بلدة تراثيّة عريقة تحاكي تاريخ لبنان القديم، سحر طبيعتها جذب الأدباء والشعراء من كلّ أنحاء العالم، حتى وصفها الفيلسوف الكبير أمين الريحاني بـ «ضيعة الضيعات». بيوتها القرميديّة جعلت منها لوحة فنيّة مميّزة، كما أنّ رنين أجراس كنائسها شكلّ لحناً موسيقيا ً إنحنت له ملائكة السماء. من بيت شباب، المدينة الجبليّة الجامعة الراقيّة، كان لنا هذا اللقاء مع من تعب وناضل طوال سنوات ولم يمّل، في خدمة البلدة الأحبّ على قلبه وأولادها الذين يستحقّون الأفضل برأيه. رئيس البلديّة الياس الأشقر يتحدث لنا عن مسيرته البلديّة الشاقّة والمكلّلة بالنجاحات والإنجازات في حوارٍ صريحٍ ننشر فيما يلي أبرز ما جاء فيه.
- بداية ً، كيف يعرّف الياس الأشقرعن بلدته بيت شباب؟
بيت شباب بلدة تراثية قديمة جدّا ً، اعتُبرت في السابق مركزا ً تجاريّا ً وصناعيّا ً مهمّاً على مستوى المنطقة، حيث كانت معروفة بعاصمة القاطع بين المتن وكسروان. جغرافياً، تبعد بيت شباب عن بيروت بنحو 25 كلم، وارتفاعها عن سطح البحر يتراوح بين 650 و750 مترا ً، مساحتها الإجمالية تبلغ 4000 كلم2، وتضمّ نحو 14 عائلة بينها الأشقر، الحايك، يمين، وغيرها..
- ماذا تعني تسمية بيت شباب؟
أصل كلمة بيت شباب هو سرياني «بت شبابُو» أي بيت الجار والجيران، ذلك أنّ تاريخ البلدة قديم يعود إلى الأصول الآرامية.
- بماذا تشتهر هذه البلدة وما الذي يميزها ؟
إن هذه البلدة تشتهر في مجال الصناعة الحرفيّة، إذ كان هناك ما يزيد عن 20 نوعا ً من هذه الصناعات في مرحلة سابقة، لكنّ وبفعل التطور التكنولوجي بدأت تتغيّر معالم هذه الصناعات إذ لا مجال للمنافسة بين الطريقة القديمة والحديثة في العمل. اليوم لا تزال هناك صناعة الفخّار التي تعدّ من الصناعات القديمة والقيّمة جدّا ً، وهي تشكّل وجهاً عريقا ً للبلدة، إذ يتوافد إليها الزوّار من كافة القرى لإبتياع حاجاتهم من الأواني التي تصلح لتخزين الزيت، الزيتون، العرق، وغيرها. وهي بالمناسبة على درجة عالية من الجودة.
إلى جانب ذلك، توجد صناعة الأجراس التي تشتهر بها البلدة، علما ً بأنّها البلدة الوحيدة التي تصبّ كلّ أجراس كنائس لبنان والبلدان المجاورة، مع الإشارة إلى أنّ صناعة الأجراس تعتبر عملا ً دقيقا ً، يتطلّب هدوءا ً وخبرة فنيّة عالية، بالإضافة إلى كفاءة معيّنة.
- بالعودة إلى الملّفات الحياتية اليومية، كيف تعاملتم مع ملفّ النفايات؟
النفايات قضيّة مهمّة وكبرى بمستوى الدولة. في مرحلة سابقة، وكما هو معلوم، كانت شركة «سوكلين» تهتمّ بهذا الموضوع وكنّا راضين بالواقع. لكن عند حصول الأزمة، أخذنا على عاتقنا معالجة المشكلة بحيث عمدنا إلى جمع النفايات ونقلها إلى أرضٍ شاسعة بعيدة عن الأبينة والتجمّعات السكنيّة، واليوم هناك شركة خاصة تهتّم بالموضوع، علما ً بأننا كنّا بصدد التحضير لإنشاء معمل لمعالجة النفايات، إنّما وبعد تجربة عدد من البلدات المجاورة، إرتأينا ان المعمل لم يكن على مستوى التطلعات على اعتبار أن 30 % فقط من النفايات يُصار إلى إعادة تدويره فيما الـ 70% المتبقية يتمّ طمره. وبمعادلة حسابيّة عمليّة بسيطة ندرك بأن هذه الـ 30 % تكاد لا تكفي لتسديد أجور العمّال، فتراجعنا عن هذه الفكرة.
