حاضر سفير الجمهورية العربية السورية الدكتور علي عبد الكريم علي في مركز باحث للدراسات الفلسطينية وبدعوة منه، عن "الأزمة السورية ومناطق تخفيض التوتر - الدوافع والتحديات"، وحضرها النائب الوليد سكرية، معن بشور، أريج إلهي ممثلا السفير الايراني في لبنان، وممثلون عن فصائل فلسطينية، ونخبة من الاكاديميين والمحللين السياسيين والاعلاميين.
كلمة تقديم من الزميل حسن شقير باسم رئيس مركز باحث الدكتور يوسف نصرالله، ثم تحدث السفير علي فأشار الى "الحرب الكونية التي تشن على سوريا، وتحت عنوان المحاضرة يمكنني القول ان مناطق خفض التوتر يعتبر إختراقا إيجابيا، وأنه تم بالتنسيق بين سوريا والادارة الروسية وطهران والمقاومة".
ورأى أن "مناطق خفض التوتر تسمح لسوريا أن تنزع أنياب الجماعات المسلحة، والبلدان الداعمة لها"، مشيرا الى أن "تركيا هي إحدى هذه الدول الضامنة للاتفاق حول مناطق خفض التوتر كانت وما تزال تستثمر في الارهاب تمويلا وتسليحا، وأنها تناور، ومن هنا كانت موافقتها على هذه المناطق، بعد أن كانت تسعى لإقامة مناطق حظر طيران لكنها لم تصل الى نتائج، إذ لم يكن في حينها توافق أميركي - تركي"، ملمحا الى "عدم وجود إطمئنان حول الدور التركي".
ولفت إلى أن "تركيا بالنسبة لنا هي خارج دائرة الثقة والاطمئنان والاطمئنان الوحيد لنا هو أن تكون تركيا في حال ضعف وفقدان الامكانية والقدرة على التمرد والصدام مع أحد"، لافتا الى ان "روسيا استفادت من حاجة تركيا إليها فعملت على ضمها الى إتفاق مناطق خفض التوتر".
وأكد أن "مناطق خفض التوتر متفق عليها مع الدولة السورية، ولنا مصلحة في هذه المناطق لأن المحاصرين فيها هم الجماعات التي لا تريد وقف الحرب".
أضاف: "لا يقينية واضحة حول هذه الاتفاقات، ولكنها شيء من التجريبية والاختبار، وإن كانت إمكانات النجاح اكبر، مع انه لا يرضي ما نطمح إليه، لكنه ضمان لاغلاق النوافذ على هذه الجماعات الارهابية".
وأشار الى "التصادم الحاصل بينها كما في الغوطة الشرقية للعاصمة وهذا أمر إيجابي ويفتح الباب أمام المصالحات كما يحصل في اكثر من منطقة وهو مرشح للزيادة، خاصة وأنه يسقط الرهانات عند هذه المجموعات"، لافتا إلى أن "مناطق خفض التوتر مرشحة للنجاح، وإن كان علينا التحسب لأن هذه المجاميع المسلحة يقف خلفها مكابرون".
وتطرق الى قمة الرياض و"الخطاب التصعيدي الذي قاله كل من الملك السعودي والرئيس الأميركي والذي يمكن أن يؤجج لدى البعض فكرة العودة الى مخططاته"، مستبعدا أن "يكون لهذه الخطب تأثيرات كبيرة، كما أنه استبعد قيام اسرائيل بشن عدوان"، مؤكدا أن "صمود سوريا الدولة والجيش وكل مؤسساتها ودعم الحلفاء لها وما حدث من مصالحات في أكثر من منطقة في سوريا، فإن كل ذلك يسمح بأن نتفاءل بأن المستقبل يحمل نجاحات من بينها حصار هذه المجموعات المسلحة، وحصار الدول الداعمة لها".
وتابع: "ما نملكه من أوراق، ومن قوى على الارض يسمح لنا بالتفاؤل أكثر وسوريا ستخرج من نزيفها".
وعن العنصرية التي تمارس على السوريين من النازحين أو المقيمين والتنسيق بهذا الشأن مع الحكومة اللبنانية لمنع تحميل سوريا كل هذه التبعات، قال: "ان الدولة اللبنانية دولة شقيقة وننسق معها بالحد الأدنى، وأن الجواب على هذا السؤال موجود عند الحكومة اللبنانية، لأن عدونا واحد وهو اسرائيل والارهاب. أما المقاومة فهي شريك في التصدي لهذا الارهاب، كما أنها تدافع عن لبنان وعن الاصوات التي هي ضد المقاومة".
وكرر تأكيده وجود تنسيق مع الدولة اللبنانية وانه "حتى في حال وجود أخطاء من السوريين فإننا ندعو الى التنسيق اكثر بين مؤسسات البلدين، لأن في ذلك مصلحة البلدين والشعبين والعائلات الواحدة المنتشرة على الحدود المشتركة".
