نظم تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاسة فؤاد زمكحل إجتماعا إستثنائيا وطارئا، على غداء، مع المدير الإقليمي للبنك الدولي للشرق الأوسط ساروج كومار جاه وفريقه الإقتصادي، في حضور أعضاء مجلس الإدارة والمجلس الإستشاري للتجمع اللبناني العالمي، ورجال وسيدات الأعمال اللبنانيين المقيمين في لبنان والشرق الأوسط والعالم.
واعتبر زمكحل في كلمة له ان "هذا "التسونامي" أي الأزمة الإقتصادية - الإجتماعية - النقدية التي نعيشها راهنا لم يشهدها لبنان قبلا، علما إن الأجواء المحيطة سيئة للغاية، كما أنه لا يوجد سيولة عند أصحاب الشركات، ولا عند الموظفين ولا عند الموردين ولا عند الزبائن، فالحلقة الإقتصادية باتت غير مكتملة وجامدة من كل النواحي، وكلها على حافة الهاوية".
وقال: "لا يوجد سيولة بالعملات الأجنبية عند أحد، وحتى لو وجدت بكميات ضئيلة، فإنه من المستحيل تصديرها من أجل تأمين أدنى الحاجات المستوردة. هذا يعني أنه في القريب العاجل، سيتعرض البلد إلى نقص حاد في كل المواد المستوردة. وسيكون هذا النقص كارثيا للقطاعات الصحية، الإستشفائية، الصناعية، التجارية، وغيرها. فإذا بات الوضع الراهن كما هو عليه لسوء الحظ، فإننا نتوقع إقفال وإفلاس شركات عدة وصرف عدد كبير من العمال والموظفين وزيادة البطالة الى ارقام تاريخية، وأزمة إجتماعية ليس لها مثيل، حيث لا يستطيع لبنان تحملها. لذا، نطلب من البنك الدولي والمجتمع الدولي ككل، التدخل الفوري والطارىء بغية منع البلاد من الإنهيار التام والإتجاه نحو المجهول".
وشدد زمكحل على "اننا بحاجة اليوم إلى خطة إنقاذية إستثنائية وحالة طوارىء دولية، لإنقاذ إقتصادنا وبلادنا"، واقترح على البنك الدولي الآتي:
- بناء آلية ولجنة توجيهية إستراتيجية تتضمن المجتمع الدولي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبلدان المانحة، وشركات التدقيق المالي الدولية، والمجتمع المدني اللبناني وقطاع الأعمال ومندوبي السلطتين التشريعية والتنفيذية، لضخ الأموال الموعودة من البلدان المانحة، وإستثمارها في السوق المحلية في أسرع وقت ممكن، يعني في الأيام المقبلة، لأننا لا نستطيع الإنتظار.
- خلق هيكلية وصندوق دولي بمساعدة وإدارة البنك الدولي، لدعم المستوردين اللبنانيين، والسماح لهم بالتسديد لمورديهم الدوليين بالليرة اللبنانية، حيث يتحمل الصندوق، مسؤولية صرف العملات وتأمينها إلى الشركات الدولية المصدرة.
- إستبدال كل الإستحقاقات المالية على لبنان بقروض طويلة الأجل، بفوائد متدنية جدا، مشروطة بالإصلاحات المرجوة، وخصوصا بلجنة متابعة وتدقيق لصحة صرف وإستثمار الأموال الممنوحة،
- دعم البنك المركزي بسيولة كبيرة بهدف دعم المصارف التجارية من أجل مساعدة الشركات الخاصة، وإعادة حلقة الإستدانة بفوائد منخفضة ومدعومة. إن تجميد عمليات الديون التجارية والتبادل التجاري والمصرفي يضرب إقتصادنا ضربات قاضية لن يتحملها أحد،
- محاولة أن نكون أكثر إبداعا، وأن نقترح طريقة لضمان تثبيت العملة وسعر الصرف بطريقة غير مباشرة، أي أن نقوم بتقليل تكلفة إستقرارها. قد يكون الحل ألا تقترض الدولة المزيد بالعملة المحلية، ولكن حصريا بالعملة الأجنبية بدعم من البنك الدولي. نتيجة لذلك، لن يكون لدى المصارف حوافز لجمع الودائع بالليرة اللبنانية. عمليا، إن إحدى وظائف النقد أي "مستودع القيمة"، ستكون قد إختفت تقريبا. إن عواقب مثل هذا التدبير كبيرة جدا. في الواقع، سيؤدي هذا الإجراء إلى القضاء على المضاربة على الليرة اللبنانية والتي، في فترة من الثقة، تضمن للمضارب مكسبا بمئات المئات على حساب الخزينة. أما في فترات عدم الثقة، فإن هكذا إجراء سيجبر البنك المركزي على إنفاق جزء من إحتياطاته لتجنب إنهيار الليرة اللبنانية.