¡ هل تؤيدون اللامركزية الإدارية؟
نحن بالتأكيد نؤيّد اللامركزيّة الإداريّة ونتمنّى أن تصبح أمرا ًواقعا ً، علما ً أن علاقاتنا ممتازة مع وزارة الداخلية الوصيّة علينا ومع كافة المعنيين والإدارات الرسميّة.
{{ ورشة إنمائية كبيرة... ومستمرّة }}
- هذه دورتكم الرابعة كرئيسٍ للبلدية ، ما هي الإنجازات التي حققتوها لبيت شباب؟
إنّ الإنجازات التي تحققّت على مدى السنوات الأخيرة كبيرة وكثيرة. باختصار وعلى المستوى الإنمائي التربوي، لقد تمكّنا وبعد مجهودٍ وإصرارٍ من وضع حجر الأساس لبناء مدرسة بيت شباب الرسميّة المهنية في العام 2001. هناك أيضا ً ثانوية بيت شباب الرسميّة، التي بدأ العمل فيها بمبادرة شخصيّة منّي، بعدما تمنيّت على الوزير المختصّ إجراء توكيل خاص بإسمي على اعتبار أن الأرض تستملكها الدولة وهي بإسم وزارة التربيّة، وبالفعل أخذت على عاتقي، وبمساعدة من أبناء بيت شباب وبعض المحبّين للبلدة بناء هذه المدرسة التي فاقت تكلفتها المليون دولار، وقد فتحت أبوابها السنة الماضية، علما ً أن التدشين الرسمي سيكون الشهر المقبل.
في مجالٍ آخر وفيما يتعلّق بدار البلديّة، لقد قمنا بشراء ديرٍ كان يتبع لراهبات القلبين الأقدسين، وعملنا إلى تحويله إلى مقرّ للبلدية بعد خضوعه لعمليّة ترميم واسعة، وقد دُفع ثمنه من صندوق البلديّة، وهنا ألفت النظر إلى أننا سعينا ونسعى إلى مكننة العمل البلدي ومواكبة الحداثة قدر المستطاع.
في الشؤون الإنمائية أيضا ً، لقد نجحت البلديّة في إيجاد حلّ لمشكلة بيئيَة كبيرة ومزمنة عانت منها البلدة والأهالي منذ عشرات السنين. وكانت تتمثل بانتشار ما يزيد عن 800 بقرة بين المنازل السكنيّة. أمام هذا الوقع، قرّرت البلديّة نقل هذه الأبقار إلى خارج البلدة من دون أن تُلحق أيّ ضررٍ ماديّ بأصحابها. ولهذه الغاية، قرّر المجلس البلدي تشييد مبانٍ خاصة في أرض شاسعة بعيدة عن الأماكن السكنيّة بالإضافة إلى شقّ طريق خاصّ للوصول إليها.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى المشاريع العديدة المنجزة والتي تتعلّق بالبنى التحتيّة، بدءا ًمن تحديث شبكات الصرف الصحيّ وصولا ً إلى تأهيل الطرقات من خلال إنارة وأرصفة، بالإضافة إلى مشاريع تجميل البلدة وتشجير الساحات العامة، كما عملت البلديّة على إنشاء مركز دائم للدفاع المدني في البلدة وغيرها من المشاريع التي هي قيد الإنجاز.
{{ أتينا لنعمل وليس للتباهي }}
- ماذا تقولون عن صيف بيت شباب لهذا العام؟
هناك نشاطات عديدة ومتنوّعة تشهدها البلدة، كما أقمنا معرضاً ومهرجانا ً ضخماً في شهر آب الفائت، حيث تضمن حفلات غنائية للفنانة الكبيرة باسكال صقر والفنانة مادونا وغيرها من الأنشطة الثقافية والفنيّة.
- كلمة أخيرة ...
أحب أن أنهي هذا اللقاء بالتشديد على أنّنا وفينا بالوعود التي أطلقناها، ونفذّنا على الأرض ما كان مكتوبا ًعلى الورق، ومستمرّون في العمل للنهوض ببلدتنا، فنحن أتينا لنعمل وليس للتباهي والمظاهر.