامي الايراني بدا وهما في حرب تموز 2006 وسرابا مع تحولات مشهد الحرب على سوريا والعراق واليمن .
ان بذرة الانهيار السوفياتي انبتت قوة روسية ضاربة متحللة من اعباء الاقاليم المنفصلة عنها والتي باتت دولا لا تريد معاداة روسيا وان ارادت لا تستطيع ذلك
ان صناعة الجهاد التي اسقطت الاتحاد السوفياتي في افغانستان باتت اداة إشغال للولايات المتحدة في الشرق الاوسط عن ساحة الشرق الصيني وضرورات محاصرة الصين ، واستمرار تناميها سيصييب اوروبا ويطلق العنان لمطالب الخلافة الاسلامية من جديد على صعيد المنظمات او الدول وهذه تركيا اول الحالمين .
ان افلاس امبراطورية السوق الاميركية يغري باقتسام ممتلكاتها
واذا احتسبنا تبدلا في مصادر الطاقة وشكلها وتخلي ديمغرافيا اسيا عن الدور الحاكم للدولار الاميركي ، نكون امام اسيا واحدة في قمة الهرم للنظام الراسمالي مؤقتا الىحين بداية عصر اسلامي جديد يحمل افكار ونظريات براقة للعالم الفقير ويغري بإتفاق ديمغرافيا الفقراء مع الاسلام السياسي شبيه بما عقده النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع الاوس والخزرج ضد السيد المحلي وقتها .
ان شكل المستقبل يبدو ضبابيا الان في انتظار كيف ستتصرف قواه الامبراطورية الحاضرة والكامنة التي هي في طور الظهور بعد انهيار التوجيه الرئاسي الذي صاغه ريتشارد بيرل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي .
اخوكم المواطن اللبناني السفير المحامي د. جهاد نبيل ذبيان