- نطلب بناء صندوق لدعم عمليات الدمج وإنخراط الشركات لمواجهة الأزمة، ومن بعد مرور العاصفة للنمو والتطور بطريقة مستدامة".
واضاف: "إننا أمام مخاطر مخيفة تواجهها البلاد، لكن في الوقت عينه، نحن أمام فرصة تاريخية لإنقاذ لبنان، وبناء إقتصاد حقيقي وتنفيذ إصلاحات جذرية وشفافة وحوكمة رشيدة لإعادة الثقة إلى المجتمعات الداخلية، الإقليمية والدولية".
وختم مخاطبا المدير الإقليمي للبنك الدولي للشرق الأوسط بالقول: "إننا بأمس الحاجة لضخ سيولة في السوق المحلية اليوم قبل الغد، لكن لا نريد أن نقع في الفخ ذاته، ونعيد الأخطاء عينها. نطلب مساعدتكم لمواجهة وإدارة الأزمة معنا، والتدقيق الدولي في إستثمار الأموال ورسم خطة طوارىء، وخصوصا ملاحقتها وتنفيذها مع فريق من التقنيين اللبنانيين بأدق التفاصيل لأن دولتنا عاجزة عن ذلك في الوقت الحاضر".
من جهته، قال المدير الإقليمي للبنك الدولي: "لقد إلتقينا مؤخرا فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون الذي كان شديد الحرص على عدم تدهور الظروف الإجتماعية والإقتصادية للشعب اللبناني، إلا أن لبنان الآن ليس لديه الرفاهية لإضاعة الوقت لمعالجة القضايا الملحة التي تستدعي الإهتمام الفوري، ولا سيما ضرورة معالجة الأزمة المالية والإقتصادية التي يعانيها لبنان والمواطنون اللبنانيون".
وتابع: "لقد أكدنا للرئيس عون، ونجدد التأكيد حيال ضرورة إتخاذ تدابير سريعة ومحددة لضمان الإستقرار الإقتصادي والمالي في لبنان. كما تحظى المعالجة السياسية بمقدار كبير من الإهتمام، لكن المخاطر الأشد تكمن على الصعيد الإقتصادي. ومع مرور الوقت، يصبح الموقف أكثر حدة، وهذا من شأنه أن يجعل التعافي صعبا للغاية".
وأعلن "ان البنك الدولي كان قد توقع سابقا إنكماشا معينا في العام 2019 في ظل نمو سلبي بلغ نحو (-) 0.2%. أما الآن، فنتوقع أن يكون الركود أكثر أهمية، بسبب الضغوط الإقتصادية والمالية المتزايدة. وتؤدي قيود ميزان المدفوعات إلى ظروف قاسية للشركات والعمال"، وقال: "لقد أدى إنخفاض الثقة في الإقتصاد إلى إرتفاع في "دولرة" الودائع، الذي بات يفرض أعباء هائلة على ميزانيات البنوك والمصرف المركزي".
واردف قائلا: "لقد تم تقدير عدد اللبنانيين الفقراء في العام 2018 بنحو الثلث، فيما كانت نسبة الفقراء تبلغ 27.4% في 2011-2012. والآتي يمكن أن يكون أسوأ إن لم تتم المعالجة فورا أو على نحو سريع"، مشيرا الى "ان التجارب الدولية تظهر لنا أن الطبقتين الفقيرة والوسطى ستكونان الأكثر تضررا قي مثل هذه الأزمات الإقتصادية. وهنا يجب أن تتدخل الحكومة الجديدة لحماية هؤلاء المواطنين من الآثار السلبية للإصلاحات. هناك حاجة ملحة لوقف الأزمة الإقتصادية الناشئة وإستعادة الثقة في الإقتصاد".
ولفت أنه "ليس للبنك الدولي أجندة أو تفويض سياسي. لكن علينا واجب تنبيه شركائنا عندما نراهم في مواقف صعبة. يجب أن نوقف تدهور الإقتصاد اللبناني وعواقبه الإجتماعية. والخطوة الأكثر إلحاحا هي تشكيل حكومة سريعا تنسجم مع تطلعات جميع اللبنانيين. إلا أن تلك هي الخطوة الأولى فقط. الأهم من ذلك، هو التركيز على عوامل الإستقرار والنمو، من خلال اتخاذ إجراءات محددة زمنيا لمعالجة أي اختلالات خارجية، وتحسين فرص النمو من خلال الإستثمارات وخلق فرص العمل، ودعم القطاع الخاص، والتصدي للفوارق الإجتماعية، ومكافحة الفساد وضمان حكومة شفافة وخاضعة للمساءلة".
وختم: "لقد كان البنك الدولي شريكا قديما للشعب اللبناني، وبالعمل عن كثب مع أعضاء المجتمع الدولي، نحن على إستعداد لتقديم كل الدعم الممكن للحكومة الجديدة، التي تلتزم الحوكمة الرشيدة التي تسعى إلى خلق فرص عمل لجميع اللبنانيين، وخصوصا للشباب والنساء".