التبويبات الأساسية

بغضّ النّظر عن المرحّبين، والمنتظرين والمترقّبين والفاترين... في التعليق على تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، إلا أن الكلّ يُدرك بالفعل أن المجتمع الدّولي ليس مغشوشاً بأن حكومة حسان دياب هي حكومة مستقلّين.

ولكن المهمّ أيضاً، هو أن لا تقوم أي جهة في لبنان بالتعويل الزّائد عن حدوده، على أي موقف أميركي أو دولي، سواء أتى معبّراً عن الترحيب بتشكيل الحكومة، أو حذِراً منها وراسماً بعض الخطوط الضرورية للتعاطي معها. ومن هذا المنطلق، فإن لا مواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولا موقف "الإتحاد الأوروبي" أو أمين عام "الأمم المتحدة" أنطونيو غوتيريش، ولا حتى مواقف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، يُمكنها أن تُلغي أمر واقع أن لبنان بات بحاجة الى مساعدة عاجلة.

أزمة مالية رهيبة!

في أي حال، ورغم حديث بومبيو عن "أزمة مالية رهيبة مطروحة أمام لبنان خلال الأسابيع القادمة"، وعن عدم تقديم واشنطن مساعدات إلا لحكومة غير فاسدة تلتزم بالإصلاح، وتعكس إرادة اللبنانيين، فإن لا أحد يجب أن يغشّ نفسه أيضاً بأن الولايات المتحدة الأميركية لن تقدّم بدورها فرصة لحكومة دياب، أو ستقطع علاقتها معها، حتى ولو كانت تشتمّ فيها رائحة "حزب الله" تفوح في شكل كبير.

فكيف يُمكن الإستفادة من الفُرَص الممنوحة دولياً لحكومة دياب، من الناحيتَيْن المالية والإقتصادية تحديداً؟ وهل من الطبيعي والمنطقي ما يتمّ تداوله عن أننا أمام نهج مالي واقتصادي جديد، يُزيل القديم؟ وهل من الممكن لحكومة حسان دياب أن تقوم بتلك المهام، قبل أن تنتهي من المطبات السياسية الداخلية والخارجية المرتبطة بالإنفتاح الإقتصادي على سوريا، والتجارة عبر معابرها، وبملفات النّفط والغاز وترسيم الحدود، وبضبط سعر الصّرف؟...

الصّورة ضبابية تماماً، ولا سيّما أن كل وزراء الحكومة الجديدة يتجنّبون تأكيد أو نفي أي شيء، ويبدون خائفين من إطلاق مواقف تطمينيّة، قد لا ينجحون في تحقيقها، وتتحوّل الى مادّة لمحاسبتهم مستقبلاً!!!...

أمن غذائي!

شرح الخبير الإقتصادي الدكتور وليد أبو سليمان أن "الإرباك واضح على الجميع وهذا صحيح، انطلاقاً من أنه يتوجّب عليهم أولاً أن يحدّدوا الأولويات لإدارة أزمتنا التي هي ثلاثية الأبعاد، إقتصادية - نقدية - مالية. إقتصادية لأن كلّ المؤشرات الإقتصادية سلبية. نقدية بما يتعلّق بسعر الصرف، ومالية بسبب العجز في الموازنة".

وأكد في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن المشكلة تتمحور أيضاً حول أن تغيير الفلسفة الإقتصادية والسياسة المتّبعة منذ عقود، ستستغرق وقتاً، ولن تكون سريعة. فالإنتقال من الإقتصاد الريعي الى المنتج لا يحصل بكبسة زرّ".

وحدّد الأولويات "بالأمن الغذائي والصحي، وتأمين المحروقات، قبل أي شيء آخر. ومن ثم نذهب الى إعادة هيكَلَة الدَّيْن. بالإضافة الى استحقاقات عام 2020، بـ "اليوروبوندز"، سواء كان استحقاق آذار ونيسان وحزيران، التي تتخطى مع فوائدها الـ 4 مليار دولار. وإعادة النّظر بسعر الصرف".

اعتراف ضمني؟

وحول إمكانية أن نكون أمام سوق موازية ثالثة، بسبب عدم القدرة على تثبيت سعر الصّرف، أجاب أبو سليمان:"بالطبع. ففي البيان الذي صدر عن "جمعية الصرافين"، تمّ تحديد سعر الشراء دون سعر البيع. وهذا الواقع سيدفع نحو سوق موازية ثالثة".

وتعليقاً على انعكاسات ومعاني كلام بومبيو إقتصادياً على لبنان، رأى وجود "شبه اعتراف دولي ضمني بالحكومة الجديدة، بشروط إصلاحية".

وأضاف:"الإصلاحات تقع في خانة الداخل اللبناني، وهي مفيدة للبنان في النهاية، ولا سيما على مستوى وقف الهدر والفساد".

وختم:"الإنقسام السياسي والمالي حول الملف اللبناني واضح بين المحور الروسي الذي تبعه المحور الفرنسي، من جهة، والمحور الأميركي، من جهة أخرى. ولكن لنأخذ الأمور بإيجابية، ونحقّق الإصلاحات التي هي في مصلحة لبنان".

وكالة اخبار اليوم

صورة editor14

editor14