وعن العلاقات مع العراق أكد أن "زيارة مستشار الرئيس العراقي فالح الفياض لدمشق كانت جيدة، وهناك تنسيق مرشح أن يكون أكثر"، متمنيا على الاخوة في العراق "تفعيل عمل اللجنة الرباعية العراقية - السورية - الروسية - الايرانية، ولأن العراق بلد عزيز جدا وهام"، مشيرا الى أن "الامور لا تدعو الى التشاؤم لأنه ورغم الضربات الاميركية حصل تحرير لبعض المواقع والخطوات مستمرة وتعطي نتائج عملية".
وذكر أنه "عندما تواجه سوريا كل مجاميع الارهاب وهذه الحرب الكونية، فإن هذه المواجهات هي مواجهة ضد العدو الاسرائيلي أيضا، وضد من تدعمهم اسرائيل باستقبالها جرحاهم من جيش حر او ما يسمونه قوى ديموقراطية".
وقال: "نحن لم ولن نسقط من حسابنا تحرير الارض المحتلة، ولكن نحن نعلم أن امكاناتنا قليلة، وأن سوريا قوية ومرشحة لزيادة قوتها، وفي مواجهتها للعدو الاسرائيلي بوجهيه المباشر وغير المباشر".
كما شدد على "حزم سوريا في التصدي لهذه الحرب الكونية عليها بدءا من مقام الرئيس بشار الأسد، ومؤسسات الدولة. أما بالنسبة الى مواقف الرئيس ترامب فإننا نلاحظ التخبط في السياسة الاميركية"، متمنيا "لو أن مقدرات الامة العربية تم وضعها في خدمة هذه الأمة لا في خدمة اميركا كما حصل بالأمس".
ورأى أن "الرد على اميركا هو من خلال ما جسدته سوريا وحلفائها، أما الذين راهنوا على إسقاط سوريا ببضعة أشهر عادوا عن رهاناتهم، وإن كنا لا نقلل من قوة عدونا ومن قوة اميركا، ولكن أيضا علينا ألا نقلل من امكاناتنا ولا من عزيمة شعبنا، ولا من صمودنا، فالرئيس الأسد قرأ منذ اليوم الأول للأزمة أن العدو سيحاول الاستثمار في كل المجالات، لكن نحن صامدون ولن نفرط بسيادة أو تراب سوريا. فرغم كل الحرب النفسية وتغيير الحقائق في الاعلام فإن سوريا بقيت صامدة في نسيجها الوطني. إن صمود وثبات سوريا ووحدة النسيج السوري كان في مصلحة دول الجوار"، لافتا الى "ممارسات عنصرية الطابع بحق النازحين"، معترفا ب "أعباء النزوح على لبنان، لكنه تساءل عن عدم مبادرة الحكومة اللبنانية الى إيجاد مخارج".
وأعلن عن "رغبة السوريين بالعودة الى بلدهم لأن لا أمان لهم خارجه"، مؤكدا تفاؤله بأن "الازمة الى تراجع وأن الانفراج الى المزيد وأن المصالحات الى اتساع".
وجدد رفضه الاحتلال التركي، كاشفا عن أن "تركيا ليست مرشحة لزيادة قواتها أو في فرض هيمنتها، بل أنني أرى أن العكس هو الصحيح".
وأكد أن "سوريا على تواصل مع الحليف الروسي، وهناك خط مفتوح ومستمر في التنسيق بين الرئيسين الأسد وبوتين، وبين القيادات العسكرية والأمنية في البلدين، وصحيح أنه ليس من أهداف روسيا أن تخوض حربا لتحرير فلسطين، ولكن مصلحة روسيا أن تحافظ على وحدة سوريا"، رافضا "أي تشكيك في العلاقة السورية - الروسية، والتي لا نرى لها أثرا إلا في بعض وسائل الاعلام، ولأن حقائق هذه العلاقة مرشحة للاستثمار أكثر على أرض الواقع".
وعن سعي البعض لإقامة حزام أمني في جنوب سوريا يخدم اسرائيل، قال: "أؤكد لكم أن البنية الوطنية في سوريا متماسكة، وأن لا القنيطرة ولا درعا ولا جبل العرب وبخاصة جبل العرب الذي هو قلعة وطنية وعربية لا يمكن أن يكون هؤلاء جزءا من حزام أمني من محور التحالف الساعي لإقامة حزام أمني لاسرائيل".
وختم محاضرته بتوجيه التحية ل "المقاومة في لبنان عشية عيد التحرير"، وقال: "هذه المقاومة هي ضمانة الحرية والسيادة، وأن سوريا اليوم هي واسطة العقد لهذه المقاومة".