كتبت صحيفة "الجمهورية" تحت عنوان "عندما يستخدم سلامة الـ"Forward guidance": "إشارات جديدة تتناول خطورة الوضع المالي والاقتصادي ظهرت في الأيام الأخيرة، من ضمنها كلام حاكم مصرف لبنان في مؤتمر بكركي الاقتصادي، وكلام نائب رئيس البنك الدولي في الشرق الاوسط بعد زيارة بيروت، والهمس الذي بات مسموعاً أكثر فأكثر في الكواليس.
لم يكن كلام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تقليدياً في مؤتمر بكركي، بل اعتمد اسلوباً جديداً يقارب النهج الذي باتت تعتمده المصارف المركزية في العالم والمعروف باسم (Forward guidance)، وهو نهج قائم على نظرية إعطاء الجمهور علماً مسبقاً بخطط البنك المركزي، في ما يخصّ أسعار الفائدة، والتقديرات المتعلّقة بسعر النقد، مع نظرة تقييمية لتطورات الوضع الاقتصادي كما يتوقعها المركزي، استناداً الى المعطيات والمعلومات المتوفرة لديه.
ويهدف هذا النهج الذي بدأ اعتماده البنك المركزي الاوروبي (ECB) منذ تموز العام 2013، واستبدله بالنهج القديم الذي كان يستند الى عنصر المفاجأة والكتمان، الى ضمان حد أدنى من الاستقرار في السوق، والى تحفيز الاقتصاد من خلال منح المستثمرين فرصة بناء حساباتهم واتخاذ قراراتهم بثقة ووضوح. ورغم انّ هذه السياسة تُعتبر جديدة وتحتاج الى وقت إضافي للتقييم، الّا انّها أثبتت، حتى الآن على الأقل، أنّها ناجعة.
في عودة الى مواقف سلامة في بكركي، يمكن أن نلاحظ انّه حرص على رسم خارطة طريق واضحة لنيّات المركزي في ما خصّ الفوائد وسعر النقد، بالإضافة الى تقييم المسار الذي يسلكه الاقتصاد، استناداً الى خطورة ودقّة وضع المالية العامة للدولة".
وتابعت: "ما لم يقله سلامة في العلن، يتردّد انّه أبلغه الى من يعنيهم الامر في الغرف المغلقة: لا علاقة لمصرف لبنان بمعالجة ملف الدين العام المتراكم، والناتج من العجز المفرط في الموازنة.
الموازنات تضعها الحكومة، ويقرّها المجلس النيابي، ولا يتدخّل فيها مصرف لبنان. ومن غير الطبيعي او المنطقي، محاولات تحميل المركزي تبعات هذا الملف، المسؤولة عنه المنظومة السياسية برمّتها.
في العام 2018، أخذ المركزي مبادرة تحمّل جزء من النكبة من خلال عملية السواب التي أجراها مع وزارة المال، وأمّن لها قروضاً بفائدة 1%.
هذه المبادرة لن تتكرّر، وإذا قرّرت الدولة المضي في طريق تضخيم العجز والدين العام في الـ2019، عليها ان تقترض من السوق، وبأسعار الفوائد الموجودة في السوق. هذا القرار لا يبغي معاقبة الدولة، بل يندرج في سياق تمسّك مصرف لبنان بقدراته ليحافظ على الأقل على سعر الليرة، ويمنح المنظومة السياسية فرصة تغيير المسار لتحاشي الانهيار.
هل الانهيار الذي يجري الحديث عنه وشيك؟".
"الجمهورية"