التبويبات الأساسية

لم يكن السؤال عن طبيعة مساكن البشر على سطح المريخ مجرد خيال، بل كان دائما مطروحا على طاولة النقاش البحثي منذ اللحظة الأولى التي قرر العلماء فيها إرسال الروبوتات إلى هناك، وتطور ذلك لتعلن إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) عن مسابقة معمارية لتصميم منازل المريخ.

منازل المريخ
قبل أشهر عدة فازت شركة أميركية طموحة تدعى "إي آي سبيس فاكتوري" بتلك المسابقة، وحصلت على خمسمئة ألف دولار كجائزة، واستخدم مهندسو الشركة طابعات ضخمة ثلاثية الأبعاد لبناء منازل أسطوانية كبيرة مصنوعة من البازلت المركب والألياف النباتية سميت "مارشا" نسبة إلى المريخ.

وللوهلة الأولى يبدو الأمر بسيطا، لكن المريخ ذو طبيعة مختلفة تماما عن الأرض، فتقريبا لا يوجد أكسجين، مع ضغط جوي منخفض جدا وبرودة قاسية، إلى جانب ذلك فإن نسب الإشعاع أكبر من تلك التي تتعرض لها الأرض بآلاف المرات، مما قد يتسبب بالسرطان أو الوفاة المبكرة لساكنيه.

في تلك النقطة تظهر التحديات، ولذلك كانت كل الاقتراحات السابقة تقول إنه يجب على منازل المريخ أن تكون تحت الأرض لكي تتحقق الحماية من كل ذلك، لكن مهندسي "مارشا" أشاروا إلى أن الجانب النفسي لساكني المريخ أساسي لحياة مستمرة ودائمة، والحياة تحت الأرض لا تدعم ذلك.
لذلك ظهر البازلت كمكون للمنازل المريخية في مقترح الشركة، فجدار مزدوج منه قادر على الحماية من الإشعاع، لكن هناك أهمية إضافية للبازلت وهو أنه متوفر بكثرة على سطح المريخ بسبب البراكين التي اندلعت قبل مليارات السنين، أما الألياف النباتية فيمكن الحصول عليها من نباتات يتم إنماؤها على المريخ.

ويعني ذلك -بحسب مهندسي مارشا- أن كل ما يتطلبه الأمر هو أن ترسل الطابعات ثلاثية الأبعاد الضخمة إلى المريخ وتصمم آلية مستدامة للوصول إلى البازلت وإنماء النباتات، ثم بناء عدد ضخم من المنازل هناك دون الحاجة لنقلها إلى المريخ من الأرض، إنها مدن البشر الأولى التي قد تتجهز لاستقبالهم يوما ما.

هندسة معمارية في كوكب آخر
فكرة أن يكون المنزل أسطوانيا أقرب إلى شكل البيضة أثارت انتباه باحثي ناسا منذ اللحظة الأولى، فالمنزل بهذا الهيكل يكون فعالا للغاية في الحفاظ على الضغط وبالتالي إعطاء مناخ داخلي شبيه بالأرض، كما أنها تقدم أكبر قدر من الإمكانات ضمن أقل مساحة، مما يقلل كمية مواد البناء.

من جهة أخرى، فإن الشركة كانت قد عملت على إضافة نوافذ زجاجية متعددة للهيكل المنزلي، والذي يرتفع لثلاثة أدوار كاملة تتيح الكثير من المهام المنزلية العادية بفاعلية شديدة.

نجحت الطابعات ثلاثية البعد الخاصة في شركة "إي آي سبيس فاكتوري" -من دون تدخل بشري- في بناء نماذج مصغرة من تلك المنازل، كانت النماذج صلبة تتحمل الضغط، ومنغلقة تماما لا تمرر أي قدر من الهواء، مما دفع ناسا للإقدام على الخطوة التالية وهي البدء في تنفيذ الفكرة على مقاييس أكبر.

أما الشركة نفسها فقد روجت للمنزل هنا على الأرض، وبنت نسخة كبيرة منه في منطقة الغابات المجاورة لنيويورك، لكي يتمكن الناس من تجريب الفكرة.

ربما تكون "مارشا" يوما ما هي بالفعل المنازل المريخية المستقبلية، لكن الكثير من التحديات ما زالت تقف في مواجهة البشرية قبل إنزال الإنسان الأول هناك، وإلى حين الوصول إلى تلك اللحظة فإن آلاف المهندسين في شركات متعددة حول العالم يعملون على تطوير أفكار جديدة ليصبح المريخ من خلالها يو

صورة editor2

editor2